ليس هناك من شك بأن الاحداث والتطورات الجارية في إيران وحالة التشنج والتوتر والاضطراب التي تکاد أن تطغي على مختلف جوانب الحياة، وإن الکثير من الاحتمالات المختلفة باتت تطرح على بساط البحث ويبدو بأن معظم الاحتمالات غير الإيجابية هي التي تنتظر إيران، ولاريب من إن إيران تعلم بأن أوضاعها من کل النواحي ليست على مايرام ولذلك تسعى بکل ماأوتيت من أجل عملية إعادة خلط أوراق من أجل أن تجد لها منفذا، وبطبيعة الحال فإنها تسعى من أجل الاستفادة من نفوذها في بلدان المنطقة وفي مقدمتها العراق کورقة تلعب وتساوم بها القوى المضادة لها وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريکية.
هل کان النفوذ الايراني في المنطقة أو بکلام أکثر وضوحا، کل کانت التدخلات الايرانية في بلدان المنطقة مفيدة أو فيها شئ من الفائدة والمنفعة لبلدان المنطقة؟ الاجابة تکون صاعقة عندما نعلم وفق لغة الارقام بأن هذه التدخلات لم تکن مفيدة للشعب الايراني ذاته، فکيف والحال مع شعوب وبلدان المنطقة؟ لقد أسست التدخلات الايرانية في بلدان المنطقة ليس لظهور وانما بروز النعرات الطائفية بأبشع صورها وصارت شعوب العديد من البلدان تعاني من الانقسام والمواجهة، فلم يعد هناك عدو خارجي وانما صار العدو في الشعب ومن الشعب، وهذه الحقيقة المرة وبعد أن دفعت شعوب المنطقة ثمنا باهضا من أجلها ولاسيما الشعب العراقي بشکل خاص، صارت معروفة وصارت الطائفتان الشيعية والسنية تدرك وتعلم جيدا بأن المستفيد الوحيد من حالة الانقسام والمواجهة بينهما العدو الخارجي أيا کان وبشکل خاص النظام الايراني نفسه، مهندس ومختلق وموجه هذه الحالة السلبية القذرة.
الاحداث والتطورات الجارية على الصعيد الايراني وکما ذکرنا في بداية هذا المقال، ليست لصالح النظام القائم في إيران، خصوصا إذا ماإنتبهنا الى حقيقة بالغة الاهمية وهي إن الشعب الايراني لايکترث أبدا بإعلام النظام من حيث سعيه لتوظيف المواجهة مع واشنطن من أجل کسب الشعب الايراني الى جانبه وإمتصاص حالة الاحتجاجات العنيفة التي يواجهها منذ 28 ديسمبر/کانون الاول 2017، بل والانکى من ذلك إن الشعب يهتف جهارا شعار””عدونا النظام وليست أميركا”، وکذلك”الموت للديكتاتور”، في إشارة لخامنئي ذاته، ولاغرو إن هناك الکثير من نقاط الضعف الکبيرة في النظام والتي ستشکل ثغرات تتسع وتتسع ولايمکن سدها وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن إنکشاف أمر العملية الارهابية التي کانت المخابرات الايرانية تريد القيام بها ضد التجمع العام للمقاومة الايرانية في باريس وإعتقال قائد العملية”أسد الله أسدي”، السکرتير الثالث للسفارة الايرانية في النمسا، وتقديم مشروع في الکونغرس الامريکي ضد هذه القضية تحديدا، أضعف موقف النظام کثيرا وأنزل من هيبته ومکانته أمام المقاومة الايرانية في حين إن الاخيرة قد إرتفع رصيدها کثيرا، هذا ناهيك عن إن الهبوط الاستثنائي لقيمة العملة الايرانية الريال وماأعقبتها وتعقبها من تظاهرات وإحتجاجات وإضرابات وإعتصامات، جعلت النظام في حالة يرثى لها، وإن قيامه بمناورات في الخليج وکذلك تظاهره برفض الحوار مع الامريکيين، تدل على قمة وذروة إحساسه بالضعف والخوف معا، خصوصا وإن الداخل الايراني يغلي غضبا ومن الممکن جدا أن تخرج الاوضاع من السيطرة ويحدث مالايتصوره أحد، ولذلك فإن النظام مشغول بإيجاد ثمة سيناريو في أحد البلدان التي تخضع لنفوذه وإن التقديرات تشير الى أن العراق مرشح لذلك، ولأن الاوضاع التي يمر بها هذا النظام إستثنائية ومصيرية، فمن البديهي أن يسعى لإعداد سيناريو خاص يخطف به الانظار ويجعله الحديث الابرز أن لم يکن حديث الساعة، والذي يحفز هذا النظام أکثر لکي يلعب هکذا لعبة، هو تيقنه من الشعب العراقي بشيعته وسنته وکل أطيافه صارت ترفضه وتطالب بإنهاء نفوذه في العراق، ومن هنا فإن أي سيناريو غريب وغير متوقع وطارئ يجب على العالم کله أن يعرف من إنه لعبة من جانب النظام الايراني على وجه التحديد!