عبد الرضا حمد جاسمبعد عودة الراحل الوردي من الغرب وتحت تأثير ذلك الذهول وتلك الدهشة وذلك التحول واندفاعه كما اتصور في الواجب الذي أعْتَقِدْ ان الراحل الوردي اعْتَقَدَ، ان عليه العمل للحد من تأثير التفكير الوعظي على المجتمع العراقي حيث كتب في ص74 من كراسة شخصية الفرد العراقي / بحث في نفسية الشعب العراقي على ضوء علم الاجتماع الحديث / 1951 كتب التالي: انقل لكم من / الطبعة الثانية 2001 / منشورات دار ليلى / لندن: [الخلاصة ان الفرد العراقي مبتلِ بداء دفين هو داء الشخصية المزدوجة. وقد يسأل سائل: ما هو العلاج الذي ترتأيه لهذا الداء؟: اننا ما دمنا قد عرفنا الأسباب التي تؤدي اليه فقد اتضح إذن وصف العلاج. لعلي لا أخطأ إذا حصرت العلاج بأنواع ثلاثة: [أولاً: إزالة الحجاب عن المرأة ورفع مستواها وإدخالها في عالم الرجل كي تتوحد القيم ويتشابه الرجل والمرأة فيما يفهمان وما ينشدان من مُثل وأهداف] انتهى.
أقول: ذكرتُ هذا المقطع سابقاً لكن الجديد هنا الجزء المختص بالعلاقة بين الحجاب والانحراف الجنسي وازدواج الشخصية”أن الفرد العراقي مبتل بداء دفين هو داء ازدواج الشخصية…” العجيب ان هذا الطرح جاء بعد سنة واحدة من نيله لشهادة الدكتوراه وعودته الى ارض الوطن وفي اول محاضرة عامه له بعدها وفي اول اصدار له وفي نفس العام الذي استلم فيه تقرير احد طلابه عن انتشار الحجاب في مدينة هيت”راجع لطفاً المقالة السابقة”…الغريب هنا ان الراحل له الذكر الطيب قبل ان يبدأ بدراسة المجتمع العراقي بعد تخصصه في علم الاجتماع جزم بهذا الشكل الغريب وهذا يدفعني الى الاعتقاد ان رأي الوردي هذا مجرد اعتقاد / تصور لم يتمكن وقتها من اثباته.
ما له علاقة بالحجاب والانحراف الجنسي من هذا المقطع هو اول أنواع العلاج الثلاثة التي اقترحها الراحل الوردي.
هذه المرة الأولى والأخيرة التي طرح / اقترح فيها الراحل الوردي حل / حلول لمشاكل المجتمع العراقي.
كل ذلك كان تحت وقع / تأثير “قد انذهلتُ حين رأيت” و”اعتراني من الدهشة”… مع ذلك فانه ترك الأجيال في حيرة فلم يبين لنا كيف تتم عملية إزالة الحجاب والعراق في عام 1951 لتكون فكرته تلك جيده وممكنة التحقيق…وتتناسب مع ما كتبه في ص16 مهزلة العقل البشري: [لا يكفي في الفكرة ان تكون صحيحة بحد ذاتها. الأحرى بها ان تكون عملية ممكنة التطبيق وكثيرا ما تكون الأفكار التي يأتي بها الطوبائيون من أصحاب البرج العاجي رائعة ولكنها في الوقت ذاته عظيمة تضر الناس أكثر مما تنفعهم] انتهى
وهو الذي كتب في ص15 / مهزلة العقل البشري التالي: [اننا لا ننكر على أي حال ما للسفور من مساوئ ولكن لا يمنعنا من الاعتراف بمساوئ الحجاب أيضا، فليس في هذه الدنيا ظاهرة اجتماعية تخلو من محاسن او تخلو من مساوئ ولعل هذا القول لا يريد ان يفهمه ارباب المنطق القديم] انتهى
أقول: طبعاً لا أحد منع الراحل الوردي من الاعتراف بمساوئ الحجاب لكن كان عليه كما اعتقد ان لا يمتنع راغباَ عن ذكر مساوئ السفور حيث ان ذِكْر هذه المساوئ يضع الاثنين “الحجاب والسفور” امام الناس ليقارنوا بين المُجرب المطالبين بالتخلي عنه والجديد المطالبين بالأخذ به وتعميمه. ووفق قول الوردي “فليس هناك من ظاهرة اجتماعية تخلو من محاسن او تخلو مساوئ” ويكمل الوردي قوله: “و لعل هذا القول لا يريد ان يفهمه ارباب المنطق القديم”..اذن كان على الراح تبصير أصحاب هذا المنطق والاخرين بذلك واعتقد ان هذا كان واجباً على الراحل الوردي.
الحجاب أدى الى انتشار الانحراف الجنسي المكتسب وبالتالي الى ازدواج شخصية الفرد العراقي كما أكد على ذلك الراحل الوردي في كل كتبه منذ عام 1951 وكان هذا محور كل “نظرية” الوردي عن المجتمع العراقي وقد تطرقتُ الى ذلك في السابقة والسابقات. لكنه لم يبين لنا مساوئ السفور والى ماذا يؤدي؟ هل يؤدي الى “لا انحراف جنسي مكتسب”؟ هل يقلل أو يُحِد من انتشار الانحراف الجنسي المكتسب؟ هل يؤدي الى “لا ازدواج الشخصية” التي تفرد بدرجتها الفرد العراقي عن باقي البشر كما كتب الوردي؟
فكرة الوردي هذه هل هي صحيحة وممكنة التطبيق في وقتها وما بعد وقتها واليوم؟
الا ينطبق عليها قول الوردي “… أفكار الطوباويون أصحاب البرج العاجي”؟ ماذا يقول الراحل الوردي عن حالة النساء في العراق والمنطقة اليوم وهو “يرى” الغالبية العظمى منهن متحجبات وبعضهن منقبات ويتظاهرن مطالبات بتشديد الحجاب ويبررن ذلك ويدافعن عن حجابهن بقوة حد الموت. ماذا يقول عن تأثير الواعظين / الوعاظ على الأجيال في العراق ومحيط العراق حيث وصل ذلك التأثير الى دفعهم الى الانتحار لقتل الأبرياء “وهم مزهوين فرحين” ويقارنه بتأثير كتاباته؟ [ملاحظة: لقد قلتُ منذ الجزء الأول انني سأعتبر الراحل الوردي بيننا لأنه كذلك فعلا والدليل هو انني اناقش ما كتب وقدم…له الذكر الطيب دائماً].
فكرة الوردي تلك رافقته حتى أيامه الأخيرة فلم يُغير فيها او يتغير عنها في كل ما قاله منذ عام 1951الى يوم رحيله، له الذكر الطيب والرحمة، رغم ما نشره عن ندمه وعن اعترافه بتناقضاته لكنه لم يحدد او يعترف بفشله او تناقضه في نقطة او فكرة محدده حيث تَعَّوَدَ الاعتراف في سياق الكلام والإصرار على ما قال / يقول كتب / يكتب في كتبه التالية وحتى بنفس الكتاب. لكنه تَغَّيَرَ في حالتين في كتابه / الاحلام بين العقيدة والعلم الصادر عام 1959أي بعد ثورة”هزة”14 تموز1958 حيث بدأ يكرر أسماء ماركس ولينين وما وتسي تونغ “ص23،ص207،ص208تلك التي لم يتطرق لها او يُلمح اليها كل تلك السنين!!!!! هذه الأولى [لنا جزء لاحق حول الراحل الوردي والصين]. والثانية حين كتب في ص9 من نفس الكتاب التالي: [فقد كان ابن حجر حين ألف كتابه يعيش في الحجاز تحت ووطأة الاسرة الهاشمية التي وقعنا نحن ايضاً تحت وطأتها في المدة الأخيرة وعانينا من ظلمها وتسفلها ما عانينا] انتهى. ((صحيح انه انتقد الحكم الملكي…لكن”تسفل العائلة الهاشمية” اعتقد لا يمكن ان يصدر عن عالم اجتماع))
الان اسمحوا لي بمناقشة ذلك الاقتراح / الحل الذي طرحه الوردي حيث سأجعله في نقاط، يقترح الوردي التالي:
1. إزالة الحجاب:
أقول: ذلك الحجاب الذي قال عنه الوردي انه نشأ في العراق في العهد العباسي قبل قرون طويلة عديدة…أي انه ان صح قول الراحل الوردي قد ترسخ في العقل الباطن لأفراد المجتمع العراقي وتَسَّيَدَ ثقافتهم الاجتماعية وتمترس في قوقعتهم الفكرية وتشكل منه اطارهم الفكري وتوارثته الأجيال مصحوباً بنصوص مقدسة وفتاوى متعددة وحملات وعظ واقناع وترهيب.
في ص54مهزلة العقل البشري كتب التالي: [الواقع ان الانسان يؤمن بعقيدته التي ورثها عن آبائه اولاً ثم يبدأ التفكير فيها اخيراً وتفكيره يدور غالباً حول تأييد تلك العقيدة ومن النادر ان نجد شخصاً بدل عقيدته من جراء تفكيره المجرد وحده فلا بد ان يكون هناك عوامل أخرى نفسية واجتماعية تدفعه الى ذلك من حيث يدري او لا يدري] انتهى
وفي ص55 كتب: [فالعقل البشري مغلف بغلاف سميك لا تنفذ اليه الأدلة والبراهين الا من خلال نطاق محدود جدا وهذا النطاق الذي تنفذ من خلاله الأدلة العقلية مؤلف من تقاليد البيئة التي ينشأ فيها الانسان في الغالب وهذا ما اسميته في أحد كتبي السابقة بالإطار الفكري] انتهى
في ص46 من خوارق اللاشعور كتب الوردي التالي: [ان الانسان لا يستطيع ان يتخلص من اطاره الفكري الا نادراً فهو فرض لازب عليه، فالإطار شيء كامن في اللاشعور كما المحنا اليه انفاً والانسان لا يستطيع ان يتخلص من شيء لا يشعر به] انتهى
أقول: الم يصبح الحجاب العباسي بعد أكثر من اثنا عشر قرناً جزء من العقيدة؟ ألم يصبح الحجاب بعد كل تلك القرون جزء من تقاليد البيئة التي ينشأ عليها الانسان أي ذلك الذي أطلق عليه الوردي الإطار الفكري؟ الم يصبح الحجاب من ضمن الأمور التي ورثها الانسان عن آبائه ثم بدأ التفكير به وغالباً ما كان تفكيره يصب او يدور حول تأييد تلك العقيدة / ذلك الموروث؟ ألم يصبح الحجاب شيء كامن في اللاشعور والانسان لا يستطيع التخلص منه؟
هذه الأسئلة لا تكتمل الا بسؤال عن تشدد الحجاب في مدينة هيت الذي اشرتُ اليه في الجزء السابق والسؤال هو:
كيف تخلصت / تحولت المرأة في مدينة هيت من السفور الى الحجاب بتأثير نساء الموظفين وبتلك السرعة؟
2. رفع مستواها:
ماذا يعني الراحل برفع مستواها وأي مستوى ذلك الذي يطالب الدكتور برفعه؟ وهل مستواها يرتفع بفعل فاعل، وإذا كان: من هو هذا الفاعل؟ هل الرجل الذي توارث ايمانه بأهمية حجابها لعدة قرون؟ ام المرأة نفسها في ظل ثقافة اجتماعية تقدس الحجاب؟ أم بفعل المتنورين من أمثال استاذنا الوردي الكريم بأن يكون قدوة في ذلك سواء بتأسيس جمعيات او منتديات او النزول للشارع في محيطه الضيق اولاً ليتوسع بمساعدة تلاميذه / رجال ونساء؟ أم ان طلبه هذا موجه للحكومة والحُكام الغارقين في المشاكل الداخلية والخارجية والمرعوبين من نصوص يحترمها الشارع ويقدسها…
الراحل الوردي عاش تجربة قانون الأحوال الشخصية 1959 وسمع كما اعتقد وهو في مكتبه داخل بيته الهتاف المزلزل “”بعد شهر ماكو مهر”” ولم أجد له رأي فيه في كل ما قرأته للراحل الوردي.
3.إدخالها في عالم الرجال:
كيف تتم عملية “إدخالها “تلك؟ هل رغماً عنها اوعن الرجل اوعن الثقافة الاجتماعية السائدة؟ وماذا لو اُدْخِلَتْ عالم الرجل؟ وهذا الواضح من “إدخالها” أو حتى دَخَلَتْ،في الحالتين كيف يُحل موضوع النص الذي يقول “…إلا وكان ثالثهما الشيطان”؟، وأسْبُقْ أي اعترض او تفسير فأقول أن عالم الرجال واسع جداً ومع المرأة بالذات وفي ظروف مثل ظروف العراق فهو بوسع الحياة وحتى نكون بقدر المسؤولية يجب ان نضع كل الاحتمالات فهو ليس ادخال قطيع من البقر على مجموعة من الثيران “مع كل الاحترام والتقدير للجميع”…انه مجتمع / مجتمعات متنوع(ه)،متعدد(ه) وتتحكم بأعضاء هذا المجتمع / المجتمعات اُطر و”قوقعات” فكرية وثقافات اجتماعية متنوعة ومختلفة حد التصادم الجارح / الإبادة…الخ.”
قد يُفهم من الاقتراح ان الوردي قد تأكد تماماً من قبول الرجل / تلك العملية / العمليات وكان راغباً بها وداعماً لها وبقيت المرأة رافضةً لها، فعليه يجب إزالة الحجاب عنها عنوةً ويجب زجها في عالم الرجال رغماً عنها وعن الذكور من أهلها.
وهنا من حقي ان أسأل الراحل الدكتور علي الوردي السؤال الاعتيادي التالي:
هل طَّبَقْتَ ما ناديتَ به على من يُمْكِنُكَ تطبيه عليهم ليكونوا نموذجاً يُحتذى به؟ الجواب بوضوح ودقة كلا.
وهنا صارلزاماً عليَّ أن اطرح السؤال التالي:هل اللغة التي تكلم بها الوردي في هذه النقطة تتوافق مع ما كتب في اسطورة الادب الرفيع ص 73:[فاللغة يجب ان تكون دقيقة في التعبير عن مقاصدها لكي تؤدي وظيفتها الاجتماعية تأدية وافية] انتهى؟
…………….
وفي ص8 / الهامش / وعاظ السلاطين كتب الوردي: [ويبدو أن وعاظنا يستسيغون انتشار الانحراف الجنسي بين الناس ولا يستسيغون انتشار السفور ولعلنا لا نغالي إذا قلنا إن الانحراف الجنسي منتشر بين الوعاظ أنفسهم أكثر من انتشاره بين غيرهم وهذه هي عاقبة من يغفل أمر الطبيعة البشرية ويعظ بما يخالفها] انتهى..[اشرت الى هذا النص في السابقات].
اعود الى هذا المقطع لأن الراحل الوردي هنا بين السفور والانحراف الجنسي…ويمكن تفسير هذا المقطع بشكل اخر هو:
أن الذي “يستسيغ” انتشار الانحراف الجنسي أي الوعاظ لا “يستسيغ” انتشار السفور …ويمكن ان أقول إن ذلك يعني ان مَنْ “يستسيغ” انتشار السفور “يستسيغ” انتشار الانحراف الجنسي.
هل يقبل الراحل الوردي بهذا الرد على طرحه؟؟؟
هذا يعني ان الراحل الوردي هنا تعامل مع القضية “يسود يبيض” أي لا يوجد بين الوعاظ من لا “يستسيغ” انتشار الحالتين / الظاهرتين السفور والانحراف الجنسي وبذلك عاد الوردي هنا الى جاحظيتة / ارسطوطاليسيته التي لم تفارقه.و لتأكيد كلامه هذا اضاف عبارة تعني ان الراحل الوردي عرف اسباب ارتفاع الانحراف الجنسي عند الوعاظ حيث صاغ كلام غريب هو :[ وهذه هي عاقبة من يغفل أمر الطبيعة البشرية ويعظ بما يخالفها]…
في ص231 اسطورة الادب الرفيع كتب الوردي التالي: [وقد دفعت هذه الطريقة المنطقية بالجاحظ الى ان يكتب في أي موضوع يشاء ذما ومدحا فهو يكتب في الشيء ونقيضه يستطيع ان يأتي لكل وجهة بما يؤيدها من الأدلة المنطقية فإذا أراد ان يمدح الشيء بحث عن مقدمة تصلح له فيبني عليه النتيجة التي يريدها إذا أراد ان يذم الشيء ان يبحث عن مقدمة مناقضة…الخ] انتهى
وفي ص234 كتب [والذي اراه ان الجاحظ كان ذا نزعة ارسطوطاليسية طاغية حيث كان يؤمن بالحقيقة المطلقة ويعد العقل الوسيلة الوحيدة للوصول اليها ولكنه كان من الجانب الاخر كغيره من علماء الكلام يناقض نفسه من حيث لا يشعر، فهو يكتب كما تمليه عليه العاطفة او المصلحة الانية ويستخرج المساوئ او المحاسن كما يشتهي ثم لا يستحي بعد ذلك ان ينادي بالحقيقة المطلقة ويدعو الناس اليها.] انتهى
و هذا حال استاذنا الدكتور الوردي له الذكر الطيب والرحمة
………………
استغراب هنا من قول عالم اجتماع الراحل الوردي: “يبدوا ان وعاظنا يستسيغون الانحراف الجنسي بين الناس ولا يستسيغون انتشار السفور”!!
لماذا لم يقٌل الوردي انهم لم يفهموا خطورة الحجاب وتأثيره…أو ان مواعظهم لا تحل مشاكل المجتمع…أو إنهم لا يعلمون ما للحجاب من اخطار. اولا يعلمون نتائج التشدد في موضوعة الحجاب. اليس هذه العبارات تفي بالغرض وتبين فهم او احترام عقل المقابل فمن لا يعرف معذورو لنعتبر الوعاظ لا يعرفون او انهم يتصرفون تحت تأثير اطارهم الفكري وما ترسخ في عقلهم الباطن.
هل قال أحد الوعاظ في رده على الوردي ان الوردي يستسيغ الانحراف الجنسي بدعوته غير المفهومة او غير الواضحة لرفع الحجاب وازالته / السفور؟…وكان بإمكانهم ان يعلنوها وصوتهم اعلى من صوته…لكن اغلبهم تميز بالحكمة في هذا الموضوع.
وجاء فيما كتب الوردي انه: “لا يغالي أذا قال ان الانحراف الجنسي منتشر بين الوعاظ أكثر من انتشاره بين غيرهم”!!!
أقول: إنَ هذا الكلام غير مقبول اطلاقاً لسبب بسيط وهو ان الراحل الوردي لا يستطيع اثباته وهذا عيب علمي ولغوي حيث إنْ كان كذلك فهذا يُفَنِدْ كل طروحات الوردي حول انتشار الانحراف الجنسي في العراق وعلاقته بالحجاب! لماذا؟ الجواب بسيط وواضح وهو ان عدد الوعاظ في كل مجتمع قليل ولما كان الانحراف عندهم كما طرح الوردي أكثر من غيرهم فهذا يعني ان الانحراف الجنسي بين الملايين / سكان المدن في العراق قليل جداً وليس كما كتب الوردي بأنه “لواط 40%” حتى لو كان الوعاظ يشكلون 40% من سكان المدن في العراق.
كم عدد الوعاظ قياساً الى ملايين سكان المدن العراقيين؟ الجواب: انه رقم لا يُذكر ولما كان الانحراف الجنسي عند هذا الرقم الذي لا يذكر أكثر من غيرهم فهو يعني ان الانحراف الجنسي عند سكان المدن العراقية رقم اقل من الرقم الذي لا يُذكر..
طرح الراحل الوردي هذا بهذه الصيغة / اللغة كان يجب ان يُطرح على كل الصُعُدْ والمستويات بما فيها القانونية بدعوى الطعن والمساس بشرف الناس واخلاقهم وقيمهم مع مطالبته بإثبات هذا القول…هذا قول يمكن لكل مهتم بعلم النفس او المجتمع ان يضع عشرات بل مئات علامات الاستفهام على الراحل الوردي / نفسيته / كتاباته / نظريته.
ويمكن لمثل هذا القول لو قيل اليوم وفي أي دولة بما فيها الولايات المتحدة الامريكية لكانت ضجة كبرى لا تُعرف ابعادها تزيد عما يُتداول اليوم في العالم فيما يخص “التحرش الجنسي”
كيف سمح الوردي لنفسه ان يقول هذا القول؟ الجواب:لا اعرف!!! لكن اقول ان علماء الاجتماع في الغرب لا يطلقون مثل هذه الأقوال دون تدقيق وإحصاء لأنهم مسؤولين عن اثباتها بالحقائق العلمية.ولأنهم يحترمون تخصصهم وكلماتهم فلا يطلقونها دون ذلك.
…………….
عن النمحرف جنسياً كتب الراحل الوردي:
1.في ص12 مهزلة العقل البشري التالي: [نحن لو درسنا طبيعة الانحراف الجنسي المنتشر في البلاد المتحجبة لوجدنا فيه بعض معالم الاكتساب والميل الى التعويض في الغالب] انتهى
2.في ص 12 / مهزلة العقل البشري كتب الراحل الوردي: [ان المنحرف الذي يكتسب انحرافه من محيطه يميل الى الغلام الناعم البض الذي يشبه المرأة في تكوين بدنه او ملامح وجهه اما المنحرف الطبيعي فهو يميل الى الرجل العملاق الخشن الذي تتوافر فيه معالم الرجولة انه بمعنى اخر انثى بصورة ذكر] انتهى
3.وكتب في ص 351من دراسة في طبيعة المجتمع العراقي: [ان المنحرفين الطبيعيين يتميزون عن غيرهم من المنحرفين بكونهم ذوي طبيعة جنسية شاذة فالرجل منهم يميل الى رجل كامل الرجولة متين العضلات كث الشعر. وكذلك الانثى منهم اذ هي تميل الى انثى ناعمة متغنجه ] انتهى
أقول:يؤكد الراحل الوردي على كلمة / مفهوم “المنتشر” ولم يتغير في طرحها نحو الأفضل في اللغة والمعنى الصحيح والدقة واقصد “موجود”…رغم وجود عبارة”بعض معالم الاكتساب” واكثر الحديث يدورعن الانحراف المكتسب ويضيف اليها الراحل هنا عبارة “و الميل الى التعويض في الغالب” بقصد واضح
وهنا سأتكلم عن هذا “الغالب”: بَيَّنَ لنا الراحل الوردي عن ميل المنحرف الإيجابي نحو الغلام البض الذي يشبه المرأة في تكوين بدنه وملامح وجهه…ولم يخبرنا عن الفتاة التي تكتسب انحرافها من محيطها نحو مَنْ مِنَ الناس تميل؟ هل تميل الى المرأة الخشنة التي لها ملامح الرجل؟…أم ان الانحراف المكتسب يحصل في الرجال / الذكور فقط؟…ومع هذا اسأل الجميع ومعهم الراحل الوردي:كم عدد هؤلاء الغلمان “الناعم البض” في العراق؟ كم عددهم بين ملايين الملحان الصفران المرضى المتعبين المصابين بسوء التغذية؟ ربما لا يوجد أكثر من 0.01% وربما اقل ممن ينطبق عليهم وصف الوردي. من هذا يمكن ان أقول ان الوردي يأخذ النموذج الشاذ ويعممه وبطرحه هذا يبين الوردي أنه يمشي في بعض الأزقة في بغداد ومقاهيها حيث تَصَّيَدَ مثل هذه الصورة التي اُعجب بها وسيطرت على عقله ليصور انها عامه في كل العراق الذي لا يعرف عنه شيء. هنا السبب في ذكر الوردي ل “في الغالب” حتى لا يقال كما قلتُ هنا.
ويبين لنا ميلان / ميل المنحرف السلبي / الجيني بالنسبة للذكر والانثى…فالذكر كما يقول يميل الى رجل كامل الرجولة متين العضلات كث الشعر…ويمكن من خلال بحثه المتواصل عنه في الازقة والمقاهي أن يعثر عليه…لكن المرأة اين تحصل على تلك الفتاة / الانثى الناعمة المتغنجة كانت محجورعليها بفعل التشدد في الحجاب؟…يبقى احتمال واحد هو ان المسكينة تحصل على ما تتمنى “بين العوائل والمعارف” من خلال “القبوليات””و المناسبات” وهذه تحكمها ظروف حيث تواجد الاخريات وصعوبة الانفراد والخوف من حدود المكان الضيق / اهل الطرفين والخوف من “الصيت” السيء.
………….
في ص352 من دراسة في طبيعة المجتمع العراقي كتب: [يمكن القول ان الانحراف الإيجابي سائر في سبيل التقلص بين أبناء الجيل الجديد شيئاً فشيئاً وقد ساعدهم على ذلك سفور المرأة وانطلاقها الحديث فصرنا نرى الشبان يركضون وراء الفتيات ويطارحونهن افانين الغزل والغرام بدلاً من الركض وراء الغلمان] انتهى
أقول: الإيجابي يعني المكتسب يعني الذي انتشر بفعل / تأثير الحجاب… بعد الحجاب صارت مطارحات الغزل والغرام تلك التي رآها الراحل الوردي والتي كما يبدو انه اقتنع ان المجتمع سمح بها؟ لكن كيف يشبع الذكر أو الانثى حاجته الجنسية تلك التي اهتاجت نتيجة تلك المطارحات؟ ووفق ذلك كيف سيؤثر السفور وتلك المطارحات في الانحراف الجنسي / زيادة او نقصان…انتشار او انحسار / تقلص؟
يجيب الراحل الوردي في ص360 من نفس الكتاب وهو يتكلم عن المرأة العراقية حيث كتب التالي: [.. فهي تخشى الرجال خشية بالغة وتتزمت كل التزمت في سلوكها اتجاههم انها تعلم ان أي لين يبدو عليها في التحدث معهم او في مخالطتهم يثير حولها الاقاويل والشبهات وقد يؤدي بها الى الموت الزؤام او العار الدائم…] انتهى
وكتب في نفس الصفحة: [وقد اعتاد الرجال في العراق على هذا التزمت والحذر الشديد في المرأة بحيث صاروا يتوقعون منها ان تكون “باردة” تجاههم تخفض بصرها عند محادثتهم ولا تبتسم لهم ابداً. فاذا وجدوا في احدى النساء لينا او ابتساما خيل إليهم ان “الغرام” استحوذ على قلبها فجعلها مدلَّهة لا تكترث لأقاويل الرقباء والعذال] انتهى
ويكمل في نفس الصفحة: [ربما صح القول بان الرجل العراقي أمسى ضعيفا تجاه النساء فاذا حاوت احداهن اغوائه بشيء من الغنج واللين خلبت لبه وسيطرت عليه دون ان يجد في نفسه قدرة على مقاومتها] انتهى
ثم كتب في نفس الصفحة: [لا ننكر ان هذا الضعف اتجاه المرأة موجود في جميع الرجال في العالم. ولا نستثني منهم في ذلك سوى ذوي الانحراف الجنسي الطبيعي. لكن هذا الضعف يختلف من حيث شدته فيهم حسب اختلاف الظروف الاجتماعية التي تحيط بهم. لاحظنا شدة هذا الضعف عند اهل المدن العراقية سابقاً في مجال “الكسلات ” وحفلات الفرح ثم لاحظناه بعدئذٍ في مجال المراقص وقد نلاحظه في مجالات أخرى. فا لرجل العراقي بصورة عامة لا يكاد يلمح امرأة، أو جماعة من النساء تنظر اليه حتى يشعر بالزهو فيتقوس في حركاته ويتحذلق في كلامه وقد يطلق النكات “الرقيعة” واحدة بعد الأخرى. فاذا رأى إحداهن تضحك لنكته منه غامت الدنيا في عينيه وأخذ يزداد رقاعة وتحذلقاً فهو يحسب انه خلب لب المرأة وما درى انها هي التي خلبت لبه. انه في واد وهي في واد] انتهى
أقول: اذن اين المطارحات وذلك الغزل والغرام الذي رآها الوردي ورآهم يركضون وراء الفتيات؟
ارجو الانتباه الى ان الراحل الوردي حتى في هذه النقطة ميَّز الرجل العراقي عن الرجال في العالم واطلق قوله هذا ليصف العراقيين بالرقاعة والضعف امام المرأة وكأنه ينقل احاسيس شخص قريب منه يعرفه حق المعرفة وعمم تلك الرقاعة على كل رجال العراق واكيد لم يستثني احد منهم…و الغريب انه اعتمد في ذلك على ما قال عنه انه لاحظ ذلك في “الكسلات” التي لا يعرفها ربما 90% من الشعب العراقي وكذلك اعتمد على ما يدعي انه لاحظه في المراقص التي لا يوجد منها في كل العراق اكثر من عدد أصابع اليد الواحدة…إلا اذا كانت هناك مراقص وكسلات في الكاظمية والنجف وكربلاء والسماوة والبصرة والناصرية ولأنبار وغيرها والعراقيين لا يعلمون…هذه قياسات من يطلق الكلام دون رقيب الضمير والمجتمع والسلطة والعلم والصدق. وانا اسأل كل من قرأ الوردي: هل زرت مرقصاً او تواجدت في “كسلة”؟؟؟ الجواب عن اغلبهم وبالذات من كتب عن الوردي اجزم ب لا وكلا والف كلا ولا
…………..
اختم هذا الجزء بالتالي: حيث كتب الوردي في نهاية ص17 من مهزلة العقل البشري التالي / [وإذا اراد الرجل استغلالها من جديد استطاعت أن تكيل له الصاع صاعين فهي تستطيع أن تعمل كما يعمل وتدرس كما يدرس وتتحذلق كما يتحذلق وهي فوق ذلك تملك من سلاح العيون والنهود ما يجعله راكعاً بين يديها ينشد قصائد الحب والغرام] انتهى.