تسرب القلق في دواخل البعض، فأصبح لا يفارق الحياة بمفاصلها، وانطلق يشرعن ذلك الانتشار بأعذار تنطلي عليها صور من التشاؤم، فمن يقتنع ان الأمور آلت الى الاستقرار؟، وان الإشاعات تخترق أسماع مجتمعنا؟، فكانت تلك كأسوار تدور بفلك مغلق حولها آلاف الآمال والآلام، فكانت الثورة.
في خضم إلتهاب الأحداث في العراق، ومع إلتهاب حرارة الصيف، بدأت التظاهرات في العراق تنحو منحى آخر، فكانت كمن يثور على نفسه، فبدلا من المطالب المشروعة، بدأ بعض المندسين يشرعن الدخول لدوائر الدولة، ويحطم ما تيسر له من ممتلكات.
لم تخلُ هذه الثورة من تخطيط من قبل الأجندات الخارجية في توقيتاتها وفي مطالبها، التي بدأت بالخدمات، وصولا للنيل من المرجعية المقدسة، تلك الأجندات باتت لا تخفى عن الجميع، من تكون؟ وما هي اهدافها؟
هتافات شبابية باردة، ترفع لافتات منددة بخطبة الجمعة، ومن اعتلى منبرها، يدعون أنهم نخب وناشطون، ويعتلون صهوات الشوارع بذاكرتهم البالية، التي تناست عمدا ما للمرجعية ولمنبرها من دور كبير في درء الخطر الماحق الذي داهم البلاد، والذي انتهك الحرمات، واهلك الحرث والنسل، لولا فتوى الجهاد الكفائي.
يدعون العلمانية، ويتهكمون على مفردة ترتقب، التي تملك من القوة ما ان مفاتحه لتنوء، بدون أدنى جهد إعلامي او تحشيدي، ولا أموال أو خطط، ربما انتظر الكثير أن تكون تلك الكلمة بمنحى آخر!، لكن من يعلم من الله ما لا يعلمه عامة الناس وجه الى التهدئة، ووُضعت الكرة في ملاعب الحكام في امتصاص الغضب الجماهيري المشروع، والعمل على كسب ثقة المواطن الغاضب، من خلال طرح خدمات تلامس أرض الواقع، وهنا تكمن المصداقية.
نظرية التظليل باتت تنطلي على الكثير، ومن ثم تتبعها نظرية التسويف، مع التدرج بنفث السموم، كي يتم استيعابها وصولا الى نظرية الإلهاء، وانشغال الشعوب بتمزيق بعضها وتحطيم بُناها التحتية وحتى مقدساتها ومعتقداتها، فلا خير ننتظره، حين تعلو الأصوات وتنخفض السواعد؛ تبا لسواعد لم تصنع التغيير بأصابعها ثم تطالب به بعد فوات الأوان!.