أكتملت صفحة الانتخابات والتي جرت في آيار من العام الجاري ، وحملت بين مفرداتها العديد من الاتهامات بالتزوير ، والتي على أثرها جرت عملية أعادة العد والفرز اليدوي ، ومطابقته مع الفرز الالكتروني ، حيث جاء متطابقاً في أغلب المحافظات ، وحتى في كركوك والتي هي الأكثر تشكيكاً في نتائجها أثبتت عمليات الفرز أن نسبة الخروقات لم تتجاوز 7% ، وهي نسبة مقبولة دولياً ، كما ان مراجعة أغلب صناديق الاقتراع والمحطات والمراكز المطعون بها هي الاخرى ثبت عدم وجود خروقات أو عمليات تزوير ، وأن دعاوى التزوير لم تكن صحيحة ، وان الغرض من هذه الدعاوى هو لاهداف سياسية ، وانها صدرت من جهات وشخصيات خسرت مقاعدها او لم تحصل على مقعد لها في البرلمان القادم .
هذه الدعاوى والادعاءات أثرت سلباً على المشهد السياسي عموماً والانتخابي خصوصاً ، لانها مسألة تتعلق باختيار المواطن ، ويعد هذا الامر زعزعة لثقة المواطن بنظامه السياسي والانتخابي الى جانب التظاهرات والتي هي الاخرى مشهد القى بظلاله على الوضع السياسي بصورة عامة ، حيث تشهد البلاد مظاهرات مهمة لم تحدث منذ سنوات ، واللافت فيها انها تحدث في المناطق الشيعية تحديداً ، وهذا الامر يعطي رسالة أن الشيعة انفسهم غير راضيين عن الاداء الفاشل لحكومة الفساد والفشل ، كما ان اللافت فيها انها تظاهرات اتسمت بالتوسع وتعدد الاهداف لها ودخول الاجندات على خطها ، وهو ما يعطي زخماً معنوياً للمتظاهرين من ابناء الجنوب والوسط ، وسط تعاطف المستويات كافة مع هذه التظاهرات ، ودخول خطاب المرجعية الدينية العليا في خطبتها يوم الجمعة الماضي ، والذي كان خطاباً تصعيدياً داعماً للتظاهرات السلمية ، مطالباً في نفس الوقت بحلول ناجعة للمشكلات الكبيرة والخطيرة التي تمر بها البلاد ، ومحاربة الفساد وتشكيل حكومة قوية بأسرع وقت ممكن ، وضرورة الوقوف على مطالب المتظاهرين ، والاسراع في تقديم الخدمات للمحافظات المتضررة ، الى جانب تنقية التظاهرات من العناصر المندسة والفاسدة والتي تسعى الى اثارة الخراب وتعطيل العمل السياسي في البلاد .
يبقى الملف الاهم الا وهو مرحلة تشكيل الحكومة القادمة ، وتحقيق الاغلبية السياسية ، إذ لايزال هذا الملف يراوح مكانه والكتل السياسية بانتظار حسم ملف العد والفرز اليدويان ، والانتهاء من ملف الانتخابات ، والذي بالتاكيد سينتهي بتشكيل التحالف الشيعي الموحد ، والسني والكردي ، والسير نحو تشكيل حكومة شراكة وطنية والتي هي الاقرب ، كون الطرف الامريكي لايريد أي طرف يكون أقوى من الطرف الآخر ، الى جانب اللاعب الايراني والذي يرغب بأن يكون الجميع موحد تحت خيمة التحالف الشيعي ، واما الاسماء المرشحة فأن الاقرب لرئاسة الوزراء سيكون بعيد من حزب الدعوة ، وان عملية تشكيل الحكومة القادمة لن تكون معقدة او طويلة بل ستقتصر على شخوص معينة ووزراء احزاب وكتل ، لاوفق معايير المهنية والنزاهة والكفاءة ( التكنوقراط) ، وان عملية تشكيل الحكومة القادمة ستكون أسهل من الحكومات الماضية ، ولكنها في نفس الوقت لن تكون مثالية ومستقلة .