17 نوفمبر، 2024 7:13 م
Search
Close this search box.

هراء نظام الملالي بغلق مضيق هرمز

هراء نظام الملالي بغلق مضيق هرمز

لم يكن التصريح الذي أدلى به الرئيس الإيراني حسن روحاني بتأريخ 3/7/2018 في سويسرا بقدرة نظامه ـ على وقف شحنات النفط لدول الجوار من المرور عبر مضيق هرمز في حالة إستجابة دول العالم لطلب الرئيس الأمريكي ترامب بعدم شراء النفط الإيراني ـ بمسرحية جديدة لنظام الملالي، سوى انه في هذه المرة إستجاب الحرس الثوري الإيراني لطلب روحاني ، كأنه خارج سلطته ـ مؤيدا قراره، وركع الجنرال سليماني لتقبيل يد روحاني، وكرر الجنرال (اسماعيل كوثري) في لقاء مع (وكالة نادي المراسلين الشباب) تصريح روحاني بقوله ” لن تسمح ايران بمرور اية شحنة نفط من مضيق هرمز، إذا كانوا يريدون وقف صادرات النفط الايراني”. وهي بالطبع مزايدات اعلامية لا تقدم ولا تؤخر في المشهد الدولي الذي يعرف جدا المواقف المتناقضة للنظام، فالنظام أضعف من أن يخوض حربا، وحروبه في المنظقة جميعا بالوكالة، معتمدا على المرتزقة من العراق وافغانستان والباكستان وغيرها.
وجاء الرد الأمريكي سريعا على لسان المتحدث باسم القيادة المركزية للقوات الأميركية، الذي قال في 4/7/2018 ” إن القوات الأميركية وحلفاءها الإقليميين مستعدون لضمان حرية الحركة وتداول التجارة الحرة وفقاً لتصاريح القانون الدولي”. وسرعان ما تراجع النظام كالعادة عن تهديده في تبرير مخزي عبر تصريح رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان (حشمت الله فلاحت) بقوله ” إن ايران لا يمكنها إغلاق مضيق هرمز”، موضحا ان الرئيس الايراني لم يقصد عدم إمكانية تصدير نفط المنطقة، وان لا توجد نية عند النظام بخرق القانون الدولي، وحاول فلاحت ترقيع الخرق الكبير الذي أحدثه تهديد روحاني فلم يفلح، مع ان فلاحت قد عبر عن الحقيقة، وهي عدم قدرة النظام على غلق المضيق لأنه ممرا دوليا يخضع للقانون الدولي.
في عام 2012 هدد نظام الملالي بغلق مضيق هرمز، وطلب أحد المواقع العالمية من الكتاب والمحلليل السياسيين بيان رأيهم بشأن التهديد الإيراني، وكنا أحد من فاتحهم الموقع، فكتبنا المقال التالي الذس سميناه (غلق مضيق هرمز واللعب بالنار)، ونشر بتأريخ 11/1/2012 ونال إستحسان الموقع فنشره كاملا، وتناولته العشرات من الصحف والمواقع، في حين كما يبدو ان طلب الموقع لم يكن بصدد مقال طويل وإنما مجرد بيان رأي بأسطر محدودة، وهذا ما تبين من خلال الآاء التي طرحها المحللون السياسيون ونشرها الموقع، وربما وجد الموقع ان المقال مهم لذا نشره كاملا، ولأن الموضوع أثير مرة أخرى، نعيد نشر المقال كاملا لأنه يلقي الضوء على المسألة، ويفند إمكانية النظام بغلق المضيق.
المقال
” إتخذت إيران كل الوسائل المتاحة لغلق مضيق هرمز، ونحن بدورنا إتخذنا كل الوسائل المتاحة لإعادة فتحه”. الجنرال (مارتن ديمبسي) رئيس هيئة الاركان المشتركة للقوات المسلحة الامريكية.
أكد قائد ايراني في الحرس الثوري أن أية مواجهة في مضيق هرمز ربما ستتحول إلى حرب عالمية ثالثة، يصعب تخيّل نتائجها. ونقلت (سبوتنك) الروسية عن اللواء في الحرس الثوري الإيراني مصطفى إيزدي هذا القول.
يعتبر مضيق هرمز من الممرات المائية المهمة في العالم من حيث حركة السفن وحجم تجارة النفط الدولي المار من خلاله والذي تصل نسبته الى 40% من النفط العالمي، و90% من صادرات نفط الخليج، وحوالي 50% من حجم تجارة المنطقة مع العالم. كما إنه نقطة وصل بين الخليج العربي وخليج عمان والبحر العربي والمحيط الهندي. ويعتبر منفذا بحريا لخمس دول عربية خليجية لا تمتلك غيره لتصدير نفطها (العراق، الكويت، قطر، الامارات والبحرين). يبلغ عرض المضيق تقريبا (34) ميلا بحريا، وعمقه حوالي (60) مترا. تصدر إيران عبر مضيق هرمز 90% من نفطها، والسعودية حوالي 88%، والعراق 98% ، والامارات 99%، والكويت 100%. حسب مؤشرات عام 2006.
ما بين آونة وأخرى يطل علينا أحد المسؤولين الإيرانيين ملوحا بعصا غليظة ومهددا بإغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي وذلك في حال تعرض المصالح الإيرانية الى خطر ما. وكان آخرها وليس الأخير في مطلع العام الحالي (أي 2012) عندما أعلنت طهران عن خطة جديدة لإجراء مناورات عسكرية إستفزازية في منطقة المضيق في وقت عصيب وشديد الحساسية. وهدد بعض المسؤولين بإغلاق المضيق إذا فرضت عقوبات دولية جديدة على النظام. وقد تزامن هذا التصعيد مع تصعيد آخر بهدف رفع درجة حرارة المناخ السياسي لحد الاختناق! ورد على لسان (فريدون عباسي) رئيس هيئة الطاقة الذرية الايرانية بأن” محطة فوردو الذرية للتخصيب ستباشر العمل قريبا، وان اليورانيوم المخصب الذي سيتم انتاجه في المحطة تتراوح نقاوته ما بين 3.5 – 23%”! وقد وصفت الولايات المتحدة وحلفائها الاوربيين تصريح عباسي بأنه خطوة تصعيدية خطيرة من قبل النظام الايراني!
لو عدنا قليلا الى الوراء لإستذكرنا الكثير من هذه التهديدات المماثلة، حيث سبق أن خاطب رئيس أركان الجيش الأيراني الجنرال (حسن فيروزي آبادي) في تموز العام 2011 عبر (وكالة أنباء فارس) جميع دول العالم” يجب تعلم بأنه في حال تجاهل مصالح إيران في المنطقة، فمن الطبيعي أن لا نسمح للآخرين باستخدام الطريق البحرية”. وأعقبه تصريح آخر أطلقه (يحيى رحيم صفوي) المستشار العسكري للمرشد الايراني علي خامنئي بأنه في حالة اندلاع حرب، سيتم إغلاق مضيق هرمز. وتلاه تهديدا آخرا من قبل (محمد علي جعفري) قائد الحرس الثوري الإيراني بلهجه أشد ” إن قوات الحرس الثوري مجهزون بأكثر الصواريخ تطورا، و تستطيع بها أن توجه ضربات قاضية لسفن الأعداء وتجهيزاتهم البحرية”. ملمحا بأن الجمهورية الإسلامية قد تغلق مضيق هرمز انتقاما من أي هجوم على منشآتها النووية.
في المقابل كانت ردود الفعل المعاكسة بنفس مستوى التهديد حدة وتشنجا. فقد ردً الأدميرال وليام غورتيني قائد الاسطول الأمريكي الخامس على تلك التهديدات بطابع تحذيري بإن مثل هذا الإجراء يعتبر من” الأخطاء الجسيمة وسوء التقدير والعواقب”. لكن نائبه كيفن كوسيغريف كان أكثر وضوحا ودقة بقوله ” إن الأيرانيين لن يغلقوا مضيق هرمز. كما إننا لن نسمح لهم بإغلاقه”! في حين ذكر الجنرال (مارتن ديمبسي) رئيس هيئة الاركان المشتركة للقوات المسلحة الامريكية بأن” إيران قادرة على إغلاق ضيق هرمز، ولكنه سيكون عملا لايمكن السكوت عنه”.
كما حذرت بريطانيا النظام الإيراني من مغبة غلق المضيق. ونقل عن وزير الدفاع البريطاني (فيليب هاموند) قوله ” لن نقف مكتوفي الأيادي أمام التعنت الإيراني، وإن إغلاق المضيق سيجر المنطقة إلى تداعيات خطيرة، فهذا الممًر المائي يخص جميع دول العالم وليس ايران فقط”. مؤكدا بأن بلاده ستتخذ اجراءات عسكرية رادعة ضد إيران. ومنوها بأن البحرية الامريكية والبريطانية موجودة في الخليج لحماية المصالح الدولية. وجاء في تقرير جديد بأن بريطانيا تنوي إرسال المدمرة (HMS) ديرنغ الى منطقة الخليج في أول طلعة حربية لها. وهي مزودة بأحدث رادار بحري في العالم بإمكانه تحديد إتجاهات الطائرات والصواريخ بدقة متناهية. وأكد (د. وفيق مصطفى) جدية التهديد البريطاني محذرا بأن” بريطانيا لن تتسامح على الاطلاق مع أي تهديد حقيقي للإقتصاد الدولي، وان البحرية البريطانية لها حضور قوي في المنطقة”.
أن مثل هذه التصريحات تكثف حالة الاحتقان والتوتر في المنطقة المتوترة أصلا وتشكل تهديدا للأمن الدولي وخرقا لميثاق الامم المتحدة هذا من جهة. وتهديدا مباشرا لأمن دول الخليج من جهة أخرى. لأنه يحرمها من ممرها المائي التجاري الحيوي، ويحشرها في مواجهة مباشرة مع إيران، في أمر لا دخل لها فيه. هذا أن صح بالطبع وجود تهديد امريكي للمصالح الإيرانية رغم ان حجم المشكلة لا يتجاوز فقاعة هواء كما يشير عدد من الخبراء النفطيين والشواهد كثيرة بهذا لصدد. لأن المتضرر الأول من إغلاق المضيق سيكون إيران نفسها ودول الخليج العربي معها.
السؤال المطروح: هل فعلا يمكن لأيران أن تغلق مضيق هرمز؟
الجواب: على ضوء معطيات الواقع: كلا! لعدة عوامل منها داخلية وخارجية.
العوامل الخارجية
1- ان غلق المضيق من شأنه ان يدخل إيران في مواجهة مباشرة مع الدول الصديقة قبل المعادية ولاسيما الصين ( زبون ايران الاول في مجال النفط والمزود الرئيسي لها من الاسلحة) واليابان وبعض الدول الأوربية التي تستورد نفطها (نصف مليون برميل يوميا) وهذه الدول لن تقف مكتوفة الأيادي أمام هذا الإجراء المدمر لإقتصادياتها. لذلك سارعت الصين لإرسال (زاي جون) وزير خارجيتها الى ايران لكبح جماحها، وتحذيرها من تداعيات تهديدها بغلق المضيق. لذا ليس من المعقول ان تنال عصا ايران دول لاتضمر لها العداء! حيث سترتفع اسعار النفط الى مستويات عالية سيما إن الفصل شتاء حاليا (آنذاك) ويزداد استهلاك النفط في اوربا وبقية دول العالم. وليس الأمر هينا لتعويض هذه الدول إستيراداتها النفطية من جهات بديلة رغم انها باشرت فعلا بهذه المهمة. مع دعم من وكالة الطاقة الدولية التي أكدت امتلاكها خطة طواريء لتحديد ما يمكن الإفراج عنه من المخزونات النفطية لديها والتي تقدر بحوالي (14) مليون برميل يوميا ولمدة شهر. كما ان العضو الديمقراطي (ادوارد ماركي) في مجلس النواب الامريكي/ لجنة الموارد الطبيعية أيد قيام حكومته بإفراج جزء من احتياطاتها النفطية من مخزونات الطواريء أيضا. مشيرا بأن بلاده” مستعدة لإستخدام احتياطاتها الاستراتيجية من النفط كسلاح ضد طغاة اوبك والمضاربين في وول ستريت، والتهديدات الايرانية الاخيرة واحدة منها”. لكن نجاح هذه الخطوات يعتمد بالدرجة الأولى على مدة اغلاق المضيق ويتناسب عكسيا معها، فكلما طالت مدة الغلق كلما قلت فعالية المخزون الاحتياطي.
2- إن بعض هذه الدول الاوربية والآسيوية ترتبط بإتفاقيات نفطية موقعة مع ايران وهي التزامات تستوجب ايفائها من قبل الأطراف المتعاقدة. ما يرتب على الجهة المصدرة(إيران) غرامات تعويضية لإخلالها بالشروط، علاوة على فقدان إيران لمصداقيتها مع الجهات المستوردة لنفطها مما سيؤثر على صادراتها النفطية مستقبلا.
3- تعقيد ازمة الملف النووي الأيراني المعقد أصلا بتعاضد الدول الأوربية وبقية دول العالم للوقوف ضد ايران، وبالتالي ستخسر المواقف المؤيدة او الواقفة على الحياد تجاه ملفها النووي. أي أنها ستحل الكارثة محل المصيبة! وهذه بلادة وحماقة سياسية لا يمكن ان تقوم بها دولة تعرف حقيقة مصالحها ووضعها الدولي المحرج. سيما إن وزير الخارجية الفرنسي ( آلان جوبيه) أكد مؤخرا قناعة بلاده على ضرورة ” فرض عقوبات أشد صرامة على إيران”، وحث دول الإتحاد الاوربي على تجميد الأصول المالية للبنك المركزي الايراني إسوة بالإجراء الامريكي المتبع.
4- لابد من التنويه بأن أكثر من 40% من النفط الدولي يمر عبر مضيق هرمز وأن 90% منه يذهب الى الولايات المتحدة الامريكية والدول الأوربية والصين واليابان ومن شأن إغلاق المضيق ان يسبب أزمة نفطية دولية حادة تدفع ثمن حماقتها جميع دول العالم بلا إستثناء. وهذا سيجعل الرأي العام الدولي الرسمي والشعبي يتخذ موقفا حازما ضد إيران. ويتعاطف مع الاجراءات الامريكية – الاوربية رغم ضراوتها.
5- في زيارة وزير الدفاع البريطاني (فيليب هاموند) الأخيرة لواشنطن ولقائه مع نظيره الامريكي ( ليون بانيتا) ناقشا خططا بديلة في حال تنفيذ ايران لتهديدها بغلق مضيق هرمز. وكذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الاوربي ومنظمة الطاقة الدولية. وهنا لابد من الأخذ بنظر الاعتبار الموقف السعودي المناويء لإيران. فهذه فرصته الذهبية للنيل من خصمه الايديولوجي. حيث ستساهم المملكة بشكل مباشر بدعم الموقف الامريكي، إذ لم يكن من الناحية العسكرية فعلى الاقل من الناحية الاقتصادية عبر ضخ المزيد من نفطها عبر شبكة انابيب تصل طاقتها الفعلي ة(5/4) مليون برميل يوما من ميناء(ينبع) على البحر الاحمر.

العوامل الداخلية
1- يشكل النفط اكثر من 90% من صادرات إيران، وغلق المضيق يعني توقفها عن تصديره. أي انها ستقطع وريدها بيدها! وهذه حالة لا يبررها إلا مذهب شمشون” عليً وعلى أعدائي”! ولكن لا يوجد على أرض الواقع ما يستحق هذا الفعل الجنوني أو يبرره. حتى لو قبلنا جدلا بإدعاءات جعفري وغيره بأنه بات من السهل لأيران ان تغلق المضيق لفترة زمنية غير محدودة في ضوء إكمالها الإستعدادات العسكرية. سيما ان الحرس الثوري الأيراني هو الذي يتولى حاليا المسئولية الأمنية في منطقة الخليج كما اشار(ماشاء الله شمس الواعظين) المستشار في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية, والذي دعم بدوره تصريحات جعفري بإغلاق المضيق. لكن الوضع الإقتصادي الإيراني الصعب لاسيما بعد تشديد الحصار الإقتصادي عليها يكذب مثل هذه الطروحات الدعائية. وسبق أن صرح جيف موريل المتحدث باسم البنتاغون بأن التهديد الايراني بغلق مضيق هرمز” سيكون خطوة تعود بالضرر على إيران اولا” منوها بأن بلاده لا تسمح بمثل هذا الأمر
2- يدرك النظام الإيراني أكثر من غيره بأن تكلفة الحرب مع الولايات المتحدة باهضة جدا على الأصعد كافة، ولها في حروب دول الجوار العراق وإفغانستان إسوة سيئة. فوقوع الحرب سيجعل إيران في مواجهة عدة دول وعدة محاور من الصعب التغلب عليها. فإذا تجاوزنا التفوق الجوي بين الدولتين، فإن القوى البحرية الايرانية لم تبلغ بعد سن الرشد لتواجه نظيرتها الأمريكية و اسطولها الخامس المتربص كالذئب الجائع للانقضاض عليها، علاوة على الاسطول البحري البريطاني في الخليج الذي سيدعم الاسطول الخامس في مهامه الحربية.
كما إن المعارك البرية ستتخذ عدة محاورها اهمها العراق وافغانستان إضافة الى القواعد المنتشرة في تركيا ودول الخليج العربي بمعنى إنها ستكون محصورة بين كفتي كماشة. لربما تضطر الولايات المتحدة الى مواجهة برية حاسمة لأحتلال إراضي إيرانية مشرفة على مضيق هرمز بشكل يمنع تكرار نفس التجربة مستقبلا فيما إذا حصلت الحرب فعلا! ولو افترضنا جدلا ان إيران أغلقت المضيق لفترة محددة فإن حرب إستنزاف امريكية طويلة الأمد من شأنها أن تدمر الأقتصاد الإيراني الذي يعاني حاليا من الأختاق بسبب العزلة الدولية، وحرمانه من الحصول على مورده الرئيسي من النفط. وربما يفرض الامريكان حتى في حالة اللاحرب حظر جوي فوق مضيق هرمز، مثلما فعلوا في شمال العراق وجنوبه بحجة المحافظة على أمن المضيق وتأمين إنسياب النفط! فيقابل الحظر بإرتياح دولي.
3- إن التهديدات الايرانية استفزازية اكثر منها فعلية. فمن المعروف أن مثل هذه الورقة الأستراتيجية الضاغطة لا يجوز التلويح بها مطلقا من قبل النظام الإيراني، مهما تعقد الموقف السياسي، وكان من المفروض أن تبقى في خزانة الملفات العسكرية السرية لتباغت بها اعدائها. لإنها تمثل حالة من الانتحار السياسي والاقتصادي. فليس من المعقول ان تقدم إيران للولايات المتحدة مثل هذه الخطة ( إغلاق هرمز) على طبق من ذهب مفوته على نفسها مبدأ المباغتة! وتقدم الفرصة الكافية للشيطان الأكبر للبحث عن البدائل الإستراتيجية ليجهض خططها وهي في المهد؟ وهذا ما حصل فعلا.
4- الاوضاع الإقتصادية السيئة في ايران التي يحاول النظام التغطية عليها بغطرسته المعروفة. فقد ترك الحظر الدولي بصماته على الاقتصاد الايراني والقادم ينذر بالاسوأ. ومن المعروف إن العملة الإيرانية على وشك الانهيار فقد فقدت حوالي 16% من قيمتها وهي في هبوط مستمر، وقد اعترف النظام الايراني بهذه الحقيقة! لكنه لم يعزِ سببها للعقوبات الدولية التي إستهزأ من فعاليتها بكبرياء متعجرفة.
5- ان كبت الحريات الشخصية والدينية والتنكيل بحقوق الانسان ومساسل الاعدامات ( ايران اول دولة في العالم في تنفيذ احكام الاعدام) جعلت الداخل الايراني يغلي كالمرجل، ويتحين الفرصة المناسبة لإسقاط النظام القمعي. ولاشك ان حركات المعارضة في الاحواز العربية والتنظيمات الكردية ومجاهدي خلق وغيرها، ستجد الفرصة السانحة للتعبئة الجماهيرية. علاوة على تصاعد احتجاجات الاقليات المضطهدة كالسنة والبلوش والاكراد والأذر، وعرب الاحواز وغيرهم.
6- عوائق جديدة امام تصدير البضاعة المذهبية والمشاكل لدول أخرى. عزت (فكتوريا نولند) الناطقة بإسم الخارجية الامريكية سبب التهديد الايراني بغلق مضيق هرمز كمحاولة ” لصرف الإنتباه عن المتاعب التي يواجهها الشعب الايراني سيما الاقتصاية منها”. لذلك فأن اعلان إيران بغلق المضيق يهدف إلى الإستهلاك المحلي، ولفت نظر الشعب الى مشاكل خارجية.
7- ضياع المليارات من الدولارات التي خصصتها ايران سنويا لتصدير ثورتها ونصرة المذهب سيما في دول الخليج. فشيعة الخليج رغم موالاتهم للنظام الايراني لكن الحس الوطني عندهم اسمى من الحس المذهبي عكس الوضع في العراق ولبنان (حزب الله). ومن شأن اغلاق هرمز ان يصلح الشرخ بين الانظمة الخليجية والاقليات الشيعية لاسيما في السعودية والبحرين والكويت والامارات، كدول متضررة من اغلاق مضيق هرمز. وهذا الضرر سينعكس على مواطنيها في كل الاحوال. وربما تنتهز هذه الانظمة الاوضاع الإيرانية المتأزمة فتستقطب الاقليات الشيعية لصفها من خلال الاستجابة لمطالبها ومنحها المزيد من الحقوق، وبالتالي سلخها تماما عن ايران.

خطوات استباقية أجهضت تهديد ايران
1- إن غلق المضيق من شأنه أن يؤذي ابرز دولة داعمة لسياسة طهران في المنطقة بعد حليفها الاستراتيجي سوريا، وهو العراق التي يعتمد اقتصادا أحادي الجانب، أي على النفط كليا. وتدرك إيران جيدا بأن النظام العراقي الحالي نظاما هشا، ولايتحمل مثل هكذا صدمة. كما إن إيران فقدت ابرز ورقة ضغط بيدها في العراق بعد إنسحاب القوات الامريكية. فقد كانت تهدد بأن مصير الجنود الامريكان بقبضتها من خلال نفوذها على الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية في العراق علاوة على المليشيات التابعة لها كقوات بدر وجيش المهدي وكتائب حزب الله وثأر الله وعصائب اهل الحق وغيرها. وهذه حقيقة لايجهلها مطلع على حقيقة النفوذ الإيراني في العراق. ويبدو إن الولايات المتحدة قد ارتفع صوتها على ايران بعد ان إطمأنت على سلامة جنودها بإنسحابهم من العراق.
2- لقد مهد إعلان وتكرار التهديد بغلق هرمز، دول الخليج العربي من توجيه ضربة قاضية وغير محسوبة في وجه إيران من خلال البدء بمشروع مرفأ إستراتيجي بديل في حال إقدامها على غلق المضيق، يكون قادرا على تأمين تصدير(1,8) مليون برميل نفط يوميا، عبر مد أنابيب في البحر دون الحاجة للمرور في مضيق هرمز. وقد إنتهت المرحلة الأولى من المشروع في حزيران عام 2010 وهو على وشك الإنتهاء. فقد صرح (محمد بن ضاعن) وزير الطاقة الاماراتي إن الخط الجديد سيشتغل في حزيران القادم بطاقة أولية قدرها(1,55) مليون برميل نفط يوميا. ومن المؤمل ان تزداد لحد (1,8) مليون برميل نفط يوميا.
وذكر (عبد العزيز بن صقر) مدير مركز الخليج للأبحاث( يفترض تسميته مركز الخليج العربي للأبحاث) للعربية نت بأن المشروع جاء كرد فعل تجاه تهديدات إيران بغلق المضيق! وبذلك فقدت ايران ورقة ضغطها هذه ايضا.

من الطريف ان الحجرة الصماء التي رمتها إيران الى الأعلى وقعت على رأسها! فالمرفأ الخليجي الجديد سيوفر إضافة الى عامل الأمن، جدوى إقتصادية من حيث تقليل تكاليف الإبحار للدول المصدرة بإختصار المسافات. علاوة على إختصار عامل الزمن بما يقارب (36) ساعة من دخول السفن وخروجها من المضيق الى موانئ جبل علي وأبو ظبي. كما أنه سيقلل من تكاليف التأمين على الشحن.
لذلك فإن وضع إيران الحالي بسبب إعلان وتكرار تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز أشبه بمن يضع نفسه خلف بغل شرس”. إنتهى المقال السابق.
لو نظرنا الى التهديد الإيراني الجديد وتناقض تصريحات المسؤولين الإيرانيين بشأن غلق مضيق هرمز، لعرفنا أن نفس إسطوانة التهديد بغلق المضيق مستمرة بالإشتغال، والنتيجة معروفة سلفا.
كلمة أخيرة
الاشتباكات البحرية بين ايران والولايات المتحدة في عهد اوباما:
عام 2015 22 اشتباك
عام 2016 36 اشتباك
عام 2017 14 اشتباك
في عهد الرئيس ترامب 2018 ولا اشتباك. لماذا؟ لأن ايران تدرك جيدا ان الرئيس ترامب ليس من السهل التلاعب معه، فهو حدي وحازم وردة فعله ستكون كرة من لهب ضد من يقف أمامه. ولهذا تراجعت ايران عن التهديد بإغلاق مضيق هرمز.

 

أحدث المقالات