حددت المادتين (4 و5) من قانون إنضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991- المعدل ، ما يجب على الموظف الإلتزام به من الواجبات ، وما يحظر عليه القيام به من الأعمال ، وعليه فإن كل ما يقع خارج إطار دائرة نصوص تلك المادتين من الناحية الإيجابية ، يشكل عامل دعم مادي أو معنوي للموظف ، ويستوجب منحه كتاب الشكر ، وبعكسه لا يجوز منح كتاب الشكر لمجرد قيام الموظف بما هو من واجباته الإلتزام به أو الإمتناع عن الإتيان بما هو محظور عليه القيام به ، فليس مثلا الإلتزام بأداء أعمال وظيفته بنفسه بأمانة وشعور بالمسؤولية ، أو التقيد بمواعيد العمل وعدم التغيب عنه إلا بإذن ، وتخصيص جميع وقت الدوام الرسمي للعمل ، أو إحترام المواطنين وتسهيل إنجاز معاملاتهم ، أو عدم التعمد في إنقاص الإنتاج أو الإضرار به ، أو عدم التأخر في إنجاز العمل الذي يتسبب عنه تعطيل عمل الآخرين ، أو القيام بواجبات الوظيفة حسبما تقرره القوانين والانظمة والتعليمات ، مما يوجب توجيه كتاب الشكر ، كما لا يجوز توجيه كتاب الشكر عن الحالات التي يترتب عليها منح القدم أو الزيادة في مقادير الرواتب أو المخصصات بموجب قواعد الخدمة الخاصة أو العامة ، مثل إجتياز الدورات التدريبية أو الحصول على الشهادة الدراسية الأعلى ، في وقت يمنع فيه إستخدام الأساليب والوسائل والصيغ البديلة لتحقيق ما يماثلها ، وسواء تم ذلك بناء على تقدير ورغبة رئيس الموظف المباشر أو الأعلى أو بناء على طلب الموظف ذاته ؟!، بغية حصوله على مدة القدم المترتبة على ذلك أو إلغاء العقوبة غير المستنفدة آثارها ، أو الحصول على مكافأة مالية بطريقة التداخل في مفهوم المحظور أو المحذور من إستغلال الوظيفة لأغراض المنفعة الخاصة ، لأن قانون الإنضباط المذكور ، لم يترك تأثير العقوبات على تأخير منح الإستحقاقات الوظيفية بشكل مطلـق ، وإنما قيدها بأحكام نص المادة (21/أولا ) منه ، على أنه ( إذا وجه للموظف شكر من الرئاسة أو مجلس الوزراء أو الوزير أو من يخوله ، ولم يكن معاقبا ، أو كان معاقبا وإستنفدت العقوبة أثرها ، فيمنح قدما لمدة شهر واحد عن كل شكر يوجه له ، وبما لا تتجاوز مدة القدم ثلاثة أشهر في السنة الواحدة ) ، ويقصد بالشكر الموجه من الرئاسة ، هو ذلك الشكر الموجه من ديوان الرئاسة ، بإعتباره من دوائر الدولة العليا ، لأن القرار المرقم (155) في 28/9/2000(1) ، قد نص على أن ( يرتب الشكر الموجه من رئيس الجمهورية إلى أي منتسب في الدولة ، قدما لمدة (6) ستة أشهر ، لأغراض الترقية والترفيع والعلاوة وتغيير العنوان الوظيفي ، ولمدة سنة واحدة للأغراض نفسها في حالة تكراره ) ، وبذلك يتضح الفرق بين ما يترتب على كل منهما من حيث مدة القدم والجهة المانحة .
وعليه لا بد من التمييز بين نوعين من كتب الشكر ، أولهما كتاب الشكر المعنوي الذي لا يترتب عليه أي أثر مادي ، لقيامه على إستحسان الإستمرار في مسيرة العمل الوظيفي بالمستوى المطلوب ، من خلال إعتراف الدائرة بصحة وسلامة قيام الموظف بأدائه لواجباته بالشكل المطلوب ، والذي يستند في إصداره على وقائع الإجراءات المجسدة لنشاطات الأفراد أو الجماعات ، ضمن إطار دائرة الأعمال المكلفين بإنجازها بدون مقابل مادي ، ولوقوعها في صلب وصميم المهام الرئيسة للتشكيل الإداري الذي ينتسب إليه الموظف ، إلا إن وقائع العمل الوظيفي حاليا ، المستندة إلى الآراء والإجتهادات الخاطئة ، المرتكزة على أعمدة تحقيق المصالح الشخصية أو قواعد الجهل الإداري ، إبتدعت ما يسمى بكتب ( التثمين أو التقدير ) ، على أمل تفادي منح القدم عن كتاب الشكر الموجه إلى الموظف ، متناسية أو متجاهلة عن قصد أو بدونه ، أن ذلك من المستحدثات التي لا سند لها في القانون ، كما أن منح المكافآت المالية المقترنة بذلك التثمين أو التقدير المزعوم للجهود ، أصبحت من دلائل تثمين جهات الفساد الإداري والمالي لأداء الموظفين لواجباتهم الأصلية ، القائمة على أسس وقواعد وأركان المجاملة والمحاباة الشخصية في منح بعض الموظفين للمساعدات المالية الكيفية ، وثانيهما كتاب الشكر ذو المردود والجزاء المادي ، القائم على أسس التحفيز لتحسين إستمرار المسيرة الوظيفية نحو الأفضل ، من خلال تثمين دور الموظف في إنجاز الأعمال المضافة نوعا أو كماً بدون مقابل مادي ، وبلوغها حد الإبداع أو الإبتكار في تطبيق آليات وأساليب العمل التنفيذية ، من خلال قيامه بتبسيط الإجراءات وإختزال مراحل الإنجاز بأقل وقت وجهد وكلفة ممكنة ، أو المساهمة في إعداد التشريعات المواكبة لمتطلبات ومقتضيات الحاجة الفعلية للمجتمع والدولة ، وذلك هو الشكر الموجب لمنح القدم ، المستند في صدوره إلى أحكام القانون النافذ ، وليس إلى أسانيد المحاباة والمجاملات وتأثير العلاقات الشخصية وعوامل النفع الخاص ، المتعارض مع أركان المصلحة العامة ، التي قصد المشرع تحقيقها من خلال التطبيقات الادارية السليمة للنصوص القانونية ، وليس على أساس الخروج عن دائرة الأسباب الحقيقية الموجبة لمنح كتاب الشكر لغرض إلغاء العقوبة الموجهة للموظف قبل أوان إستحقاق إلغائها أو إبطالها ؟!. ومن ثم ضياع الغاية والهدف من توجيه العقوبة وكتاب الشكر ؟!. وتلك من أنواع الفساد الإداري والمالي المزدهر في بلادنا وللأسف الشديد ؟!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد ( 3848) في 16/10/2000 .