23 ديسمبر، 2024 11:18 م

مشايخ يقاضون رسول الله( ص)!!!

مشايخ يقاضون رسول الله( ص)!!!

في 6 فبراير 2013 قتل المعرض اليساري التونسي شكري بلعيد أمام منزله بأربع رصاصات  أطلقها ملثمون استقرت احدهما برأسه وأخرى في رقبته  فيما تكفلت رصاصتين بإسكات قلبه.  ويأتي اغتياله بعد ساعات على ظهوره على ( قناة نسمة) حيث وجه الاتهام لحزب النهضة السلفي بالتشريع للاغتيال السياسي بعد ارتفاع اعتداءات ميليشيات (حماية الثورة) التي تتهم بكونها الذراع العسكري للاصوليين باغتيال المعارضين التونسيين …  وسبق لبلعيد ان اتهم القوى الدينية الحاكمة بتحويل تونس الى مصدر للإرهابيين للعالم وبؤره لتنظيم القاعدة على غرار حركه طالبان الأفغانية مقدما الدليل على تجنيد 5 ألاف شاب تونسي  في مدينه واحده لإرسالهم للقتال في سوريه عبر تركيا فيما سقط العشرات من التونسيين المغرر بهم في العراق وليبيا وسورية.
في مصر التي انتقلت اليها شراره الربيع العربي  من تونس الخضراء أثار الشيخ المصري محمود شعبان جدلاً واسعاً بعد فتواه التي أهدر فيها دم رموز المعارضة في مصر، وخص فيها رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي ورئيس «التيار الشعبي» حمدين صباحي، وقد تزامنت هذه الفتوى مع حادث اغتيال القيادي اليساري في تونس شكري بلعيد بعد فتوى مشابهة” صدرت عن إسلاميي تونس. شعبان الذي افرح بفتواه الإخوان المسلمين في مصر قال متبجحا متجنيا على خاتم الأنبياء والرسل( ص) مدعيا ان فتوى تصفيه واغتيال المعارضين لم تكن فتواه وإنما هي حكم بناءً على حديث للنبي محمد ص!!! وقال شعبان، في مقابلة مع قناة “العربية” إن ما حدث في الإعلام هو تدليس على الكلام، ومن يريد أن يرفع قضية فليرفعها على الرسول الذي دعا لإقامة شرع الله وتطبيق حد الحرابة على المفسدين”،، مؤكدا بأن “جبهة الإنقاذ”، المعارضة، “تقوم بتدمير مصر وتعمل على إسقاط الدولة من خلال التظاهرات التي تنظمها لإسقاط الرئيس المنتخب محمد مرسي!!!.”

 مع نفس النغمة المتطرفة التي تصفع وجه الديمقراطية وتبشر بسقوط ورقه التوت عن عوره هذه الأنظمة المسعورة    برر الداعية المصري أحمد محمود عبدا لله، الشهير بـ”أبو إسلام” مالك قناة “الأمة” الخاصة، اغتصاب أو التحرش بالنساء المتظاهرات بميدان التحرير بوسط القاهرة ضد الرئيس مرسي رافضاً اعتبارهن خطاً أحمر. لانهن إما “صليبيات” أو “أرامل قائلا إنهن ”  متنازلات عن أنوثتهن نساء عرايا سافرات “رايحين علشان يُغتصبوا”!!!!. وأضاف: “تسعة أعشارهن صليبيات، والعشر “روتاري” و”ليونز” وأرامل ما لهمش حد يلمهم أو يخافوا منه أو يختشوا”، على حد قوله ووصفهن بأنهن “شياطين. وسبق للجهات القضائية في مصر ان اتهمت الشيخ شعبان بازدراء الدين المسيحي من خلال عبارات رددها في حديث صحافي أجري معه بجريدة “التحرير”، كما قام ونجله بتمزيق وإشعال النيران في نسخة من الإنجيل أمام السفارة الأمريكية. هذه الحوادث التي إبطالها رجال دين متطرفون في مصر التي سقطت بقبضة الاخوان المسلمين تعيد شريط اغتيال فرج فوده حيث استعان محامي القاتل بفتوى للشيخ محمد الغزالي كم تذكر الكثيرين بمحاوله اغتيال الراحل نجيب محفوظ بناء على فتاوى اتهمت الحائز على جائزة نوبل للآداب  بالإلحاد عبر رواياته !!!
 وفي سوريا التي تشهد منذ عامين صراعا طائفيا هو الأشرس بعد الحرب الطائفية التي شهدها العراق بعد عام 2006م   قام مسلحو الطليعة الإسلامية المقاتلة” التي تتحالف مع”جبهة النصرة” و”كتائب أحرار الشام” بمهاجمة ضريح القديس مار مارون وسرقوا مقتنيات الكنيسة  ودمروا المرافق الخدمية الملحقة بها ودنسوا الرموز الدينية  وخطفوا ثلاثة رجال دين مسيحيين كرد فعل على زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى دمشق  ودعوته للحوار ونبذ العنف  وإنهاء الحرب الدائرة في سوريا التي مزقت البلاد وهجرت الملايين وأودت بحياة أكثر من 60 إلف مواطن سوري؟
  غضب المتطرفين لم يقتصر على الإحياء ففي ذات الوقت أقدم المسلحون في سوريا على ضرب مسجد ومقام ألسيده سكينه بنت الإمام الحسين   ابن علي الكائن في مدينة داريا قرب دمشق، بمدافع الهاون ، ما أسفر عن تخريب كبير في مئذنتيه وقبته وزرعوا عبوتين كبيرتين  قرب أحد أركانه تم تفكيكهما لاحقا وشهد محيط ألسيده زينب في دمشق معاركة طاحنة بين المتطوعين المدافعين عنة وميليشيات مسلحة سعت لنسفه على غرار ما فعلوه في الأضرحة والمقامات في ليبيا بعد سقوط نظام ألقذافي وهيمنه  بعض قاده القاعدة والمتطرفين على الشارع في اغلب المدن الليبية.
  لكن الغريب ان تصل بركات الربيع العربي في ذات اليوم  أيضا إلى الشاعر والفيلسوف العربي الكبير أبي العلاء المعري شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء، في بلدة “معرة النعمان” والذي  لا علاقة له بما يجري من صراع بين الرئيس الأسد وجيشه وجبهة ألنصره  ولا اعترض سابقا على الربيع العربي حيث قام مسلحو المعارضة بالانتقام منه وتنفيذ قرار إعدام تاخرعشرة قرون، على ما قاله في  تطرفهم وخرافاتهم  فقاموا”بقطع رأس” تمثال أقيم تخليدا له متناسين ان المعري   لم يكن من طائفة الرئيس بشار الأسد  وانه سيبقى مفكرا خالدا تتناقل الأجيال إشعاره وأرائه التي حذر فيها من الدراويش والمتطرفين ومفتي أخر الزمان الذي نعيشه غير مصدقين   .
 إحداث شهدها الشارع العربي في بعض مدن الربيع الإسلامي لها دالات واسعة   جعلت ألاف المثقفين العرب في حيره تاريخية لا تختلف عن تلك التي عاشها من  الإسلاف بعد  سقوط بغداد عاصمة الحضارة  بيد المغول .
  
لا أود التعليق على هذه اللقطات من شريط الإخبار اليومي  عبر الفضائيات العربية الذي لا يتوقف نزيفه عند اليمن التي  تعيش حربا طاحنة بين الأشقاء أنفسهم وبينهم وبين القاعدة ومع الحوثيين والطائرات الامريكيه والحراك الجنوبي بينما تحط السفن محمله بالعتاد والقات على طول سواحل اليمن السعيد … ولن نمر مر الكرام  على ليبيا التي بشر  عقيدها الراحل بانتشار الفايروس الذي حمله مقاتلو   طورا بورا الى صحارى القارة الإفريقية دون ان يعلم احد حدود تورط الفرنسيين في مالي هل هو من اجل اليورانيوم او لصب الزيت على نار التطرف والأصولية وتقديم المبررات له للانتشار ام إشعال فتيل حرب اهلية جديدة تعيد  الجزائر الى سيوف جبهة الإنقاذ ومن سيخلف عباس مدني  هناك ….  كما لم  أتناسى العراق  الذي بات مثل خرقه باليه على سطح منزل ايل للسقوط تعصف بها تصريحات المشايخ والرعيان ومنظري التطرف  والساسة السرسرية وحفنه من الغلمان الذين يعتمرون العمائم  وهم أكثر الناس تدنيسا لشرع الله والمسار الوطني حيث باتت القضية  العراقية ألان أشبه بالابتزاز وتصفية الحسابات الطائفية أكثر منها معارضة ومشروعا ومطالب شعبية.
   نحن هنا وبار اده غربية سقطت كل شعاراتها ومبرراتها بصورة مدوية  نجد أنفسنا بعد رحيل الدكتاتوريات وحكم العسكرتاريا  غير المأسوف عليه وسط  وكر ملئ بالثعابين السوداء  التي بلا بصر وعيون   ولا تسمع   .. بل ترى وتشم بلسانها .. المشبع بخطاب التطرف والطائفية وصراع يستبطن تاريخا من الحروب الدموية والأحقاد والسعار اللاهوتي التي يعيد استحضارها الإعلام العربي المأجور ومفتي التكفير والنحر على ألطائفه ومترجمي أفكار برنارد لويس وهنري ليفي .. المستوحى من “سفر المزامير”  و،البروتوكولات، بتغليفها بطبقه من عسل الديمقراطية والتعددية وحرية الشعوب الذي تذوقتاه  بسرعة لنكتشف نوع التزوير وطعم العلقم  وتغيير مسارات الصراع الحقيقية لنكتشف بسذاجة المخدوع انه مجرد حطب القي في آتون   صراع  دولي من اجل الطاقة والنفوذ في  زمن الربيع الإسلامي وحرب الطوائف المسمومة .. زمن يقف فيه المثقف واللبرالي والمسلم الحقيقي عاجزا بلا حول ولا قوة في نفس  المحنة التي تعرض لها من تصدوا للخرافة والدولة الغاشمة ووعاظ السلاطين في عصور الانحطاط وسمل عيون بغداد العباسية.
تظهر نظرية( الميمو) أنه في كل خلية بيولوجية حية هناك برنامج وراثي يشرف على الانتحار الذاتي للخلية عند مرحلة عمرية معينة.. يشبه هذا البرنامج الديناميت والقنبلة الموقوتة البيولوجية فتنطلق بسببه عملية الشيخوخة البشرية أو تصفرّ أوراق الشجر في الخريف وتسقط (تسمى عملية الانتحار الخلوي الابوتوسيز وتشرف عليها مايسمّى الميتوكوندريات
الثقافات أيضا  تخضع لنفس مصير البيولوجيا الخلوية.. أي إن في كل فكرة اجتماعية أو دين أو عقيدة أو عرف أو إيديولوجيا، هناك قنبلة موقوتة ولغم تتسبّب ملامسته بانفجار الفكرة والعقيدة ما لم يتمكن العقلاء والمفكرون من إبطال مفعول القنبلة الإيديولوجية فتزدهر الحياة في العقيدة أو الدين أو الفكرة.. وهكذا تتوالى الثقافات وتتنوع وتنهجن..
أو تنقرض!!!!!