ان اطلاق اسم حكومة على السلطات الغاشمة التي سيطرت على مقدرات العراق منذ 2003 ولهذا اليوم هو تعبير مجازي لان الوقائع تثبت عدم وجود حكومة ترعى شؤون المواطن بل عصابات للسلب والنهب مسـنودة بمليشيات ارهابية مسلحة تغتال الاصوات الشريفة وتفتح نيرانها على المظاهرات السلمية وتواصل اصرارها على التشبث بالحكم بكل الوسائل .
دخلت مظاهرات الشعب العراقي البطولية اسبوعها الثالث حيث انطلقت من البصرة التي تعرضت اكثر من غيرها لظلم عصابات الاسلام السياسي الحاكمة منذ 2003 المعذبة لتشمل كافة محافظات الجنوب والوسط لتضاف الى معاناة البصرة من ظلم عصابات المجرم صدام حسين وحروبه العبثية ، وشارك في التظاهر عشرات الالاف من الشباب الملتزم بحقه في التظاهر السلمي والذي لم يطالب في البدء سوى بحقوق الحد الادنى من العيش الانساني كالمطالبة بتوفير الكهرباء والماء وحق العمل اضافة للخدمات الصحية والتعليمية وهي جميعها حقوق اساسية توفرها حكومات العالم دون مظاهرات او تضحيات او سقوط شهداء .
لقد فضح رد العصابات المجرمة الحاكمة جوهرها القذر المعزول عن الجماهير التي تدعي تمثيلها عبر اطلاق الرصاص الحي على صدور المتظاهرين العزل وتوجيه خراطيم المياه والغاز ممأ ادى الى سقوط شهدا سوف لن يذهب دمهم هدرا اضافة الى مئات الجرحى ، الا فليخسأ هؤلاء المجرمين عديمي الضمير من حثالات المجتمع التي تسيدت على شعب طيب شجاع تحمل الضيم وصبر عليهم سنين طوال .
اما الاسلوب المراوغ الاخر الذي لجأت اليه حكومة حزب الدعوة التي يرأسها العبادي هو التظاهر يتأييد مطالب المنتفضين المشروعة ليتهمهم نفس الوقت بالاعتداء على الممتلكات العامة وبوجود مندسـين بينهم لتتصاعد النغمة مؤخرا الى اتهامهم بتنفيذ اجندات اجنبية رغم ان جميع هذه التهم تستخدمها الانظمة القمعية الدكتاتورية وباتت اسطوانات مشروخة لا تنفع هذا الحكم الفاشل الهزيل بل اثبت ذلك مرة اخرى ان العبادي شأن سابقه كذاب ومجرد ” بياع كلام” اذ انقضت فترة الاربعة سنوات من حكمه دون ان يقدم اي من كبار الفاسدين او السراق للحاكمة وان كان صادقا فلماذا لم يفعل اي من 150 ملفا مرفوعة للمحاكم من ملفات كبار الفاسدين من الوزراء والنواب من الرؤوس العفنة الكبيرة من السراق قادة احزاب الاسلام السياسي وهي الملفات الكاملة المحولة من مفوضية النزاهة للمحاكم اضافة الى 1500 ملف فسـاد اخر موجودة لدى مفوضية النزاهة التي اكد رئيسها اكثر من مرة قبل استقالته بان ايديه مكبلة وليس باستطاعته عمل اي شيء وكما يقال “من فمك أدينك” .
ان ادعاءات العبادي بمحاربة الفساد التي دوخ الناس بها حول محاربة الفسـاد ليست سوى ضحك على الذقون امـا احالة وزير الكهرباء الفهداوي للتحقيق فلا يتعدى سوى محاولة لامتصاص غضب الشعب رغم ان الفهداوي فاسد وسارق منذ ان كان محافظا للأنبار وان كان العبادي صادقا في فتح ملف نهب المليارات (قدرت ب 41 مليار دور) في وزارة الكهرباء فليفتح تحقيق علني مع جميع وزراء الكهرباء المتهمين بسرقة تلك المليارات بدءا بايهم السامرائي وكريم وحيد الذي شكره المالكي على “انجازاته” وحسين الشهرستاني الذي وعد بتصدير الكهرباء الفائض قبل خمسة سنوات .
ان الفسـاد والفشل هو على جميع الاصعدة وينخر كافة مفاصل الحكومة الاتحادية ووزرائها والحكومات المحلية ورهط سـراقها وهو فساد مالي واداري بنبوي بسبب هذا الحكم الطائفي المحاصصاتي الذي ابتلينا به ونأمل ان لا يكون الخلاص منه ببعيد .
اعلنت الحكومة كذبا كما يبدو عن تخصيص عشرة الاف وظيفة لتعيين العاطلين من ابناء البصرة ولحقتها اعلانات عن الاف الوظائف الاخرى لأبناء المحافظات المنتفضة الاخرى ، الا انه انتشر مؤخرا فيديو يظهر القاء طلبات التعيين التي قدمها شباب البصرة واستلمها موظف مكلف وجمعها بسيارة بيكاب ، لترميها السلطة المحلية في مكبات النفاية وهذا ما يدل على سفالة واستهتار هؤلاء بمطالب الناس وكذلك في فشلهم بتلبية اي من مطالب المتظاهرين بل واصلت قمعها للمظاهرات التي تطورت الى اعتصامات مفتوحة وواصلت اعتقالها لمئات المتظاهرين ومطالبتهم بتوقيع تعهدات بعدم المشاركة بالتظاهر مقابل اطلاق سراحهم اي ان سلطة حزب الدعم وشركائها يستخدمون نفس اساليب القمع والاضطهاد المستخدمة طيلة الازمان واستخدمت من قبل بدون فائدة من الحكومات الدكتاتورية .
ان من يدعي دعم مطالب المتظاهرين مع اتهامها بانها انحرفت عن مسارها هو كاذب وبوق من ابواق السلطة الغاشمة كما ان اتهام المتظاهرين بالاعتداء على الممتلكات العامة والتخريب هو كذب مفضوح رغم وجود بعض التجاوزات الطفيفة من قبل بعض المتظاهرين الغاضبين “وهل يمكن ان نلومهم” لا تستحق التوقف عندها كما ان التظاهر بتأييد مطالب المتظاهرين مع التركيز على ادعاءات الاندساس ومحاولة التشكيك بدوافع المظاهرات التي بدأت بصورة عفوية بسبب القهر والمعاناة التي وصلت حدودا لا تطاق ادت للانفجار الذي ارعب عصابات المنطقة الخضراء التي نهبت وسرقت بدون اي وازع من ضمير او انسانية او وجدان .
ان الندم من قادة العصابات الاسلاموية وتظاهرها بالاعتراف بالشل والخطأ وطلب العفو من الشعب هي كذب مفضوح يستهدف اغفال الناس ليستمروا في ظلمهم والا كان المطلوب ان يتنحوا عن الحكم ويقدموا الى محاكمات عادلة لينالو جزاء ما اقترفوه من فساد وجرائم بحق الشعب وخاصة من قبل مسئولي حزب الدعوة الذي تسلم رئاسة الوزراء منذ عام 2006 ولحد اضافة لشركائهم في الجريمة من الاحراب الطائفية الشيعية والنية والكردية وجماعة اياد علاوي المنتفعين بالمليارات سراق قوت الشعب واساس معاناته وهم يعيشون الان في رعب حقيقي وخوف من المظاهرات التي تقض مضاجعهم واشعرتهم بقرب يوم الحساب وعليهم ان يتوقفوا عن اساليبهم القمعية والاستجابة فورا بخطوات عملية لمطالب المتظاهرين بدلا من التسويف وتشكيل اللجان وخلايا الازمات . اليس من حق الشعب ان يتساءل عن سبب عدم اطلاق التخصيصات “الترليونية” لإنجاز المشاريع قبل انطلاق المظاهرات ام انها مجرد خطوات كاذبة تضليلية ؟
يكمن الحل العملي لازمات العراق المستفحلة بتشكيل حكومة مدنية ديمقراطية بعيدة عن المحاصصة والتعصب الطائفي وان لا تكون على اساس مشاركة الجميع في مواصلة النهب والفشل وتغطية نهب الخيرات بعضهم لبعض بل وضع لبنات ديمقراطية جنينية تستند الى تشكيل حكومة وطنية كفؤة ومعارضة تراقب ادائها ليتم البدء من قبل سلطة قضائية مستقلة بتقديم والفاسدين والمسئولين عن خراب البلد وتسليم عدة محافظات لداعش والتسبب في مجازر ذهب ضحيتها الالاف لينالوا جزائهم العادل وليرجعوا اموال الشعب المسروقة .
لقد كان صبر العراقيين طويلا رغم موجات الاحتجاج العديدة منذ عام 2011 ولا يستبعد ان تمر حتى المظاهرات الحالية بمراحل مـد وجزر الا انه وبدون سيكون النصر حليف ابناء العراق المقهورين الذين يعانون من البطالة والجوع والحرمان وفقدان ابسط الخدمات وان غدا لناظره قريب .
الحرية للشبان المنتفضين المعتقلين
لن تذهب دماء شهداء الانتفاضة هدرا ابدا
الظفر لمظاهرات ابناء العراق البواسل ولتتحقق كافة مطلبهم