قيل ان لكل زمان رجال وأقول كما ان لكل زمن رجاله فان لكل حكم ( زيه وحاله ), بالنسبة لي لم ابلغ العمر الطويل كي إعصار ما مضى من الحكومات الحديثة التي مرت على العراق غير أني أحسد نفسي اذ عاصرت اعتى واطغى حكم تسلم مقاليد خراب العراق وليست إدارته ” حزب البعث ” حزب فاشي لا يملك من المبادئ شيء سوى كلمات على ورق ولا يملك من الإنسانية شيء سوى ما رسمه الإعلام له ، حزب ادعى الاشتراكية والعلمانية وأكد ان هذا نظامه ومبادئه ، ما يهمني في تلك الكلمات التي انثرها هنا هو ( الزي ) السائد آنذاك إذا كما تُميز الصياد والبناء والحداد من خلال مظهره الخارجي بإمكانك ان تميز رجال هذا النظام من خلال مظهرهم ( الملابس وتركيبة الوجه ) فقد كنا نعرف المنتمي لحزب البعث من خلال ( القطعتين ) وهو عبارة عن ( بدلة سفاري ) نفس اللون وغالبا ما كانوا يفضلون الألوان القاتمة وكأنها اشارة على أنهم جعلوا مزاج الشعب قاتماً ، أضف لذلك الشارب الكث والطويل في نفس الوقت , قد يصوروا انه إشارة على رجولتهم والتي اعتقد أنهم لم يملكوها يوما فلم يواجهوا معارضاً قط بل كانوا يعتقلوه في الظلام وفي مجاميع مدججة بالسلاح ومن ثم يتم تصفيته سراً دون علم احد هذه هي طرق الجبناء ، المهم هذا ما كان الجميع يعرفه وبديهيا كان الجميع يتوجس خيفة من كل من يراه يرتدي ( الزي ) السالف الذكر ويهمس بعضهم لبعض انه مسؤول أو بعثي أو من رجال الدولة حتى لو كان رجل يحاول ان يقلدهم ولا علاقة له بالدولة ابداً بل ليضفي على نفسه القليل من الهيبة بإخافة الناس من خلال إيهامهم بأنه من الدولة فقط بارتدائه هذا الزي .
ان قلت سلفاً أني أحسد نفسي لأني عاصرت زمن البعث , هذا بسبب كوني عشت لأرى معارضيهم يحكمون , أضف لذلك الاختلاف الكبير بين الحكمين فالأول يدعي وصلاً بالاشتراكية والآخر إسلامي وهذا ليس بالشيء القليل ان ترى النقيضان يحكمان بتتابع , إذن تكون قد عاصرت ما لم يراه اجدادك أبداً ، المهم النظرة التي قدمتها على ان لكل حكم ( زيه ) لم تفارق المجتمع العراقي بقيت تلك الحالة متجذرة في نفوسهم ، فألان وفي ظل الحكم ( الديني ) وليس الإسلامي ( فأنا لا اعتقد بأن هذه الحكومة تُطبق مبدأ واحد من مبادئ الإسلام ) بإمكانك ان ترى ان المظهر الخارجي ( للمسؤولين المتدينين ) هو ( البدلة الرسمية ) والبعض يفضلها دون رباط أو برباط ( للدلالة على انفتاحه ) بالإضافة الى اللحية المسرحة والمحددة بطريقة سمحة والعنصران الرئيسيان في تكون هذا المركب هو ( الخاتم والمسبحة ) فهما ضروريان في تكوين شخصية ( المسؤول الديني ) وكل من يرتدي هذا الزي سيتهامس من يروه بأنه مسؤول في الدولة أو مقرب منها وكما ان البعض في زمن البعث الفاشل حاول ان يوهم الناظر له على انه مسؤول أو قيادي أو مقرب من الدولة فهنا المعادلة ذاتها تتكرر ترى ان البعض يطبق تلك القاعدة وان كان البعض طبقها في المرحلتين وجرب ارتداء الزيين , المهم ان السلطتين لما تكونا كما ادعتا من مبادئ بالاولى لم تكن يوماً اشتراكية والأخرى لم تكن يوماً اسلامية سوى في المظهر ليس إلا .