23 نوفمبر، 2024 2:15 ص
Search
Close this search box.

تيار الحكمة وهروب من الشيخوخة

تيار الحكمة وهروب من الشيخوخة

يحتفل أبناء تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، بمرور عام على تأسيس تيارهم، الذي توجد عليه الكثير من علامات الاستفهام، منذ قيامه بصورة مفاجئة من أنقاض عملية سياسية عرجاء، وانتهاءا بتخلي زعيمه عن ارث سياسي كبير تركه له عمه وأبيه، بالإضافة الى الابتعاد نوعا ما عن الراعي الرسمي للمجلس الأعلى الإسلامي.

لذلك من حق المتتبع للشأن السياسي ان يسأل، اين تيار الحكمة من العملية السياسية بعد مضي عام على تأسيسه؟ وهل النتائج التي حققها في الانتخابات الأخيرة حققت الطموح الذي كان يرجوه هذا الشاب الطموح؟ ام الانتخابات هي الصخرة التي ارتطم بها التيار عند ولادته، وهو لا زال في أيامه الأولى؟ هل استطاعت الحكمة ان تنتج قيادات خلال العام المنصرم، كالقيادات التي كانت لدى الحكيم في المجلس الأعلى؟ هل الشباب الذين منحهم عمار الحكيم ثقته، اهل لهذه المسؤولية والتضحية وسيكونون بالمستوى المطلوب؟ ام هي فورة شباب سرعان ما تأفل وتنتهي؟ وهل الحكيم كان مدركا للغضب الإيراني ورد الفعل الإيراني، لخروجه عن الطاعة لهم، والسؤال الأهم، هل الحكيم هرب من شيخوخة المجلس الإسلامي الأعلى؟ ام دفع دفعا ليتخذ هكذا قرار قبيل الانتخابات بأشهر قليلة؟ وهل فقد الحكيم بريقه وثقله السياسي عندما قرر الرحيل عن المجلس الإسلامي الأعلى؟

أسئلة كثيرة، وغموض كبير يحوم حول هذا التيار، الذي ظاهره يتكلم عن الوطنية والوسطية، التي يفتقدها الكثير من الأحزاب والتيارات الموجودة معه في الساحة السياسية، اما باطنه يبقى ذلك الشاب ابن العائلة الشيعية المتدينة، التي تزعمت المذهب الشيعي في وقت كان العالم والشباب المسلم يتعرض لأمواج من الهجمات التي تحاول زعزعته عن اسلاميته.

التسعة عشر مقعد التي يتباها فيها أنصار الحكمة، هي كبيرة حتما لتيار ناشئ، لا يتجاوز عمره ثمانية أشهر، ولم يمتلك الوقت الكافي لاختيار مرشحين لهم ثقلهم الجماهيري، بالإضافة الى ان اغلب المحيطين بزعيمهم، لا يمتلكون الخبرة والحنكة الانتخابية، ناهيك عن الهجمة التي شنت على هذا التيار الفتي.

لكن تبقى هذه النتيجة، دون طموح عمار الحكيم وما يحمله من ثقل في الساحة الإقليمية، بالقياس الى اقرانه من التيارات السياسية، فهي لا تتيح له الحديث بصوت عالي ومن منطق القوة، لذلك سيعتمد في مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة على ثقله وحنكته السياسية، أكثر من اعتماده على النتائج التي حصل عليها في الانتخابات.

ان اعتماد الحكيم على الشباب فيه مخاطر كبيرة جدا، بالخصوص في هذه المرحلة المفصلية للبلد، لكن في نفس الوقت تضمن ديمومة البقاء، لذلك ربما أحد الأسباب الغير معلنه لانبثاق تيار الحكمة، هو الهروب من شيخوخة التفكير التي أصبح يعاني منها فكر الخط الأول في المجلس الأعلى، وهذه الخطوة تحسب للحكيم، لكن في نفس الوقت تحسب عليه، لأنه ترك كل شيء من اجل تيار، لم يختبر قياداته بعد، ولم تعرف صدق نواياهم لغاية الان، لأنهم لم يتعرضوا الى محن وابتلاءات كما تعرض رفاق الامس.

ان من الواضح جدا ان قيادات الحكمة الشابة، راضية تمام الرضا عما حققه التيار خلال سنة من عمره وكأنها حققت انتصارا عظيم، لكن لم يعد خفي على المتتبع ان زعيم التيار غير راضي، وطموحه كان أكبر من ذلك بكثير، ولا نعلم هل الحكيم كان ينظر لمستوى أكبر من طموحه؟ ام الشباب التي برفقته، لم يستطيعوا ان يقدروا حجم الحكيم الحقيقي؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات