23 ديسمبر، 2024 9:39 م

زلة لســان ســـياســي

زلة لســان ســـياســي

الطبيب هو الذي يمتهن الطب , والمحامي يمتهن المحاماة والحداد يمتهن الحدادة (وليس كل من صخم وجههُ) والنجار يمتهن النجارة …….. والسياسي يمتهن السياسة , والسياسة تعني ادارة شؤون الدولة الخارجية والداخلية من خلال اصدار قرارته ملزمة لكل المجتمع تلبيةً لمطالب تقسم الموارد في المجتمع وتحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وواجبات الفرد تجاه المجتمع وبالعكس , كما تلزم الأفراد بعمل اشياء او عدم عملها سواء رغبوا ام لم يرغبوا بذالك , كما يطلق على السياسة أنها فن الممكن , وكثيرآ ما توصف بأنها (قذرة) وهذا لا يمنع من وجود سياسة نظيفة وهي بسيطة واضحة لا يلفها الغموض في الألفاظ ولا تتوغل في دهاليز المراوغات ، صفة القذارة التي توصف بها السياسة تنطق على من يمتهنها من السياسيين , فهؤلاء الساسة احدهم كالبهلوان يلعب على جميع الحبال ويعزف على جميع الأوتار , ويغني جميع المواويل والأطوار من طور المحمداوي الحزين الى المربع البغدادي المرح وحسب ما تتطلبه مصلحته السياسية .
مع كل هذه الصفاة ينفرد السياسي في العراق بصفتين الأولى هي التسويف فكثيرآ ما تردد مفردة (سوف) وحرف (س) في خطابات الساسة مثل سوف نقوم …. سوف نعمل جاهدين…. سنقدم ….. سنقرر ….. سنتخذ …… سوف نشرع …… وكل هذه المفردات لا يحصل منها المواطن على شيء الا بقدر ما يحصل عليه من يقبض على الريح , والصفة الثانية الكذب, فهؤلاء اتخذوا من تعليمات (غوبلز) دستوراً لهم ومنهج عملهم اليومي حتى انهم تفوقوا عليه واصبحوا يمتلكون براءة اختراع في الكذب , حيث اثبتت الوقائع الموضوعية ان السياسي في العراق سيء الأداء ولا تتوفر له اي مصداقية على صعيد تنفيذ وعوده التي قطعها في عرسه الأنتخابي عندما احتشدت فيه جموع الفقراء في حال جمعية تضافر معها الجوع والجهل والخوف لتصب في بؤرة ينتفع منها السياسي بعدها يصبح الجميع غنمآ في مزرعته .
بعد ان فقدت الأمل في مصداقية السياسي فاجأني النائب حيدر الملا عندما صرح في احدى الفضائيات ( بأن السياسيين وعوائلهم مرتبين امورهم خارج العراق والويل كل الويل لإبن الخايبة عندما يقع اقتتال طائفي)، وعلى الرغم من انها هفوة اوزلة لسان ، وعلى الرغم من دوافعها او مما يراد بها سواءً كان حق ام باطل فإنها تحمل الكثير من المصداقية ، والشواهد لدينا لاتعد ولاتحصى ،فقد عشنا اكثر من نصف حياتنا تحت سياط القمع والظلم وتحملنا اهوال الحروب ومرارة الحرمان والحصار وساسة اليوم كانو ينظروا في الخارج وعوائلهم معهم ، كما إن مايحدث في سوريا شاهد حي على مصداقية هفوة الملا فألشعب السوري يمر بنفس ما مررنا به سابقاً او ماسوف نمر به عندما يحدث مالاتحمد عقباه وقادة المعارضة السورية وعوائلهم في الخارج بمأمن من كل سوء والشعب السوري وحده من يدفع الثمن ، قتل ، تجويع ، تشريد………!!.
مع فقدان الأمل في مصداقية السياسيين نتمنى على كل واحد منهم ان يصدق مع نفسه أولاً والشعب ثانياً ولو بجزئية واحدة لاأكثر ، عندها يتغير حال العراق .