الأكراد مكون مهم من مكونات المجتمع العراقي ومن مكونات دول أخرى في الشرق الأوسط ،ففي آسيا يقدر عددهم بخمسة وعشرين مليوناً يتوزعون بين خمس دول 46% منهم في تركيا، و31% في إيران، و5% في أرمينيا وسوريا، و18% في العراق.
تسود بين الأكراد 18 لهجة كردية مختلفة ولهم تاريخ حافل خاصة في إطار الحضارة الإسلامية، إذ توجد أسماء كردية شهيرة من أمثال أبي مسلم الخراساني قائد الدولة العباسية الشهير، وصلاح الدين الأيوبي صاحب موقعة حطين وغيرهم كثير.
وكردستان العراق التي يسكنها ثلاثة ملايين و800 ألف كردي عبارة عن جبال وهضاب ومجموعات بشرية تعيش وفق نظام قبلي صارم تروج فيه مفاهيم الإباء والشجاعة والفروسية، ويقوم على نشاط اقتصادي معتمد على الرعي والزراعة،بعد عام 2003 وبالاعتماد على افكارهم استطاعوا من توحيد جهودهم في العراق فاصبح اقليم كردستان مستقرا من الناحية السياسية والاجتماعية مما وفر بيئة اقتصادية، ذات مساحة جيدة للاستثمار ومما ساعد على ذلك تخصيصات الاقليم التي تصل الى 17% من عموم الميزانية العامة للعراق .
اما اهل السنة في العراق فلهم دور مهم في المجتمع قد لا يمثلون الجزء الاكبر ولكن عددهم يفوق عددالاكراد.
لسنا بصدد الاشادة بدور الاكراد والسنة في البناء، ولكن للتعقيب على دور الحكومة في التعامل مع هذه المكونات ضمن الاطار السياسي والاقتصادي للبلد، بالامس القريب كانت هناك ازمة بين المركز والاكراد وصلت الى حد اصطفاف القوات للطرفين كلا على جانبه المتمثل بقيادة عمليات دجلة والبيشمركة، واخذت التصريحات المبتكرة التي اطلقها ابطال السيناريوهات للطرفين تأخذ الحصة الاكبر من راحة الشعب الكردي والعربي .
اما اليوم فعلى ما يبدو ان الامر مختلف، فهناك رغبة للحكومة في تحسين العلاقة مع الاكراد، تتمثل في انفتاح المالكي على الاكراد والتنازلات التي قدمها لهم, والسؤال هنا لماذا لم يبادر الى هذه التنازلات منذ البداية وقبل ان يجر العراق الى ازمة داخلية كادت ان تعصف بالعملية السياسية ,هذه التنازلات تتمثل بـ :
• دفع مستحقات البيشمركة من الموازنة الاتحادية.
• تجميد عمل قيادة عمليات دجلة
والابعد من ذلك اعلان المتحدث باسم حكومة اقليم كرستان (سفين دزيي) “ان رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني يعتزم زيارة بغداد خلال الايام القليلة المقبلة” واوضح حسب الخبر الذي نشرته جريدة المشرق بعددها 2589 بيوم الاثنين الماضي، انه سيبحث العديد من الملفات، وستعقبها زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي الى الاقليم، للقاء المسؤولين فيه والتباحث في جملة القضايا المهمة .
ان العراق يمر بمرحلة مهمة في الوضع الراهن، لقرب انتخابات مجالس المحافظات في نيسان المقبل والتحديات الامنية والتدخل من قبل دول الجوار بالاضافة الى الوضع الاقليمي القلق يفرض عليه ان يكون اكثر اسقراراً لمقاومة الظرف المحيطة به، ان هذه الحلول مع الاقليم لو كانت في وقتها لما اخذت من الوضع الامني والسياسي الشيء الكثير،على ان هناك نصائح حتماً من قبل شركاء المالكي في التحالف بعدم التصعيد مع الاقليم، لماذ تجاهل توجيهات المرجعية الدينية ونصائح شركائه في التحالف الوطني . فهل خارطة الطريق التي تضعها الحكومة لتسيير العملية السياسية في البلد رهناً بيد جهة حزبية معينة،ام ان هناك قدرة كبيرة على افتعال الآزمات وعدم وجود القدرة على ادارتها، فتنتهي بالتنازلات وكأن شيئاً لم يكن .
ان المرجعية الدينية في العراق تمثل صمام الآمان بأرائها وتوجيهاتها السديدة والتي يمكن الاعتماد عليها كمؤشرات في اداء الحكومة .
وليس بعيدا عن ذلك، في الوضع الراهن، وجود المظاهرات في محافظات الانبار والموصل وصلاح الدين التي تم شحنها من قبل السياسيين لتأجيجها ضد الحكومة وتقديم مجموعة من المطالب، الكل يعلم كيف كانت بدايتها، في اعتقال حماية وزير المالية ( رافع العيساوي ) بطريقة استفزازية دفعته للذهاب الى مسقط راسه بمحافظة الانبار وتأجيج المظاهرات، الامر الذي ذهب ابعد من ذلك بأرتفاع سقف المطالب واستمرار الاعتصامات، يقابله استجابة بطيئه من قبل الحكومة، مع تكرار نفس السيناريو،هل يفعل المالكي مع السنة كما فعل مع الاكراد، بتقديم تنازلات من اجل الحصول على مكاسب، والمراهنة على الوقت لانهاء الازمة مع المحافظات الغربية مع عدم الاصغاء الى دعوات التهدئة والحوار، ان غداً لناظره قريب .