19 ديسمبر، 2024 10:26 م

عندما ينتفض الشباب وتخرج الناس والجماهير الغفيرة بعفويتها وسليقتها وحسها الوطني الثوري ، فأنها تكتشف وتعي بشكلٍ اعمق وفي غمرة هذا الحرك أهمية التنظيم والقيادة ، وبه تبدأ بأفراز قيادتها الميدانية والسياسية ، في خضم هذا التمرين الكفاحي الشعبي والذي يتواصل ويستند لارث وطني في النضال الجماهيري ، يستحضره اليوم المحتجين والمتظاهرين في هذا التحرك الشعبي الواسع ، لا يغيب عن الحسبان ان في الشارع اليوم ومع المحتجين افراد مناضلين وذي خبرة في النضال الجماهيري الوطني استطاعوا ويستطيعوا المساهمة الفعالة في التوجيه والترشيد لتجنب الانزلاقات الخاطئة والغير ضرورية ، والتي تحرف الحراك عن أهدافه ، وتعطي المبرر لسلطات حكومة الاحزاب القائمة لاستغلاله في استخدام العنف والقوة ضد المتظاهرين .
رغم ان ما يجري من حراك شعبي في اغلبه عفوي ، وفي جزأً منه منظم بقيادات ميدانية شبابية ، ومدعوم من جهات عشائرية وطنية ومن بعض الأطر الوطنية الصاعدة فأنه وفي مجمله هبة وطنية ، تكرس وتؤكد ما كان متوقعاً لما بعد الانتخابات المهزلة ، من أن الحراك الشعبي ورغم الكم البشري الوطني الكبيرالذي لازال في حالة مراقبة وتردد ، فأن هذا الحراك والاحتجاجات سوف تستمر وتتصاعد وستفرز معها قياداتها ، التي بها ومعها سيُرفع المشروع الوطني مع نضوج عناصره السياسية والتنظيمية والفكرية .

أن استمرار الاحتجاجات واتساعها يعتمد على الارادة الشعبية ووعي الناس لقضيتهم التي لم تعد فقط قضية ماء وكهرباء وصحة وتعليم وعمل ، بل هي قضية وطن سرق ودُمر ونهب وُمزق بتدبير صهيوامريكي وبتنفيذ توابع العملية السياسية ، وهذا يعني الى جانب اهمية المطالب المرفوعة في الاجراءآت السريعة لحل قضايا الحياة اليومية ، فأن المطالب السياسية بألغاء الطائفية والمحاصصة وبأقامة نظام وطني يستند إلى دستور وطني يعيد للدولة العراقية هيبتها وحضورها ، ترتبط عضوياً بأتساع الحراك ونضوج الميدان وشموله الوطني .
وهنا يحتل الوضوح الفكري والسياسي وعمق البصيرة الوطنية اهمية خاصة في التعبئة وتغيير بوصلة النضال واتجاهها وترشيد حركة الناس الاعتراضية وشعاراتها الصحيحة التي ترمز الى عناوين البرنامج الوطني المنشود في الغاء دستور الاحتلال وعمليته السياسية ، والبدأ بعملية سياسية وطنية تستند الى دستور وطني يكتبه اهل العراق ، يضع الاسس للدولة الوطنية السيادية ذات الافاق الواعدة بالحرية والعدل والتنمية الوطنية .
إن المحافظة على الحراك الاحتجاجي السلمي وعدم الانجرار لصدامات مسلحة مسألة اساسية في كسر تردد فئات كثيرة في الأنظمام للتظاهر والحراك وهذا يساهم في النجاح في تحييد بعض القطاعات
المسلحة التابعة لحكومة المنطقة الخضراء او لبعض الفصائل المسلحة وكسبها لاحقاً .
لقد عرت الجماهير هذا النظام الفاسد بحراكها الشعبي ، ونزعت ورقة التوت عن عورات وادعاءات الإصلاح ، وكشفت أكاذيب خدم عملية المحتل السياسية وبرلمانهم حيث تداعى جميعهم واصبحوا على قلب رجل واحد ضد منتخبيهم وهم مرعوبين ومذعورين كالفأران من غضب الشعب .
فرغم الشهداء والجرحى والمعتقلين ، فأن الحراك الشعبي حقق الكثير في جولته الكفاحية ضد ناهبي الشعب ، وجعلهم يستنفرون كل قواهم وامكانياتهم وذكائهم العليل في محاولة إيقاف هذا المد الجماهيري او سحب البساط من تحت اقدام المحتجين عبر اعتذارات وإجراءات وتراجعات عن مواقف مع عمليات ترهيب امنية وعسكرية ، لم تعطي ثمارها برفض جماعات الحشد في الدخول بمواجهة المحتجين عبر حماية مقرات أحزاب الاحتلال ، او بالتخويف بمساندة القوات الامريكية لأنقلاب عسكري يعيد الأوضاع كم كانت ويلغي نتائج الانتخابات ويشكل حكومة انقاذ ، او عبر افتعال مواجهات مفتعلة عبر الدوائر المخابراتية ، باندساس عناصرها كما حدث مؤخراً بمهاجمة مقرات الحشد الشعبي وحرق صور بعض الشهداء ، انهم لا يتورعون عن خلق صدامات مسلحة ، انهم لا يتورعون عن اشعال حرب أهلية للمحافظة على كراسيهم ، فالحذر كل الحذر من دسائس أحزاب الاحتلال وحكومتهم وعناصر الغرف السوداء لاجهزة المخابرات الصهيوامريكية العاملة بقوة على ارض العراق من شماله حتى جنوبه .
أن التنسيق بين مناطق الاحتجاجات والمحافظات والبدأ بتشكيل اللجان الوطنية على مستوى المناطق والمحافظات لتنظيم الحراك وتوقيتاته وشعاراته اضافة الى الاتفاق على طبيعة التوجيهات الضرورية للمتظاهرين وتبادل المعلومات ، يفعل وبقوة الإحساس بالقوة الشعبية والجماهيرية ويعزز النجاح الذي حققته المظاهرات في تجاوز حاجز الخوف ، وخوض غمار المواجهة والذي جعل الشباب والناس اكثر جرأةً في العبور من حالة الترقب والتردد الى الدعم والمساندة والمشاركة ، وهذا ما نتج عنه بدايات لحالة وطنية جديدة ستسمح وتمهد الطريق للتغيير الحقيقي عبر حراك وطني واسع يشمل اغلب المحافظات العراقية والذي بدوره يمهد لعصيان مدني وانتفاضة شعبية تجبر ساكني المنطقة الخضراء بالتسليم لقيادة الحراك الوطني وتشكيل حكومة انقاذ وطني تدير شؤون العباد لحين إقرار دستور وطني والبدأ بعملية سياسية وطنية تضع البلاد والعباد على سكة الإنقاذ الوطني .

تحية وسلام لكل شهيد وجريح وطني خرج ليشيع الامل في النفوس ويرفع من قيم الوطنية في العقول.

أحدث المقالات

أحدث المقالات