15 نوفمبر، 2024 6:58 ص
Search
Close this search box.

مي سكاف.. آمنت بالثورة السورية وظل لديها أمل في انتصارها

مي سكاف.. آمنت بالثورة السورية وظل لديها أمل في انتصارها

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“مي سكاف” ممثلة سورية، من مواليد مدينة دمشق 1969، درست الأدب الفرنسي في جامعة دمشق، وشاركت في العديد من الأدوار المسرحية والتلفزيونية والسينمائية. عرفت بتأييدها للثورة السورية منذ بداياتها عام 2011 ورفضها لنظام بشار الأسد. وأطلق عليها السوريون المعارضون ألقاب: “الفنانة الثائرة” و”الفنانة الحرة” و”أيقونة الثورة”.

حياتها..

ولدت “مي سكاف” لعائلة مسيحية ونشأت في حي شعبي دمشقي مسلم، بدأت موهبتها منذ أن كانت تدرس في جامعة دمشق، حيث كانت تشارك زملاءها طلبة الجامعة في تقديم أعمال مسرحية في المركز الثقافي الفرنسي، وقد لفتت اهتمام المخرج السينمائي “ماهر كدو”، الذي اختارها لبطولة فيلمه (صهيل الجهات)، 1991 مما شجع المخرج السينمائي “عبد اللطيف عبد الحميد” إلى اختيارها لفيلمه (صعود المطر)، بدأت ظهورها التلفزيوني تحت إدارة المخرج “نبيل المالح” الذي اختارها لمسلسله (أسرار الشاشة) وحققت نوعا من التألق في دور (تيما) في مسلسل (العبابيد) مما لفت إليها الأنظار، وقد تنوعت أدوارها بين الشاشتين الكبيرة والصغيرة، وانتسب لنقابة الفنانين السوريين عام 2001. في عام 2004 أسست معهد (تياترو) لفنون الأداء المسرحي في صالةٍ صغيرة في ساحة الشهبندر، وبعد وذلك ولضيق المكان تم نقل المعهد إلى ساحة القنوات. إلا أنها فصلت من النقابة في 10 يونيو 2015 بقرار نقيب الفنانين السوريين بسبب عدم دفع التزاماتها المادية للنقابة. في عام 2017 عادت إلى عالم السينما من خلال فيلم قصير تم تصويره في العاصمة الفرنسية باريس بعنوان “سراب”.

كانت معارضة لنظام بشار الأسد، حيث قامت بالتوقيع على ما يعرف بـ”إعلان دمشق” الذي تم إطلاقه عام 2005.وعرفت بمواقفها المؤيدة للثورة السورية منذ بداياتها في سنة 2011، وتم اعتقالها خلال مظاهرة سلمية مع عدد من المثقفين في دمشق، وبعد عدة أيام أطلق سراحها وتم تحديد موعد لمحاكمتها بعد أن نظمت أجهزة الأمن ضبطاً أمنياً في حقها وأحالته إلى نيابة “محكمة الإرهاب” التي أحالته بدورها إلى “قاضي التحقيق” لمحاكمتها بتهمة الاتصال بإحدى القنوات الفضائية ونشر أنباء كاذبة.

وقد أصدر “قاضي تحقيق” النظام السوري قراره باتهامها بالتهم الأمنية المنسوبة لها وطلب من محكمة الجنايات إصدار مذكرتي قبض ونقل في حقها ومحاكمتها بالتهم المنسوبة لها عندما توجه إليها بسؤال عن الشيء الذي تريده جرّاء انخراطها في الثورة على النظام، فقالت له: “لا أريد لابني أن يحكمه حافظ بشار الأسد”.

اضطرت إلى مغادرة سوريا إلى لبنان بشكل سري، بعدها إلى الأردن ثم هاجرت لفرنسا برفقة ابنها عام 2013، واستولت قوات النظام السوري على منزلها في جرمانا بريف دمشق نهاية العام 2014.

الحراك السوري..

في حوار معها أجراه (علاء الرشيدي / ليلى النردي)  تقول “مي سكاف” عن توقعها للحراك السوري بعد ثورة تونس: “أعتقد أننا كنا مثل الكثيرين من شعوب العالم العربي ومحيطه المتوسطي، نتضامن مع أحداث الثورة وفتيلها العظيم البوعزيزي البطل الشهيد، كنا نتابع القهر، وردّه الذي سلكه الطاغية بن علي في قمع الاحتجاجات. في الحقيقة لا.. لم تصل مخيلتي إلى ما يمكن أن يكونه عليه ردُّ هذا النظام رغم معرفتي به. إلى أن كتب حمزة الخطيب ورفاقه على جدران حريتهم، وجوبهوا وجوبهنا بحقيقة نظامٍ كشّر عن أنيابه كلها، كم كان حقيقياً عندها. عند السفارات كنا، وتم قمعنا، كانوا خائفين من البوعزيزي، كلهم، طغاة العرب، أخافَهم جداً.. أرعبهم، وأشعل النار في عروقنا، فبدأوا يدارون خوفهم، بما يملكون من همجيةٍ وشراسة. كان الحوار ملجأهم الكاذب.. ورصاصهم أسلوبهم،  وكانت بذاءتهم حقيقتهم. البذاءة وحدها كانت سبباً للثورة السورية، عندما يدافع نظامٌ عن قتله لطفلٍ بأن ينعته بمغتصب نساء كي يداري قتله والتمثيل به.. فهو نظام زائل لا محالة. ولو أنه حاكم عاطف نجيب، ما كنت لآخذ هذا الموقف وأقولها بصراحة، رغم معرفتي بتاريخه، ما كنت تحولت إلى مطالبة بإسقاطه رغم وجعنا على حمزة ومافعلوه به”.

وتواصل “مي سكاف”: “عندما شاركت ببيان فك الحصار عن درعا، أوعزوا لشبابهم وشبيحتهم باستباحية قذرة لا تشبه إلا الكلاب المسعورة عندما تهجم قطعانا على سكان آمنين. وضعوا رقم هاتفي في متناولهم وتحت أمرهم وبإيعاز منهم. كانت الجملة : بدك حليب ! التي أعطوها لهم كمفتاح للتعرض لي أياما وعلى مدى 24 ساعة، مثالاً واضحاً وجلّياً على ماهية هذا النظام اللاأخلاقي، والبذاءة لا شيئ أمام القتل والتنكيل والاغتصاب. وما كان مني إلا أن ازددت  قوةً وإصراراً بأن هذا النظام ساقطٌ لا محالة. أسقط نفسه. في حماه عام 1981 وسكت السوريون، وأسقط نفسه ثانيةً في درعا 2011  وما عاد السكوت إلا ذلاً.. (الشعب السوري مابينذل) هذه سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد، كتبتها وكنت ما أزال أؤمن بالحل الأخلاقي.. بالحوار! آسف عليها الآن، أعتذر منها ومن الشعب السوري، فهذا  نظامٌ لا يفهم إلا لغة القتل، ولا يسقط إلا بالقتل، (والجاية أعظم)”.

فرقة وانقسام..

وعن مواقف الفنانين السوريين المتنوعة من حراك التغيير في بلدهم تقول  “مي سكاف”: “فرقة وانقسام، تردد وضياع، وخوف.. وخوف. صارت سوريا والسوريون ضمناً ومنهم الفنانون تعيش انفصاماً، مناطق ثائرة رفعت صوت الثورة ودفعت ضريبةً باهظة. دمٌ وتهديمٌ واعتقالاتٍ لم يشهدها تاريخٌ للبشرية قديمة وحديثة. تبدّل الدور(الفنان- المتفرج) أصبح الثائر بطل المشهد وتفرّج الفنان.  ومن حاول منهم أن يقف موقف حق، من حاول أن يناصر صوت من لا صوت له، دفع الضريبة. الرحمة لياسين بقوش، خالد تاجا، باسل شحادة، الحرية لزكي ومهيار كورديلو، الحرية للمعتقل الثائر الذي لا نعرفه.. هذا لا يعني أننا لا نفتخر ببعض الأبطال الإعلاميين والمثقفين والفنانين ومواقفهم، انشقاق الإعلامية علا عباس ومحمود زيبق، علي ديب، ثائر ديب، وانشقاق الكثيرين في مبنى التلفزيون من تقنيين وعاملين وفنانين، صدقني دخل الفنانون والمثقفون  في صراعٍ محمومٍ وبشع، سيدفع ثمنه وهو يُدفع منذ اللحظة، التاريخ لا ينسى.. دريد لحام لن ننسى.. أدونيس.. وغيرهم كثر. لن ينساكم تاريخكم ولن ينساكم موقفكم الراهن من شعبٍ يباد بالوكالة. من حاكمٍ قرر أن يقتل شعبه، شعبٌ كنتم تخدعونه وتبيعون وتشترون عقله. لن يباع عقل الثائر بعد الآن، ولن يُشترى.. لن يُشترى.. زرت مناطق ثائرة في دمشق، أنا المرأة الممثلة (أنا السافرة ) ورأيت الحب. رأيته وعرفته، الله محيي أهل الغوطة والميدان والحجر الأسود.. على رأسي وفي عنقي وقلبي حبهم ما حييت.. التاريخ لن ينسى أيضا: مازن الناطور، جلال الطويل، ريم علي، لويز عبد الكريم، محمد آل رشي، ناندا محمد، أمل عمران، إيمان جابر، نضال حسن، خالد خليفة، محمد أوسو، يارا صبري، فارس الحلو، أمل حويجة، حنان شقير، رشا عمران، وائل سعد الدين، لينا محمد، جهاد محمد، سهير شقير، والرائع سميح شقير. هؤلاء.. الأبطال وغيرهم.. وكعادته وكما عرفناه بادر النظام الزائل بتشويه موقفهم.. أصدر بيانات تخلي ذويهم عنهم.. وصفهم بالعمالة للغرب، شّهر بأخلاقهم، لم يترك تدنيسا لم يمارسه، شرفٌ لهم كل هذا التدنيس”.

وعن سؤال هل قام النظام بتجنيد فنانيه كإحدى أدوات القمع؟ ما الذي كان يدور في كواليس الوسط الفني؟ تجيب “مي سكاف”: “من بداية الربيع العربي كان موقف النظام واضحا، فقد خشي من أن تطاله رياح التغيير. أذكر أننا دعينا إلى حوارٍ لا يمت إلى الحوار بصلة، وإنما كان أشبه بالتلقين، في محاضرة جمعونا ليعطوننا درساً مفاده أن هذا الربيع ليس ربيعاً!! كان رجال الأمن منتشرون في القاعة، وكانت المواجهة التي انتهت بسحب أشرطة الكاميرات من قبل عناصر الأمن. ولاحقاً عندما كتبنا البيان (بيان حصار درعا)، هوجمنا ببذاءةٍ تستدعي ثورةً بحد ذاتها. وعندما خرجنا في مظاهرةٍ تطالب بإيقاف المجازر وسفك الدماء، اعتُقلنا. وكان الدرسُ الثاني.. الفنانون خائفون، وكنا نحن الدرس، وكنا عصا الترهيب والإرهاب، هذا لا يعني أن بعضهم ينتظر نهاية الطريق، من اتخذ موقفا مع النظام سيدفع ثمنه، كما ندفع نحن الثمن، في بيئة الاستبداد الموقف له ثمن. والصمت أيضاً له ثمن. عندما يتحول الفنان إلى مهرج قصر السلطان يفقد قيمة الفن الحقيقي، هذا ما أراه”.

مسار التغيير..

عن مسار التغيير الذي أخذ شكلاً مختلفاً بعد عامين من الحراك تقول ” مي سكاف”: “تقصد الأسلمة؟ الحرب الطائفية؟ أخاف أجل. سعى إليها النظام بكل ما أوتي من بطشٍ وخبث، الفتنة أداته كما القصف والتنكيل والاعتقال، أجل هو من زرعها ليبقى، ولن يبقى، قالها الشعب السوري في بداية الثورة: واحد واحد واحد الشعب السوري واحد. وإن تغيرّت، فدورنا كبيرٌ في القادم من الأيام. المهم أن يسقط. طبعا ولا ننسى الأجندات العربية والعالمية التي تشاركه خراب البلاد. سوريا بيدقٌ في حربٍ عالمية، والملك في مكان آخر”.

وفي حوار آخر مع موقع “كلنا شركاء” تقول “مي سكاف” عن إمكانية حل الأوضاع في سوريا: “لا أحب بيع الوهم، وبنفس الوقت لا أحب أن أكون متشائمة، أنا أؤمن بسيرورة تاريخية وأؤمن أن هذه الثورة ما زالت يتيمة ومع ذلك عظمتها بانتصارها، لابد أن يزول هذا السواد والموت الذي نعيشه منذ ست سنوات، التاريخ يقول هكذا ولست أنا.. لا يمكن أن يبقى هذا النظام الفاشي عقب كل التدمير والإبادة التي حصلت في سوريا، أنا أدرك تماما أن العالم كله يقف معه وهو بايع و(مسلف بيع) لإيران والصهيونية العالمية ولولا ذلك لما بقي إلى الآن، الجولان هو آمن جبهة بالنسبة لهذا النظام خلال نصف قرن، هنالك عار يجلل الكوكب والمجتمع الدولي والهيئات السياسية، وإلى أي مدى يستطيع العالم السكوت، لا أعلم.. البلد كله بحاجة لثورة، النقابة هي فرع أمن والتلفزيون فرع أمن والمقاهي فرع أمن، البلد للأسد وأنا لن أقبل أن أكون فنانة للأسد ومن قبل أن يكون كذلك يجب أن يحاسب، ومن قرر التشبيح ومسح البوط العسكري عليه أن يستعد لتحمل تبعات موقفه. أنا بكل صراحة كنت جبانة عندما قررت الخروج من سوريا، لأن مصيري كان الموت كما قالوا لي بالسجن، الموت بطلقة من المجموعات (الإرهابية) وهي بالحقيقة حياة أو موت ونحن سنحاسب كل من أساء لنا بالقضاء”.

وفاتها..

توفيت “مي سكاف” في باريس 23 يوليو/تموز عام 2018 إثر تعرضها لنوبة قلبية عن عمر يناهز 49 عاماً.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة