خاص : ترجمة – آية حسين علي :
يولد من الإبداع رحم المعاناة.. هذا ما حدث مع الرسام العالمي، “بابلو بيكاسو”، الذي عانى كثيرًا من الفقر والعوز والإخفاقات، لكنه بات أحد أبرز الرسامين على مستوى عالمي، ولا تزال أعماله خالدة وكأنها تمنحه حياة بعد وفاته.
ولد “بيكاسو”، الذي ينسب إليه الفضل في تأسيس “المدرسة التكعيبية”، في “مالقة” بإسبانيا؛ في 25 تشرين أول/أكتوبر عام 1881، لأسرة فقيرة، وكان والده معلمًا للرسم والتصوير، وعشق “بيكاسو” الرسم منذ طفولته ورأى فيه مستقبله.
أعماله..
من أبرز أعماله لوحة (مذبحة كوريا)؛ التي جسدت مذابح كوريا وعبرت عن رفضه لتدخل “الأمم المتحدة” و”الولايات المتحدة الأميركية” في الحرب الكورية. و(غرنيكا)؛ التي استوحاها من قصف “غرنيكا” بإقليم “الباسك” في “إسبانيا”.
ومن أعماله المشهورة أيضًا لوحة (الحلم)؛ التي تظهر فيها فتاة تجلس على مقعد أحمر اللون وتتجلى على شفتيها ابتسامة جميلة، وبيعت هذه الصورة، عام 2013، مقابل 155 ملايين دولار، وكان “بيكاسو” يحاول رسم محبوبته، التي ظل اسمها مجهولاً حتى بعد مرور 25 عامًا بعد عرض الصورة، بعدها كُشف عن اسمها وكانت تدعى “ماري تريسيه والتر”.
زواجه فشل بسبب بوهيميته..
في عام 1917؛ تزوج “بيكاسو” من راقصة الباليه الروسية، “أولغا خوخلافا”، وكان أخوها عقيدًا في الجيش الإمبراطوري، وشهد على عقد زواجه صديقه المقرب، والذي ساعده كثيرًا عند انتقاله إلى “فرنسا”، “ماكس غاكوب”، إلى جانب الكاتب المسرحي، “جان كوكتو”، و”غيوم أبولينير”.
وكانت “خوخلافا” سيدة غيورة للغاية وتعشق الحياة الاجتماعية والمجاملات وحضور الحفلات، لكن “بيكاسو”، البوهيمي، لم يستطع التعايش مع طباع زوجته فنشأت بينهما الخلافات.
حب من أول نظرة..
في عام 1927؛ تعرف “بيكاسو” على “والتر”، وبمجرد أن وقعت عينيه عليها وقع في حبها من أول نظرة، وشعر بأنها يمكنها تعويضه عما فقده في زواجه، فذهب إليها وأمسك بيدها؛ وقال لها: “أنا بيكاسو، سوف نفعل معًا أشياء عظيمة”، وعندما وصل حبهما إلى ذروته، أحضر “بيكاسو” شقة في شارع “لا بويتي” بباريس، ليعيش بها مع “والتر”، وهو نفس الشارع الذي يوجد به بيته مع “أولغا”، وبهذا حلت “والتر” مكان “خوخلافا”، وانفصل “بيكاسو” عن “خوخلافا”، لكنهما لم يصلا إلى الطلاق أبدًا.
وكانت “والتر” دائمًا على أمل أن يتزوجها “بيكاسو” زوجًا رسميًا، لكنه كان يرفض طلاق “خوخلافا”، لأن القانون الفرنسي كان ينص على أن تحصل الزوجة على نصف أملاك الزواج عند الطلاق.
وبعد وفاة “خوخلافا”؛ اتصل “بيكاسو” بها ليعرض عليها الزواج، لكنها رفضت، لتصبح السيدة الوحيدة التي أحبها “بيكاسو” وتركته، ومع ذلك ساءت حالتها النفسية بعد وفاته وإنتهى بها الأمر إلى أن قررت شنق نفسها بعد 4 أعوام من وفاته.
لكن “بيكاسو” توقف عن الإنتاج لفترة، حتى التقى بـ”دورا مار”، التي أشعلت في داخله الرغبة في الرسم من جديد، وأدى هذا الإشتعال إلى إنتاج لوحة (غرنيكا)، وفي نفس اليوم من شهر كانون ثان/يناير 1939 رسم “بيكاسو” لوحتين لمحبوبتيه؛ “مار” و”والتر” من نفس المنظور.
ولم يستطع الشيب أبدًا منع “بيكاسو” عن العشق، وفي عمر الـ 62؛ تعرف على الرسامة والمصورة الفرنسية، “فرانسواز غيلوت”، واستمر حبهما لثلاث سنوات حتى قررا الزواج، ومع ذلك لم يكف “بيكاسو” عن الإلتقاء بـ”مار” و”والتر”، وآخريات.
وبعد قصة حب كللت بالزواج؛ فشلا الزوجين في الإلتزام بحياه طبيعية، وكتبت “غيلوت” كتابًا بعنون: (العيش مع بيكاسو)، قالت فيه: “هذا الرجل عبقري في الرسم، وله ذكاء استثنائي، ويعرف كيف يقول لكل شخص الشيء الذي ينقصه، ويحب الإستعانة بمقولة الروائي الفرنسي، أندريه برتون، (لا أمتلك أصدقاء وإنما أحباء)”، كذلك حكت عن خياناته المتعددة لها؛ ما جعلها تقرر مغادرته والذهاب بعيدًا بطفليها.