التكامل العقلي ورسوخ الوعي الوطني بعد هذا الكم من التشتت لا يمكن أن يولد طبيعيا دون مخاض مؤلم بالمطبات المسيلة للدموع أو العصي وطعنات الغدر من قبل المستغلين لهذه الصرخة .
المرجعية حكاية اتكال وذريعة أخرى لشعب اعتاد رمي السبب على غيره ولا ادري هل الشعب يعتبرها قشة انتشال حقيقية أم يراد بالقشة معناها الصغير كجزء من سلسلة مترابطة من تعميق الفجوة بين اليد الشعبية وهذه المؤسسة فإذا أُريد المعنى الأول فهو بحد ذاته مؤشر على جمود العقل الجمعي عندما ينهال الوطن كفكرة يجب المضي بها أما المعنى الثاني فهو غاية الغايات لكثير من الأطراف دولية كانت أم محلية, التخبط والتشتت الذي نعاني منه في حياتنا اليومية من الطبيعي جدا نجده قد طغى على هذه المظاهرات الجارية فنحن نتيجة الضربات المتكررة من مختلف الجهات قد تلاشينا لحد اللاوجود، خير دليل على كلامي هو أن المطالب تتلائم مع شخص لم يعش إطلاقا هذا العصر المتطور كأنما جيء به من بداية القرن الماضي فالماء ، الكهرباء والعمل من المخجل أن نسميها مطالب شعب لكن في العراق نجدها مطالب أساسية.
نحن نعتبر موقف المرجعية كان من اعظم المواقف وأن كان كلامي سيزعج الكثير أو قد يفهم انه دفاع عنها فهو واهم جدا وغير مدرك للنتائج المتحصلة من هذا الأمر، نتفق جميعا أنها قد ساندت التظاهرات دون أن تبدي موقف أخر بارز للعيان غيره وهذا مانسميه تدخل وقد اعتبره الكثير منا خذلان للمطالب المشروعة لكن يجب الالتفات لأمر واحد لماذا اكتفت بالمساندة فقط دون موقف أخر؟ هل هناك رسالة تريد إيصالها أم مجرد خذلان كما أُعتبر
نحن على يقين أنها رسالة تتضح معالم سطورها وفق التالي:
1_ التدرج في إيصال الشعب وخاصة الشباب منهم لأخذ زمام المبادرة دون أن ينتظروا توجيها من أحد ما وهي مرحلة عليا من الحس الوطني الذي غيبناه عنا .
2_الاستفزاز الايجابي الذي مارسته المرجعية وهو عدم ذكرها المظاهرات في الخطبة الأخيرة جعلت الشباب يدركون ضرورة المضي دون انتظار احد بالتالي دفعوا بأنفسهم منطلقين ومحملين بشعور الخذلان الذي كان القوة الكامنة خلف خروجها بهذا الشكل .
3_ تهيئة كوادر شبابية لقيادة المظاهرات وهذا لم يكون ليحدث لو تدخلت إحدى الجهات ، وهي مرحلة مهمة وحساسة في مجال بناء جيل وطني , وأن لم تكون هذه الخطوة قد تحققت بعد فهي قابلة للتحقق.
4_ القضاء على الازدواجية التي تعاني منها مطالبنا وهي مشكلة لدى اغلب المنتمين لأفكار معينة
-المدني يريد فصل الدين عن السياسة لكنه يطالب المرجعية بالتدخل فأي حماقة هذه
_الإسلامي السني الرافض لهيمنة الشيعة ومؤمن بمبدأ تعدد وحقوق المكونات يطالب المرجعية في التدخل فأي التفاف هذا
-الإسلامي الشيعي الذي يرفض وينزعج من ولاية الفقيه يطالب المرجعية بالتدخل فأي غباء هذا لأن اي تدخل من قبل المؤسسة الدينية بالشؤون السياسية وتقرير الأمر بالنيابة عن الناس هو تطبيق فعلي لولاية الفقيه
5_ تقوية أجنحة جماهيرها للطيران لكي تحلق وتسد رمق حقوقها بنفسها دون الرجوع لها، وهي ممارسة عالية ودرس وطني بليغ تروم إيصاله لهم.
أيها المواطن أن مسألة الجهاد الكفائي تختلف كليا عن الوضع الراهن , فتلك المرحلة قد هُدد الجميع بها من ضمنهم أربابنا من الحجر السياسي الفاخر بالفراغ !! لذلك هب الجميع , أما هذه المرحلة فهي منقسمة على نفسها مابين الجمهور الثابت للأحزاب وهو غير قابل للتغيير وبين جمهور غفير من الفقراء الذين ينقسمون بدورهم إلى رافض لكل هذه المهزلة وإلى مجبور بفعل الأسرة للبحث عن منفذ حزبي له وبين أشخاص خارج المعادلة لا يفقهون شيئا بكلا النوعين فتجدهم يرتدون الثوب الحزبي فقط إبان الانتخابات ثم يخلعوه عنهم بعد ذلك , ناهيك عن أن الحرام لا يحتاج فتوى لكي يحرم !! .
ينبغي علينا طرح هذين السؤالين
طيلة (15 سنة) هل دخل الشعب ولو قليلا بمعادلة الفساد مع نفسه أم ظل نقيا بعيدا عن هذا القاع الذي حُفر لنا عمدا؟ , هل اصابتنا عدواهم أم لا بحيث سنكون بمنأى عن سياستهم إذا استلمنا أماكنهم ؟
إذا أدركنا هذا الكلام ثم أجبنا بصدق على السؤالين حينها سنعرف لماذا وجدت الفتوى بتلك وغابت عن هذه , اختلاف مابين المرحلتين وقد عمق هذا الاختلاف الحرب التي لابد منها مابين الجماهير الثابتة والتي من الممكن أن ينظم إليها الجمهور الرمادي (المجبور بفعل المعيشة وكذلك الذين لا يفقهون شيئا ) فالإجابة أيضا ستبين لك من ساهم في بقاء هذه الزمرة في الحكم طيلة هذه السنوات .
أن المرجعية تريدك أن تكون مركزا للقرار وبيدك مفاتيح اللعب وهي تعلم أنها لن تستطيع ذلك إلا بالتدرج وهذا ما أتضح الآن وسيكتمل وضوحه مستقبلا , كما عليك أيها المواطن أن تترك عبادة المدونين فمن الخطأ أن تترك أتباع قطيع بعض الرموز لتصبح من مواشي أحد الجالسين خلف (الكيبورد) وألف مرة حذرنا من هولاء فهم أوباش معظمهم ينتمون لغرفة راع واحد .
كما لا يفوتني التذكير بقولها المجرب لايجرب التي أرعبت الجميع لكن الذي مدهم بالأمن والطمأنينة هي مصالحنا الضيقة وهذا ما يجب الاعتراف به كبادرة أصلاح لأنفسنا قبل محاولة أصلاح الوضع السائد و ينبغي علينا في هذه المرحلة إدراك الوطن والتمسك به وهذا لا يأتي بتطرف أخر يتمثل باستبعاد الآخرين مستمدين هذا الخطأ من مبدأ التعميم ( كالمعممين أنموذجا) فأي تعميمٍ هو طعنة للمبدأ العلمي في القياس فلا يمكن منطقا أن يكون هولاء جميعهم سيئين وهذا الطرح له أهدافه وهي تفضح الايديولجية الفكرية لمن يقف خلفه ولا مجال لذكره هنا فقد تم ذكر هذه الجزئية كونها بدأت تشكل هشيم يحرق التفكير الشبابي ويحرفه عن مساره الصحيح وعن وجوب التمييز بين السراب الديني الذي نشاهده في السياسة وبين الواقع الديني الممثل بالإنسانية ورجال الدين الحقيقيين مستغلين بذلك الأعمار الصغيرة لرواد مواقع التواصل الاجتماعي وتعبئتهم بمفاهيم وشعارات بعيدة جدا عن الواقع وبعض هذه الشعارات كانت سياسية بعيدة عن لافتات الشعب وأن تم تصديرها على ذلك نتيجة ترويجها في مدد سابقة على انها مطلب حقيقي للقضاء على الفساد .
في الختام لو افترضنا جدلا أن حركة الاحتجاج هذه قد أخفقت فهي ستنتصر رغما عن أنف كل النتائج ببساطة لأنها دقت ناقوس الخطر ا لديهم فلأول مرة تخرج دون وصاية وطلب هذه الثورة وان لم تحقق مطالبها فهي منتصرة وعصية على الفشل .