19 ديسمبر، 2024 12:25 ص

يا هذا … من أين لك هذا … 7

يا هذا … من أين لك هذا … 7

القسم السابع
إن الخوض في تفاصيل تخصيص ومنح الإستحقاقات والإمتيازات العشوائية لأعضاء السلطات الثلاث منذ الإحتلال وحتى الآن ، لا يسعه جمع كتاب ، وخاصة في مجال عدم التفرقة بين مكافآت أصحاب المناصب وبين رواتب ذوي الدرجات الخاصة ، وعدم علاقتهما بأحكام قانون الرواتب رقم (22) لسنة 2008 ، وإن لم تعرف تفاصيلها بشكل دقيق ، لغرض المقارنة وتحديد الفوارق المالية المترتبة على ذلك ، إلا إن ما كان يتقاضاه كل منهم سابقا من مكافآت ورواتب ومخصصات ، يزيد على ما منحته لهم القوانين (26و27و28) لسنة 2011 الملغاة والقرار الباطل موضوع البحث ، بغية إنهاء الجدل والحديث بضجيج عدم القبول عما يتقاضاه المذكورون وإختلفوا في بيان مقاديره ، كما اختلف الباحثون في نتائج رصدهم ، بسبب عدم كشف الرئاسات الثلاث عن حقيقة مقادير الواردات الرسمية بما فيها تخصيصات المنافع الإجتماعية ، التي ستكشفها الأيام مهما طال ليلها ، ووزراء المالية أول المسؤولين عن عدم نشر تفاصيلها ، وإن لم يكن تخصيصها ومنحها متوافقا مع المعايير والأوزان الحقيقية لموجباتها ، أثناء الخدمة وبعد إنتهائها .

* لقد نص البند (ثالثا) من القرار ، على أن (( يوقف العمل بنص المادة (12/ثانيا) من قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية أو الأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية رقم (20) لسنة 2009 (1) ، ويصرف للمصاب الذي لديه نسبة عجز (65%) فأكثر ، وكان عاجزا كليا عن العمل ، راتبا تقاعديا يتناسب ودرجة العجز من الراتب المذكور في المادة (12/أولا) من القانون المذكور )) .

لقد نصت المادة (12/ثانيا) من القانون المذكور ، على أن ( ينقل الراتب التقاعدي المنصوص عليه في هذه المادة للمصاب بعد وفاته إلى المستحقين من خلفه ) ، ولا ندري كيف يحرم المستحقين من إستحقاق حصة الراتب التقاعدي عن المتوفي بصيغة ( وقف العمل بنص المادة 12/ثانيا ) وذريعة تقليص الإنفاق الحكومي وبدون تحديد لمدة الإيقاف ، في الوقت الذي كان فيه من الأولى تعديل تلك المادة وتهذيب ذلك القانون من شوائب المبالغة في الإسراف عند تخصيص ومنح الراتب التقاعدي ، على أساس ثلاثة أضعاف ، وضعف ، ونصف الحد الأدنى للراتب التقاعدي ، أو ( للمشمول بأحكام هذا القانون الجمع بين إستحقاقه من الراتب التقاعدي للشهيد والمصاب بنسبة عجز (50%) فما فوق ، وأي حصة تقاعدية أو راتب الرعاية الإجتماعية أو أي راتب آخر ) ، حسب نص المادة (12/ثالثا) من القانون ذاته ، وذلك مما يخالف القواعد العامة ، ولا يعبر عن حقيقة وفاعلية تخفيض الإنفاق الحكومي المنشود ، مع العلم إن القانون المذكور مستثنى ( من إلغاء كافة النصوص القانونية الواردة في التشريعات والاوامر التي تقرر للمتقاعد او المستحق حقوقا تقاعدية ( راتبا أو مكافأة ) خلافا لأحكام قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 ) ، كما تم تعديله بعد التوجهات الإصلاحية ؟!، مع بقاء تلك النصوص من غير تعديل أو تبديل ؟!، حسبما جاء في القانون رقم (57) في 30/12/2015 . (2)

* وأخيرا نص القرار ، على أن لا يعمل بأي أنظمة أو قرارات أو تعليمات تتعارض مع ما ورد في هذا القرار . وينفذ إعتبارا من 1/9/2015 ، إلا إن شيئا لم يتحقق ؟!، ولن يتحقق ما دامت هنالك مقاصد ونوايا سيئة مرافقة لجهل إداري وقانوني وإقتصادي مهني ، وتستمر وتيرة إجراءات الإصلاح بالكلام وعلى الورق كذبا وزورا وبهتانا ، وعلى غير هدى المطلوب مهنيا ، فلم يحاسب فاسدا ولا فاشلا ، ولم يحصل المواطن على غير الزيادة في مأساته وحرمانه من أبسط حقوقه ، ولم تصبح أجهزة الدولة إلا بأسوء حالات ما كانت عليه . ولكنها بعض إمتيازات إدارات الصدفة ، التي جعلت الكثيرين يتكالبون على خوض غمار المنافسة على مقاعد السلطات ، لغرض الحصول على عوائد ومغانم المجالس المادية والمعنوية المتعددة ، التي لا يحصلون على بعضها في أقصى درجات أمنياتهم وطموحاتهم ، وأجمل وأحلى أيامهم وأحلامهم ، وفي أعلى ذروة طمعهم وشراهة نهمهم ، ومن أجل ذلك كله أو بعضه ، وليس بهدف خدمة الشعب بخبراتهم وكفاءآتهم وإمكانياتهم المهنية المعدومة ، التي لا يمتلك معظمهم شيئا منها ، وبذلك شاع الفساد وكثر المفسدون ، فارتفعت معاول الهدم وانخفضت أدوات البناء ، بدلا من علو سواد المهنيين بما يضمن سلامة الأداء وحسن العطاء ؟!. وهي مسألة تؤسس إلى وجوب إخضاعها والمشرع والمنفذ للمساءلة القانونية ، تحت عنوان ( من أين لك هذا ) ، ليس على مستوى الكسب غير المشروع فقط ، وإنما على مستوى الرأي الصحيح والفكرة السليمة والرشيدة ، وآليات تطبيقها وجدواها الإقتصادي نفعا ليس فيه ضررا ولا ضرار بالصالح العام ، وليس كما شرع مجلس النواب لأعضائه في آخر أيامه قانون الإختلاس النيابي المرقم (13) لسنة 2018 ؟!، لينبري أحد النواب الخاسرين بالقول ( أجزم بأن ليس في القانون من إمتيازات ) ، لنقول له ومن منطلقات القانون والعرف الإداري : كيف صدر المرسوم الجمهوري بإحالتكم إلى التقاعد بالإستناد إلى ما أصدرتموه بدلا من قانون التقاعد ؟!، ولماذا تم تشريعه بالطريقة التي تعرفها وفيه جنبة مالية مانعة من إصداره ؟!، وكونك يا هذا في اللجنة القانونية لمجلس النواب ؟!، سوف تسمع وغيرك صرير أقلام الرفض وأصوات الغضب لما إقترفتموه منذ الإحتلال سنة 2003 ولحد الآن .

إن ما قدمناه من أدلة فشل الإدارة العامة للسلطات وعجزها عن معالجة أدران الفساد في حالة واحدة ، يؤكد نوايا السوء لدى أفراد أحزاب العملية السياسية بعد الإحتلال ، وديدنهم في الإستحواذ على ثروات العراق بأقل وقت وجهد يسمح به واقع ظروف وزمان تواجدهم فيه ، لضمان إستمرار تحقيق مصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة ، وحرصهم الشديد على ذلك دون غيره ، مع عدم أهليتهم لإدارة دفة الحكم جهلا بموجبات مقتضياتها ، وبدوافع ومقاصد السوء التي جبلت عليه نفوسهم وملئت به قلوبهم من الحقد والكراهية ، القائمة على أسس وبنيان نتانة العرقية والطائفية والمذهبية ، والرغبة الجامحة في الإنتقام والتسقيط الشامل لكل مقومات القدرة العراقية ، بغية تحقيق خراب ودمار العراق ، وحرمان العراقيين الأصلاء من أبسط حقوقهم ، بسرقة وسلب ونهب وإختلاس أموالهم ، وتسخيرها لخدمة مصالح دول لا تريد خيرا للعراق وأهله ، هدفا وغاية ، وردا لجميل إيوائهم لديها أذلة صاغرين ، وضمانا لعودتهم القريبة إليها إن إستطاعوا إلى ذلك سبيلا ، لأن جزاء نتائج ( من أين لك هذا ) لم ولن تكون إلا بما يستحق من خان العهد والأمانة ، وإن إسترداد كل فلس مجتر بالسحت الحرام فرض محتوم ، وعلى ذرية كل فاشل أو فاسد ، واجب السداد مهما إمتد الزمن وطال الأمد ، لأن النار أولى بكل جسد غذي من حرام .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4140) في 28/12/2009 .

2- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4395) في 25/1/2016 .