تكشف وثيقتان تتعلقان بانتخابات الأنبار ونينوى، مقدمتان الى القائد العام للقوات المسلحة، تكشفان كيف تسير الأمور في مجلس الوزراء، وتفسران غضب وزراء التيار الصدري وقيادتهم السياسية بشأن “تزييف الحقائق” الذي قام به الفريق السياسي والعسكري لرئيس الحكومة نوري المالكي.
وقال المصدر الرفيع الذي زود “المدى” بالوثيقتين، طالبا عدم كشف هويته، ان المالكي عرض على الوزراء “كتابا مليئا بالتلاعبات وعدم الدقة”، موضحا انه أعطى الوزراء كتابا موجها إليه بصفته القائد العام للقوات المسلحة، من اللجنة الأمنية العليا للانتخابات، يقول ان اللجنة اجتمعت مع قيادات العمليات في نينوى والانبار وقد أوصوا بضرورة تأجيل الانتخابات.
لكن الضجة التي صاحبت قرار المالكي بتأجيل الانتخابات جعلت عددا من الوزراء يطلبون أوليات كتاب اللجنة الأمنية ومحاضر اجتماع خلايا الأزمة مع قيادات العمليات.
ويوضح “بعد الأسئلة والتدقيق لم يقدم المالكي دليلا على حصول اجتماع في نينوى، بل قدم كتابا واحدا لمحضر اجتماع في الرمادي غاب عنه 3 من أصل 6 أعضاء في خلية الأزمة الأمنية”.
وأضاف “حسب الكتاب فإن مدير استخبارات الانبار تغيب عن اجتماع خلية الازمة التي أوصت بتأجيل الانتخابات، كما تغيب مدير المفوضية هناك، الى جانب مدير شرطة الانبار، ويوضح الكتاب ان مسؤولا امنيا آخر قام بالتوقيع نيابة عنهم”.
وتابع “ان الكتاب الأول المختصر الذي عرضه المالكي على الوزراء كتوصية عليا بتأجيل الانتخابات، كان مكتوبا بطريقة مزيفة ولم يعكس الواقع، واستند الى تواقيع 3 مسؤولين معنيين من أصل 6 في الانبار، ولم يوثق شيئا بشأن وضع الموصل”. وختم بالقول “الكتاب الأول المكون من خمسة سطور حسم الموقف بطريقة مفاجئة، وهكذا تسير الامور في مجلس الوزراء بدون نظام داخلي يضبط أسلوب صناعة القرار”.
وجاء في الوثيقة الاولى العائدة الى اللجنة الامنية للانتخابات ان “اللجنة الامنية العليا للانتخابات توصي بالتوجه إلى تأجيل الانتخابات في محافظتي نينوى والانبار إلى وقت يتم تحديده من مفوضية الانتخابات بالتنسيق مع اللجنة الأمنية العليا للانتخابات”.
لكن الفرق يبدو مع محضر اجتماع خلية الأزمة الذي عقد في الساعة السادسة من مساء يوم السبت المصادف 16/3/ 2013 من اجل إجراء انتخابات مجالس المحافظات في محافظة الانبار تحديدا.
ويوضح المحضر أن”اللجنة الأمنية أوصت بعدم إمكانية إجراء انتخابات بشكل جيد بسبب وجود التظاهرات والاعتصام، من دون ان يذكر محافظة نينوى من ضمن المحافظات التي سيتم تأجيل الانتخابات فيها، في حين ان مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ضم محافظة نينوى مع الانبار بقضية إرجاء الانتخابات إلى ما بعد ستة أشهر لحين توفر الأمن”.
وبررت خلية الأزمة عدم إمكانية الشروع في انتخابات المحافظة “بصعوبة الاستعانة بقطعات من خارج المحافظة بسبب وجود الحساسية من قبل المتظاهرين، فضلا عن صعوبة تامين وصول وفود الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني للمشاركة والإشراف على شفافية العملية الانتخابية بسبب الوضع الأمني غير المستقر خاصة في المناطق النائية والريفية من دون تحديد هوية المحافظة”.
وذيل هذا المحضر بتاريخ 16/3/2013.
وقررت الحكومة العراقية، يوم الثلاثاء، (19 آذار 2013)، تأجيل الانتخابات المحلية في محافظتي نينوى والأنبار بناء على طلب من رئيس الحكومة نوري المالكي لمدة ستة أشهر، على خلفية سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة هزت محافظات بابل وكركوك، فيما كانت لبغداد حصة الأسد منها، إذ أسفرت في أحياء متعددة من العاصمة عن مقتل وإصابة 207 أشخاص في حصيلة أولية.ولاقى القرار ردة فعل معارضة قوية من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي أكد يوم الثلاثاء (19 آذار 2013)، أن تأجيل الانتخابات في محافظتي نينوى والأنبار هو “إقصاء للسنة”، و”ظلم للتشيع”، وعدًّ “تهميش سنة العراق كارثة لا تغتفر”، وشدد على أن تأجيل الانتخابات بصورة عامة ”تكريس للطاغوت والدكتاتورية”، مبيناً أن البقاء في الحكومة الحالية “أمر ضار”.