تزداد الأزمات وتشتد التوترات في واقع الاجتماعي قبل السياسي في العراق ، لكن هذه المرة قد تكون الأخطر في مراحل حياة الشعب التي تعاقبت من سوء إلى أسوء ، فمن احتلال أجنبي إلى احتلال طائفي و إقليمي ناهيك من المراحل السابقة القاسية .
لم تكن الحكومة العراقية على اختلاف اتجاهاتها و أحزابها و انتماءاتها نعمل من اجل العراق بل جل اهتمامها كان ومازال من اجل مكاسبها ومصالحها الشخصية ، ومصالح من يدعمها من الاتجاهات و الأقطاب و الدول المجاورة و البعيدة كلا على أساس مصالحه .
لكن أسوء ما في الأمر هو تحول الصراع على مكاسب السلطة و المناصب من السياسيين إلى الشارع العراقي ، إلى النسيج الاجتماعي ، هذه اللعبة التي اقل ما توصف بأنها قذرة ، وسيلة يتخذها رجال السياسة و الدين السياسي أيضا لكسب التأيد ، وجمع اكبر قدر ممكن من الجهور ، كل طرف يحزب المذهب الذي ينتمي إليه ويشيع ثقافة الغلبة الطائفية ، ويبني قاعدة جماهيرية امام الخصوم .
ونكون أكثر صراحة ، الشيعة في العراق تدعم الحاكم الشيعي فقط لأنه من المذهب و تأيد التمسك بالسلطة ، والسنة أيضا يدعمون السياسيون السنة على اعتبار أنها مغالبة مذهبية على من يملك أكثر من السلطة ، لكن في المقابل الشعب سواء كان من الشيعي أو السني أو أي مكون آخر أو أقلية ، لم يحظى بحقوقه ولم يكن المواطن يعامل كمواطن يعيش في بلده ، ولم يتمتع بحقوق الإنسان للعيش بكرامة ، معيشة تناسب ومؤهلاته كانسان أو كعراقي يعيش في بلد غني ، فالمذهبين وباقي الأديان والقوميات و الأقليات ، وعلى تعدادها لم تنل حكم العدل والقانون في زمن ممثلي الشعب ، وحكم الديمقراطية كما يدعى ذلك ويشاع ، لم يكن المواطن أياً كان انتماءه أو دينه قد نال حقوقه ، مع العلم يوجد في السلطة سياسيين من كل القوميات والمذاهب فهي ليست في يد اتجاه واحد أو مذهب معين بل بيد أطراف متعددة ، ولم يحصل المواطن على حقوق مواطنته ، فجميع هذه الحقوق واحدة ، والكل يعاني من سوء الحال لان الكل يعيش في ظرف واحد وذات الواقع .
المؤسف الشارع العراقي ينجرف مع العواطف ، والسياسي اتخذ هذه الوسيلة من اجل مصالحة السيئة ، لم يكن المتحدث السياسي باسم المذهب قد عمل بنزاهة خلال الفترة السابقة ولن يحدث في اللاحقة كما هو ملموس من الأحداث ، لكن اللعبة التي أساءت للشعب و تاريخه هي التصعيد الطائفي على اعتبار السياسي حامي المذهب .. لم يكن حامي الوطن أو مدافع عن حقوق المواطن ، و أصبحت المناصب عبارة عن مكاسب و غنائم كما هو حاصل في عمليات الفساد المتكررة و المتزايدة التي لا حساب عليها ولا تحذير ، و لم يهتم الشعب لها بقدر اهتمامه للطائفية ومن له الحق في السلطة ، لم يهتم بالشخص وقيادته بقدر انتماءه وولاءه الطائفي ، لم يكن هناك الاهتمام الكبير لمن يمثل الوطن أو لمن يتحدث بحقوق المواطن كمواطن ، بل المهم من يحمي ويمثل المذهب ، هذه الثقافة التي شيع لها السياسيون الفاشلون من لا يمكنهم الاستمرار بالعملية السياسية لضعف كفاءتهم فستدنو لقوة العواطف الطائفية ، فهم من روج هذه الخلافات والانقسامات الشعبية للوصول والبقاء والاستمرار في التمتع بالمنصب .
امام الشعب العراقي مرحلة تاريخية ومصيرية هو المسؤول عنها أكثر من رجال السياسة بعد تجربتهم وبيان حقيقة من يدعون الوطنية والخير الذين يتلاعبون بعقول المواطن ومصيره ودمه ،
الأفضل النظر للحاضر والمستقبل وتميز صالح الوطن لا صالح مجموعة ضيقة فالمجتمع ليس بحاجة لصاحب القومية أو صاحب المذهب أو صاحب الادعاء الديني ، بقدر الحاجة لحكم القانون و الحقوق الإنسانية و احترام الكل كانسان ، لكي يتمكن الكل على اختلاف انتماءهم ورغباتهم من التمتع بحقوقهم بما يساير القانون بتحضر، بعيدا عن همجية الانتماءات الطائفية .