15 نوفمبر، 2024 6:59 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. إياد شماسنه: لابد من تحالف الإبداع والفكرة والتقنية للفوز بدهشة القارئ

مع كتابات.. إياد شماسنه: لابد من تحالف الإبداع والفكرة والتقنية للفوز بدهشة القارئ

خاص: حاورته- سماح عادل

“إيّاد شماسنه” روائي وشاعر وناقد فلسطيني، مولود عام 1976 في ضواحي القدس، صدر له ديوانا شعر هما: “التاريخ السّرّي لفارس الغبار” و”حدائق الكريستال”. وصدرت له عام 2014 روايته الأولى”امرأة أسمها العاصمة”، و صدرت الرّواية الثّانية بعنوان “الرقص الوثنيّ”. وهو في أعماله السردية يعتمد على سرد أحوال شعبه، وتأريخ الشتات، وتهتم أعماله بالإنسان وعوالمه الداخلية.

إلى الحوار:

(كتابات) بدأت بكتابة الشعر وأصدرت ديوانين، ثم اتجهت لكتابة الرواية لم؟

  • لي مشروع شعري وآخر روائي، بدأت بالشعر لنضوج تجربتي الشعرية باكرا، بينما تحتاج التجربة الروائية إلى الكثير من المخاض الفني، ومن الاحتراف السردي، ذلك يجعلها تأتي تاليا، لكنهما لا يتعارضان.

التجربة الشعرية لها تجلياتها الخاصة، وكذلك التجربة الروائية، بعض الكتاب يتقنون إحداهما، بعضهم يتقن العملين مع صعوبة الجمع، كل من التجربتين غيور على ذاته، ويأخذ الكاتب إليه، لكن صناعة النشر البائسة عربيا، تساهم في الترويج السهل للرواية، بينما تحجم عن ترويج الشعر، أو الترويج لأدواته من لقاءات ومهرجانات ونقد، يصعب على الكاتب أن يحمل مشروعه الشعري وحيدا، بينما تتفجر موهبة السرد وتجد متسعا للإبداع والانتشار، ذلك لا يترك للمبدع إلا خيار التنفس ولا يترك للشاعر إلا فرص الانتظار.

(كتابات)  في رواية (الرقص الوثني) تناولت إشكالية اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل ومحاولتهم التكيف مع متطلبات دولة الاحتلال؟

  • كانت (الرقص الوثني) محاولة لتسليط الضوء على الخليط الفرانكشتاني الإنساني في دولة الاحتلال، هذه الخليط الجزافي الذي يتأقلم بالقوة الممثلة بالمؤسسات والمال والقانون، منهم اليهود، خصوصا، باعتبار الدولة التي قامت على فكرة جمع اليهود من الشتات، فيما يزعمون.

ما زالت قضايا أطفال يهود اليمن الذين اختفوا بعد هجرة اليهود أو ترحيلهم إلى الدولة الجديدة تتردد في الأدبيات العبرية، هذا يؤكد أن الخليط البشري، جزافي، غير متجانس، ولولا عمليات الصهر الكبرى، صهر الوعي والقيم والأخلاقيات، صهر الإنسان، ما استمروا في التعايش معا، لا شيء يسمى التكيف مع متطلبات دولة الاحتلال، هنا إعادة خلق وعي إسرائيلي جديد وفقا لرأي المؤسسات الدينية والعسكرية، التي تخدم المشروع الصهيوني بحذافيره.

(كتابات) في رواية (الرقص الوثني) تناولت زيف منظمات حقوق الإنسان التي تحاول تجميل وجه الاحتلال؟

  • لا نستطيع التعميم، لكن المؤسسات التي تأخذ ترخيص ممارستها من دولة احتلال، وموظفوها يدفعون الضرائب للاحتلال، ويخدمون في جيشه، لا يمكن أن تكون حقوقية تماما، هم أيضا أبناء أحزاب يمينية أو يسارية أو غير ذلك ويتأثرون بأيديولوجياتها، المرجع الأول لديهم هو القانون الإسرائيلي والمحكمة الإسرائيلية التي نعرف تحيزها ضد الإنسان الفلسطيني، في النهاية هي صورة جميلة يحاول الاحتلال بقاءها لتلميع الوجه القبيح. ما زال أمام المحكمة العليا أكثر من ستين قانون عنصري إسرائيلي ضد العرب والفلسطينيين، ومع ذلك تزعم الدولة المحتلة أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، هذا بالطبع اجتثاث للصورة في أصغر تفاصيلها، ديمقراطية فئوية خاصة بالمكون الخاص بالدولة، ديمقراطية لليهود المطيعين للدولة دون غيرهم من سكان البلاد وأهلها الأصليين.

(كتابات)  هل سرقة الآثار جريمة تحدث بالفعل في فلسطين؟

  • الاحتلال أساسا قائم على السرقة، بدأ ذلك مع الاستشراق الديني والاستعماري، أو البحث اللاهوتي التوراتي قبل مائتي عام، وما زال مستمرا. تقول د “هنيدة غانم” من مؤسسة الدراسات الإسرائيلية “مدار” أن إسرائيل هدفها محو البلاد وإنشاء الكيان الإسرائيلي، لذلك فالجريمة مستمرة.

على المستوى الفلسطيني، ككل العالم هناك تجاوزات سببها الفقر أو الجهل، تتابع الجهات المسئولة منها ما استطاعت. ومع ذلك تبقى حالا خطرة ضمن معادلة الصراع على الحق والأرض والرواية، الانثروبولوجيا في البلاد لها سلطتها العسكرية، وأية مساهمة في صياغة تهدم الحق الفلسطيني التاريخي الأبدي، الإنساني أولا وأخيرا، جريمة، سواء كانت ببيع الآثار أم الوثائق أو بالتخاذل عن صيانة المواقع الأثرية أو حمايتها، حتى الفقر الذي يؤدي إلى الجريمة هو جريمة بحد ذاتها.

(كتابات) هل استعنت بكتب ومصادر قبل كتابة رواية (الرقص الوثني) أم اعتمدت على خبرة حياتية؟

  • قبل أي كتاب، أقوم بعصف ذهني، وعند الحديث عن أية تفاصيل تحتاج إلى الدقة العلمية أو التاريخية أو الفنية، لابد من العودة إلى المراجع، ينبغي احترام ذكاء القارئ الذي تنفتح أمامه ثورة المعرفة عبر البوابات الهائلة للتكنولوجيا، وبسهولة يمكنه إجراء بحث للتأكد من المعلومات، المهم كيفية معالجة المعلومات وتضمينها طبيعيا بشكل غير مجحف للسياق. الرواية التي أكتبها، رواية صادمة، تؤثر، وهذا التأثير يجب أن يكون في الاتجاه الصحيح، الدهشة التي تقود إلى الخطأ خطيئة.

لا يمكن الاستغناء عن الخبرة الحياتية للكاتب لإنتاج نص سردي مقنع، الكاتب جزء من المجتمع الفلسطيني العادي، وكذلك جزء من المثقفين الذين يحملون الهم الفلسطيني، في الكتابة تتفاعل المكونات اليومية والثقافية، مع الخبرة في السرد، والقدرة على الابتكار، لتقدم نصا مثل (الرقص الوثني).

(كتابات) إشكالية الهوية والانتماء والصراع على الأرض هل هي مشترك أساسي بين الكتاب الفلسطينيين في رأيك؟

  • لا، ليس بالضرورة، الهوية متطورة على الدوام، الهوية الثرية ديناميكية بامتياز تنمو وتستوعب المستجدات.

إشكالات الهوية والانتماء وحتى الصراع، وإن كانت هم كل فلسطيني، لكنها لا تكون القضية الروائية لجميع الكتاب، لكل منا اهتمامه، وكل ميسر لما خلق له. لكني اعتقد أن هناك ولو تفصيلا صغيرا في حياة كل كاتب لركن من أركان القضية، ليس عسكريا أو صراعيا بالضرورة، إنما أي جانب من جوانب القضية البشري أو الإنساني أو الحقوقي، القضية الفلسطينية قضية كل إنسان حر يؤمن بالعدالة.

(كتابات) هل اختفت القضية الفلسطينية من الكتابات السردية العربية في الوقت الحالي.. وما هي الأسباب؟

  • ما زال للقضية الفلسطينية كتابها، وما زال لتفاصيل القضية من يتعمق فيه، ربما طفت على السطح قضايا أخرى، مثل الإرهاب أو الربيع العربي، وتحديات العولمة، الحرب في سوريا، اليمن وغيرها، هذا يشارك القضية الفلسطينية الاهتمام، لكن ذلك لا يخفيها أو يطمسها، كما أن الكتاب المهتمين بالقضية الفلسطينية بدئوا يبتعدون، أو ابتعدوا عن الشعاراتية، وكتبوا عن الإنسان الفلسطيني أو العربي، الذي هو أخ للفلسطيني في القهر والخذلان، لذلك قد نلمس تغييرا، لكنه ليس اختفاء، هو ضرورة إبداعية لتجنب إعادة اختراع العجلة الإبداعية.

(كتابات)  في رواية” امرأة اسمها العاصمة” احتفيت بالمرأة ودورها في الحفاظ على الحياة ما السبب؟

  • في البدء كانت الأنثى، الشريكة والحبيبة، قضية الأنثى والأنوثة شغل أبدى، لا يمكن تحقيق الازدهار ونصف العالم متعب أو مثقل، أو مظلوم. لا يمكن فصل الأمور عن بعضها، خطورة الأمر في التجاهل والظلم الذي لا يمكن أن ينتج مجتمعات متحضرة، العناية بالأنثى العاصمة، يؤدي إلى العناية بكل أنثى، الأنثى القضية، الأنثى العاصمة، الأنثى المحبة، العناية بالتمكين والتأهيل، وليس بالترف والتساهل.

(كتابات)  هل تهتم بالتجديد في تقنيات السرد وشكل الرواية قدر اهتمامك بالموضوعات التي تتناولها فيها؟

  • اهتم أن يصل العمل الإبداعي شعريا أو سرديا للقارئ، مدهشا، مشوقا وجذابا، أبحث عن الشكل والتقنيات المناسبة التي تحقق ذلك في وقتها، لا أقلد أو أقحم التجديد إقحاما، يجب أن يكون هناك تحالف إبداعي بين الكاتب وفكرته وتقنياته من أجل الفوز بدهشة القارئ، ليس القارئ الحالي فقط، بل القارئ المستقبلي القادم، ينبغي أن نحرص أن تكون أعمالنا قيد القراءة في الأعوام القادمة، مثلما كانت الأعمال الخالدة، من المعيب الكتابة كوجبات استهلاكية سريعة.

(كتابات) كيف بدأ شغفك بالكتابة وهل واجهتك صعوبات ككاتب؟

  • بدأت الكتابة مع أحلامي الأولى في الحياة. بدأت باختلاق الحكايات والأغنيات التي كبرت معي يوما بيوم، أذكر أولى محاولاتي لابتكار كتاب خاص بي، فكرت بجمع الأحاديث النبوية التي في كتاب المدرسة لتكون في كتاب واحد وأنا في سن لا يعرف أن علماء فعلوا ذلك، ثم فكرت في قصص خاصة بي من اختراعي، ثم جربت التغني بالكلمات إلى أن اصطدت نغم القصيدة وطورت قدرتي على التعامل معه، ثم طورت قصصي البدائية إلى روايات، أتلفت منها خمسا قبل أن أقرر نشر سادسها لتكون عملي الروائي الأول. إما إصداري الشعري الأول فكانت رحلته طويلة بين التردد وبين دور النشر، إلى أن استقر الرأي والاتفاق على دار فضاءات للنشر والتوزيع التي جعلت الحلم حقيقة.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة