ان مانشاهده الان من تظاهرات واسعة في جنوب العراق ماهو الا
احتجاج شعبي ثوري انطلق من مدينة البصرة وامتد الى مدن الناصرية والعمارة والسماوة ثم النجف وكربلاء وبغداد وديالى. وهي بهذا الوصف يمكن اعتباها انتفاضة شعبية ضد النظام الحاكم في المنطقة الخضراء لكونها لاتتعلق مطالب مهنية ضيقة بل بمطالب شعبية تخص كل الشعب العراقي من الشمال الى الجنوب . وهذه ليست الانتفاضة الشعبية الاولى ، فقد سبقتها انتفاضات عديدة جرى القضاء عليها ايضا بالقوة المفرطة وبالوعود الكاذبة بتحقيق مطالب المنتفضين . ويلاحظ ان السلطة الحاكمة في العراق التي تدعي الديموقراطية تتخذ نفس الاساليب القسرية المتبعة في الانظمة الدكتاتورية . وهم عندما ينتقدون النظام السابق ووصفه بالقمعي فهم يمارسون نفس هذا الدور المنافي لابسط المظاهر الديموقراطية او التعبير الحضاري عن الرأي من اعتقالات واستخدام الرصاص الحي . اضافة الى نعتها بمسميات تسهل تشويهها واعطائها صبغة عدائية مثل اندساس البعثيين فيها او هدفها تخريب المنشآت العامة وسرقة المصارف وغيرها من التهم . وفي انتفاضة الشعب الاخيرة وصف احد النواب السابقين المتظاهرين بالرعاع . . مما يدل على ان طبيعة الاستبداد واحدة في كل زمان ومكان وما ادعاء الحكام الجهلة الجدد بفضاء الحرية الواسع الا استغفال البسطاء والتاثير عليهم من خلال ممارسة الطقوس الدينية بحرية مقابل حرمانهم من ابسط الخدمات الانسانية من ماء وكهرباء وتعليم ومنشآت صحية ووظائف سواء بالقطاع العام ام الخاص . وعلى هذا الاساس انتفض شعبنا بالجنوب مطالبين بحقوقهم الانسانية ولعموم العراق
ان هذه الانتفاضة الجديدة تختلف عن سابقاتها بعدة معايير . . لعل اهمها ادراكهم بان الاحزاب الاسلامية هي اساس الفساد والبلاء وحرمان ابناء الشعب من فرص العمل من خلال استأثارهم بالسلطة والثروة وحرمان الشعب كل الشعب منها ومن الخدمات الاساسية ، ولذلك نرى المنتفضين قد احرقوا مقرات الاحزاب الحاكمة في المدن المنتفضة . كما ان المنتفضين قد شككوا في كل وعود رئيس الوزراء بمنحهم مبالغ كبيرة لتوفير الخدمات كذبا ورياء ولا احد يسأل اين كانت هذه الترليونات التي وعد بصرفها ومتى سيقوم بصرفها ولمصلحة من ؟ والسيد العبادي بمسلكه هذا قد كشف عن حقيقته من انه واحدا من نفس طينة حزب الدعوة او الاحزاب الدينية الحاكمة الذين لاعهد لهم ولا انصاف تجاه شعبهم الذي يدعون انتمائهم له زلفا . اضافة الى ان المتظاهرين قد رفضوا وساطة المعممين وشيوخ العشائر . وهم اساسا كانوا قد رفضوا كل الادعاءات الطائفية المخدرة التي كان حكام الجهل يسوقونها لتخدير الشعب بالدين وهو براء منهم ومن اعمالهم المنافية لكل مبادئ العدالة والانصاف والشرف
اننا نعلم ان هذه الانتفاضة لايمكن وصفها بالثورة رغم انها تعتبر من مقدماتها
حيث تنقصها القيادة والتنظيم . وان الايام القادمة ستشهد تطورات نوعية من الاحتجاجات الشعبية حتى تتبلور الى افكار رصينة وتنظيم وقيادة واعية
ان الحكام القابعين في المنطقة الخضراء لم يدركوا بعد حجم الغضب الشعبي تجاههم ، وهم بهذا المسلك لايختلفون عن كل حكام السوء في التاريخ ولايتخذون منهم عبرة ، حيث ان نسبة مقاطعة الانتخابات العالية تدل بما لايقبل الشك رفض الشارع العراقي لما يسمى بالعملية السياسية المشبوهة والمحتضنة من امريكا وايران ، وكلتا الدولتين لاتريدان للعراق النهوض من جديد ليعود كقوة فاعلة في المنطقة والوقوف امام الاطماع الاقليمية التوسعية او الامبريالية
لقد وصلت الامور الى طريق اللاعودة بين الشعب والسلطة الحاكمة ولم يعد من السهل استغفال المواطن العراقي باي دعوى دينية او حمائية
وقد كنا نطمح بانقلاب عسكري يصحح الاوضاع ويزيح هذه الطغمة الحاكمة لنبدأ بداية جديدة وفق اسس ديموقراطية صحيحة . الا ان الوجود الامريكي المكثف يحول دون ذلك مالم تؤخذ موافقة الامريكان المسبقة ، اضافة الى ان وجود المستشارين الايرانيين والميليشيات الموالية لايران باسلحة ثقيلة تحول دون الاقدام على هذا الانقلاب رغم علمنا جيدا ببسالة الجيش العراقي وحرصه على سلامة الوطن . وما رفض القادة العسكريين النجباء الانصياع لاوامر ضرب المتظاهرين الا مظهرا من مظاهر الشرف العسكري المجيد الذي يتمتع به الجيش العراقي الباسل
ان الطغمة الحاكمة في العراق تهدد المتظاهرين بانهم سيكونون عرضة للتهجير والخراب على غرار ماجرى في سوريا اذا ما استمروا بالتظاهر والاحتجاج باسلوب ابتزازي رخيص . اي ان المواطن امامه طريقين ، اما السكوت على فساد وضيم السلطة الحاكمة الفاسدة ومن وراءها الاحزاب الدينية . او يقع تحت طائلة الاتهام بالارهاب . وهذا ماتم تجربته في مناطق الغربية والموصل
ان قوى الامن الداخلي قد وضت خطة لحماية مقرات الاحزاب الحاكمة في بغداد وفي نفس الوقت يواجهون المنتفضين بالرصاص الحي . لقد بان النظام الفاسد على حقيقته المعادية للشعب كل الشعب بمختلف طوائفه واثنياته
اننا نعلم جيدا ان القابعين في المنطقة الخضراء لا يتمتعون باي قوة ذاتية رغم ميليشياتهم الحزبية واموالهم المسروقة من دم الشعب . وان بقاءهم واستمرارهم بالسلطة يستند بالدرجة الاساس على توازن القوى بين واشنطن وطهران على الارض العراقية . . ومتى ما اختل هذا التوزن سقطت العملية السياسية ومن وراءها الاحزاب والميليشيات المشبوهة والطفيلية . حيث انها لاتملك اي مقومات للبقاء ، ناهيك عن سخط الشعب ونقمته بكل طوائفه واثنياته . وما هذه المظاهرات وقبلها العزوف عن الانتخاب الا دليلا قاطعا على انعدام الثقة والترابط بين السلطة الحاكمة والشعب
اننا نطالب كل ابناء الشعب للاستمرار بالتظاهر حتى نسمع صوتنا المدوي لكل العالم بان هذا الشعب من الشعوب الحية وانه لايبيت على ضيم . ونقول لحكام المنطقة الخضراء قد اعذر من انذر فارحلوا عن العراق حيث لم تقدموا له سوى الفساد والالام والاف الشهداء . ومازالت المسيرة مستمرة