22 نوفمبر، 2024 10:12 م
Search
Close this search box.

رسالة أخرى من الشعب ..

رسالة أخرى من الشعب ..

ليس من المعقول أن تستمر الاحتجاجات ، والمطالبات سنوات من أجل  تحسين وضع الكهرباء  على سبيل المثال ، وتقديمها  بالشكل المطلوب ،  وهي مفردة بسيطة ، دون تغيير جوهري ، لتلبية حاجة المواطن  الخاصة ، ومتطلبات البلاد العامة في خلق عملية تنموية حقيقية ، والنهوص  بها لتواكب  حركة العالم  في التطور والبناء  والعلم ..
ألم يكن باستطاعة الوزارة المعنية على مدى الحكومات المتعاقبة أن توفر هذه الخدمة  بسهولة ، وتكفي البلاد والعباد هذه الازمات والتضحيات  والخسائر ، بعد أن قدم الشعب من ( ماله العام )  ما يكفي لسد هذه الحاجة ويمكن أن يفيض عنها للتصدير باعتراف المسؤولين أنفسهم  ..؟..
لكن يبدو أن الحديث  عن ( الوطنية ) لم يغير شيئا ،  وكان يشبه  حال ( مؤذن مالطا ) في المثل العربي المعروف .. يؤذن فلا يسمعه أحد ، فاضطر الى أن يتوقف عن الآذان ، لانه لم يجد غير نفسه بعد انتهاء الآذان ، ففضل أن يصلي في بيته ،  ما دام الآذان لا يدعو أحدا للصلاة غيره …
أما اليوم  فالآذان بات يسمع ، ويتردد صداه في الآفاق ، بعد أن وصلت المعاناة حدا لم يعد باستطاعة الشعب السكوت أكثر، ولا بد من وضع حد للفساد  الذي ينخر بالبلاد ويستنزف ثرواتها ، ويدمر قدراتها  البشرية بالعوز والحرمان ، فجاء صوته هادرا شاملا  مطالبا بحقه في حياة كريمة ، والتمتع  بخيرات بلاده التي كانت نهبا للفساد وسوء الادارة  …ولم يكن امام المعنيين غير  سماع  هذا الصوت ، والاعتراف بحق الشعب في الاعتراض والتعبير والتظاهر  والمطالبه بتقديم الخدمات  له في مختلف المجالات ، وعرض مجموعة من الاجراءات ، والبحث عن بدائل وحلول كان يمكن القيام بها قبل هذا التاريخ ( ! ) ..
لم يطلب المواطن في البصرة مثلا أمورا تعجيزية  تفوق قدرة الحكومة ، أو  يتطلع الى حالة من حالات الترف غير المبرر .. يريد  ماء صالحا للشرب ، وكهرباء ، ووظيفة ..  وهي  ليست بالأمر العسير على  مدينة تستقر على بحيرة من النفط ، وتعمل فيها شركات كثيرة  بامكانها أن توفر العمل ، لابناء المدينة وعموم العراق..
وجاءت التظاهرات الشعبية هذه المرة بهذا التوسع  لتكون رسالة  أخرى من المواطنين تكمل حالة العزوف الكبيرة عن المشاركة في الانتخابات ، وهي رسالة تعبر عن الامتعاض من الاداء  الحكومي والسياسي ، وفشل العملية السياسية في توفير حاجات الوطن والمواطن المختلفة ، ورفض الفساد الذي اصبح ثقافة باعتراف السياسيين أنفسهم ..
والفساد في منظور الدول المتقدمة لا يقتصر على  انعدام  الذمة ،  وفقدان النزاهة ،  وموت الضمير ، ومد اليد الى المال العام فقط ، وانما  لهذه الآفة الخطيرة وجه أخر هو الفشل في الاداء أيضا ، ولذلك كان المعيار الاساس في الوظيفة والخدمة العامة فيها هو ( وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ) دون أي إعتبار أخر …
والاثنان ( قذارة اليد ) و(  الفشل )  يؤديان الى الاصابة بمرض خطير واحد ،  وإن استخدما طريقين في الوصول الى النتيجة  ، وهو دمار البلد وفقر ابنائه ، ، وتخلف الانتاج ،  إو انعدامه بمختلف مرافقه ، بما فيه الخدمية والفوضى والتجاوز على النظام وضعف هيبة الدولة وعدم احترام القانون  …
و يتحمل مجلس النواب المسؤولية كاملة أمام الشعب ، لاخفاقة على مدى الدورات الماضية في واجبه الرقابي ، وكشف حساب الحكومات في تنفيذ برامجها من عدمه ، والتي لم ينفذ منها  بالتمام والكمال غير التعهدات بين الكتل السياسية  والتحالفات بتوزيع المناصب ….. أليس من صميم واجبات البرلمان  أن يطلب منها عرض ما قدمت أمام الشعب ، ويطالب بالحسابات الختامية في نهاية كل دورة على مدى السنوات الماضية ..؟.
إن التقصير والفشل فساد أيضا  ، كما هو مد اليد الى مال الشعب  فساد ..
والكفاءة المهنية ، وكفاءة الضمير … عنصران مهمان في المسؤول وغياب أحدهما يؤدي الى الفشل …
والطامة الكبرى إذا غاب الاثنان معا ..
والدول التي تريد أن تنهض تحتاج الى مسؤول بدرجة ( قدوة ) في الضمير والنزاهة والامانة والكفاءة والاخلاص والتضحية ونكران الذات ، وليس في الامتيازات …
فأين نحن من هذه المعايير الانسانية..؟

– الواقع يجيب ..

أحدث المقالات