منذ مدة ونحن نلاحظ أن القائمين على أمور الدولة بدأو يراهنون على الزمن من أجل إفشال التظاهرات التي إنطلقت في المنطقة الغربية من العراق وتحديدا في محافظات الأنبارو صلاح الدين ، وفي المقابل نلاحظ أن القائمين على التظاهرات هم أيضاً يراهنون على عنصر الزمن، ولكل منهما مبرراته في الإعتماد على هذا العامل. فالحكومة ترى أننا بدأنا في الإقتراب من إستحقاق إنتخابي (مجالس محافظات وإنتخابات برلمانية) وبالتالي سيحين في حينه حسم الأمور لصالحها، أما القائمين على التظاهرات فهم يراهنون على السخط الشعبي (في مناطق نفوذهم على الأقل) بسبب عدم تلبية الحكومة لمطالبهم التي يرونها مشروعة من وجهة نظرهم، الأمر الذي سيؤدي الى إنقلاب كبير على العملية السياسية والتي بدت متعثرة من لحظة تشكيل الحكومة الحالية. لكن ما غاب عن بال الفريقين أن عامل الزمن يمكن ان يكون وبالا على الجميع وسيقع الجميع في هاوية الحرب الطائفية ( لاقدر الله) ، وها نحن نلاحظ مؤشرات مخيفة على ذلك؛ فمن قتل ضابط وموظفين كبار في الدولة، وتفجيرات طالت الأبرياء في مناطق ذات أغلبية شيعية؛ وأخيراً وليس أخراً محاولة إغتيال رئيس مجلس النواب قبل يومين بعبوة ناسفة أثناء ذاهبه في عمل رسمي، هذا إذا ما أضفنا إليه بعض الفتاوى التي تصدر من البعض وهي ذات نفس طائفي لا يمكن لأي عاقل ووطني أن يقبل بمحتواه. وسيكون بإستطاعة أي شخص مغرر به أن يشعل أوار حرب طائفية لا تبقي ولا تذر إذا لم يتدارك الجميع الوضع ويجلسوا على مائدة المفاوضات من خلال ما يمكن تسميته بوصفة الحكيم عمار، هذه الدعوة التي مازال السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي يرددها في كل لقاءاته مع جميع الفرقاء؛ والتي كان فحواها الجلوس إلى طاولة المفاوضات بدون أن هناك نية مسبقة لإفشال المفاوضات كذلك وضع مصلحة البلد نصب أعينهم وعدم المطالبة بما ليس هو حق وكذلك إعطاء كل ذي حق حقه؛ إستناداً الى ما أقره الدستور النافذ.
بقي أن يعلم الجميع أن الحل أمام أعينهم موجود، لكن مازالت الإرادة السياسية مغيبة ، والى أن يدرك جميع الفرقاء أن المراهنة على عامل الزمن لن يحل أي مشكلة، وأن الهروب الى الأمام هو بمثابة إنتحار سياسي للجميع، وعليع على الجميع الإعتراف بأنهم في مركب واحد وأن التحريض على العنف وتهييج الشارع لن يسرع الحل بقدر ماهو يسرع في رمي البلد الى كارثة المستفيد الأول منها هم من خارج الحدود.
همسة: ماضر الساسة الذين يقولون بأن همهم الأول البلد لو تنازلوا جميعهم عن عروشهم العاجية وفكروا بالمواطن البسيط سواء من أقصى مدن الجنوب أو من أقصى قرية في محافظة الأنبار.
والله من وراء القصد