خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
تحاول “إسرائيل” استغلال التهديد النووي الإيراني وسياسة “طهران” التوسعية كي تقيم تحالفًا إستراتيجيًا بالتعاون مع الدول السُنية الخليجية. لكن بعض المحللين الإسرائيليين ينصحون حكومة “تل أبيب” بعدم الإفراط في الثقة تجاه الدول الخليجية، ولا سيما دولة “الإمارات المتحدة”، التي تنتهج سياسة جريئة وتحسن استغلال ثرواتها البترولية لتصبح قوة إقليمية فاعلة.
وفي هذا السياق؛ نشر موقع (غلوبس) العبري مقالاً للخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية والإستراتيجية، “يوئيل غوزنسكي”، تناول فيه مساعي دولة “الإمارات العربية المتحدة” لتطوير قدراتها العسكرية والتكنولوجية كي تتبوأ مكانة مرموقة في المنطقة.
الإمارات تُعيد رسم خريطة المنطقة..
يقول “غوزنسكي”: إن “جيمس ماتيس”، قبل أن يتولى منصب وزير الدفاع الأميركي، كان قد وصف دولة “الإمارات العربية المتحدة”، بـ”سبارتا الصغيرة”، لأن السياسة التي تنتهجها القيادة الإماراتية ذكرته بالجرأة التي كانت عليها مدينة “بوليس” اليونانية.
وأوضح “ماتيس” أن هناك احترام وتقدير لما فعله الإماراتيون وما يمكنهم فعله. مُضيفًا أن “الإمارات العربية المتحدة” تُعتبر دولة فاعلة، حيث تعيد رسم ملامح المنطقة بفضل ما تملك من قوة عسكرية واقتصادية. ويُعد الحاكم الفعلي، “محمد بن زايد”، القوة المُحركة لبعض التحولات التي تشهدها المنطقة بمشاركة “المملكة العربية السعودية”، مثل “حرب اليمن” والحصار المفروض على “قطر”.
أول مفاعل نووي عربي..
بحسب “غوزنسكي”؛ فإن “الإمارات” هي أول دولة عربية أتمت بناء مفاعل نووي، ولديها صناعة عسكرية متطورة وبرنامجًا فضائيًا طموحًا وعلاقات غير سيئة مع “إسرائيل”، وهي بحسب التقارير؛ علاقات قائمة ومستمرة منذ أكثر من عقدين.
ويتساءل “غوزنسكي” عن السبب الذي يدفع “الإمارات”، (التي يبلغ تعداد سكانها قرابة مليون نسمة)، للتدخل في شؤون “أفغانستان والبوسنة وليبيا واليمن وسوريا”؛ وحتى في منطقة القرن الإفريقي – حيث يتم بناء القواعد العسكرية هناك ؟
خطوات إستباقية لمواجهة التحديات..
سيقول كثير من المراقبين، ولديهم الحق، إن ما يحرك “الإمارات” هو “الطموح والثروة الطائلة”، بيد أن هناك دافع آخر مهم لتلك السياسة الخارجية الإماراتية التي تتسم بالحزم والجرأة، ألا وهو الرغبة في مواجهة التهديدات والتصدي لها بعيدًا عن حدود “الإمارات”، سواء باستخدام القوة أو بشكل واقعي. والدليل على ذلك؛ ما سبق أن أعلنه وزير الخارجية الإماراتي، في عام 2014، من أن بلاده لا يمكنها أن تنعم بالاستقرار الداخلي بينما تشتعل فيه النيران من حولها.
استغلال الثروة النفطية في الشؤون الخارجية..
يزعم “غوزنسكي” أن “الثروة النفطية” تساعد “الإمارات” على دعم الأنظمة الصديقة – مثل نظام “السيسي” في مصر، الذي يُدرك مثلها مدى التهديد الذي يكمن في فكر “الإخوان المسلمين” – وأن “الإمارات” تستغل تلك الثروة في السعي لتقويض أنظمة أخرى، مثل النظامين “السوري” و”التركي” سابقًا، و”القطري” في الوقت الحاضر.
الثراء وسيلة لتحقيق الاستقرار..
يرى الكاتب الإسرائيلي أن النسبة بين العدد الضئيل للسكان واحتياطيات النفط الهائلة، (حوالي 100 مليار برميل)، تجعل “الإمارات” من أغنى دول العالم؛ من حيث نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي.
ولقد أدى هذا الثراء إلى تحقيق الهدوء والاستقرار الداخلي. صحيح أن موجة الاحتجاجات الإقليمية قد أدت، في عام 2011، إلى إستفاقة محدودة بين المثقفين والشباب الإماراتيين. لكن ذلك الاحتجاج الذي بدا واضحًا بشكل خاص على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، تم إخماده في الحال.
وواصلت السلطات الإماراتية قمع أي احتجاج محتمل، لا سيما إن كان مواليًا لجماعة “الإخوان المسلمين”. وتحسبًا لاندلاع الاحتجاجات قامت السلطات – بالإضافة لعملية القمع – تقدم المنح السخية للمواطنين، كما أفسحت المجال بشكل أكبر للنساء والشباب للعمل في مؤسسات الدولة.
تحقيق النهضة التكنولوجية..
يُستغل “ثراء النفط” أيضًا في التنافس بين الدول العربية لنيل المكانة الإقليمية المرموقة وعظيم المهابة، وهو تنافس تتصدره دولة “الإمارات العربية المتحدة”.
ففي شهر آذار/مارس من العام الحالي، تم الإنتهاء من بناء أول “مفاعل نووي”، ضمن أربعة مفاعلات من المتوقع أن توفر حوالي رُبع احتياج البلاد من الطاقة الكهربية. ومن المنتظر أن يتم هذا العام أيضًا إطلاق أول “قمر صناعي عربي” إلى الفضاء، يُقال إنه من التخطيط والإنتاج المحلي.
بل هناك أيضًا خطة لإطلاق “مسبار فضائي” إلى الغلاف الجوي التابع لكوكب “المريخ”، وسيكون ذلك في آذار/مارس من عام 2021، حيث ستحتفل البلاد، وقتها، بمرور 50 عامًا على الاستقلال.
امتلاك القوة العسكرية..
إن دولة “الإمارات العربية المتحدة”، التي تحتل المرتبة الرابعة على مستوى العالم من حيث استيراد الأسلحة، قد نشرت في أراضيها “منظومة الدفاع الجوي” الأكثر تقدمًا في العالم، وهي منظومة أميركية الصنع من طراز (ثاد-THAAD)، كما أنها تطلب من الإدارة الأميركية، بإلحاح، أن تبيع لها الطائرة المقاتلة المتقدمة من طراز (F-35)، وتبحث الإدارة الأميركية بجدية إمكانية إبرام تلك الصفقة.
آفاق التعاون مع إسرائيل..
بالإضافة إلى التعاون المشترك ضد “إيران”، فإن العلاقات بين “إسرائيل” و”الإمارات” – التي تُعد ثاني أكبر قوة اقتصادية في الشرق الأوسط – تحمل أيضًا آفاقًا هائلة من التعاون في مجالات الزراعة وتحلية المياه والتكنولوجيا.
وجدير بالذكر أن الطائرات المقاتلة من كلا البلدين تشارك معًا في العديد من المناورات الجوية الدولية.
أخيرًا يؤكد “غوزنسكي” على ضرورة استمرار “إسرائيل” في التعاون مع “الإمارات”، خاصة إذا كان ذلك التعاون سيتيح لها مراقبة ما يحدث بشكل أفضل.
لكنه في الوقت نفسه؛ يُطالب الحكومة الإسرائيلية بأن تُقنع الإدارة الأميركية حتى لا تُرسل أسلحة متطورة لـ”الإمارات”، لأن ذلك من شأنه أن يخرق التوازن العسكري في المنطقة.
ويزعم “غوزنسكي” أن “الإمارات العربية المتحدة” دولة استبدادية بمظهر حديث، مؤكدًا على أن طموحاتها في المجالين الفضائي والنووي، فضلاً عن إبرامها للعديد من صفقات الأسلحة، يمكن أن يشكل تحديًا حقيقيًا لـ”إسرائيل”.