ان تستطيع ان تغير نفسك وتصحح اخطائك وتهذب سلوكك فهو شيء رائع ، وان استطعت ان تغير من حولك وتجعلهم يصححون اخطائهم ويهذبون سلوكهم لهو شيئا اروع .
وقدرة التغيير والتاثير في الاخرين قدرة تنبع من موهبة اصيلة موجودة في الانسان ذاته ، وقد يصقلها ببعض العلوم واكتساب الخبرات ، اما النتائج فهي مبنية على ضوابط متعددة ، اهمها هي قدرة المتلقين على فهم الرسالة ، ومن ثم قدرتهم على تطبيق فهمهم على ارض الواقع .
اكتب هذه المقدمة وانا اقف منبهرا و معجبا احني راسي احتراما واجلالاً لكل القادة الذين غيروا مسار امم وحولوها الى قمم في الحضارة بعد ان كانت تعيش عيشة الوحوش في الغابات والبوادي، ويقف على راسهم الانبياء والصالحين عليهم السلام ، واخيرهم وليس اخرهم نبي الرحمة وخاتم الانبياء محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله وسلم .
ولن اتناول انا العبد الفقير حياته صلى الله عليه واله وسلم التي لا استطيع خجلا وتصاغرا امام شخصيته وعظمة اخلاقه وحقيقة ان احيط باليسير اليسير منها ، بل ما شدني وانا اقراء سيرته العطرة ومن مختلف المصادر شرقيها وغربيها ،شيعيها و سنيها ، وقد وقفت عند خصلتين مهمتين بنظري الشخصي المتواضع ، اولهما القدرة على التغيير وثانيهما القدرة على التسامح ،واذا كانت الاولى تحتاج الى نفس صبورة ومتمرسة والى ذكاء خارق وقدرة كبيرة مهارة متمرسة في فن الاقناع ، فان الخصلة الثانية تحتاج لنفس كبيرة ومتواضعة نقية خالية من الاحقاد والادران ، واذا كانت الاولى ليست بالامر الصعب على الكثيرين فلعمري ان الثانية امر صعب وصعب جدا ولا يستطيع أي انسان عادي امتلاكها .
يقال ان رجلاً من اخوتنا الساكنين غربي الكوكب اظطر الى الانتقال الى شرق اوسطه بسبب العمل ، على ان حسن حظ الرجل او سوء حظه قد رمى به الى صحراء العرب وجزيرتهم القاحلة ليعيش في مملكة ال سعود العربية الديمقراطية الاسلامية ، وقد صعق خبر اعتناقه للاسلام اصدقائه والمحيطين به ، وهو رجل متدين وناضج فتغللغل الفضول الى نفوس اصحابه ليساله بعضهم عن سبب اعتناقه للاسلام وتركه دين ابائه واجداده ، فقال: ان من يستطيع ان يغير هؤلاء الاجلاف الجهلة (ويقصد هنا سكان البلد) ويهذب سلوكياتهم لهو نبي مرسل من الرب لا محال ، واولى لي اتباعه واعتناق دينه، ان تحويل مجتمع ياكل القد (خليط من جلد الابل او وبرها مع الدم) ويقتل الاناث دون ذنب ويغير بعضه على بعض ويقاتل عشرات السنين من اجل جمل (حرب البسوس التي دامت 40 عاماً) او 16 عاما من اجل سباق (ريسز) في حرب (داحس والغبراء) لهو معجزة كبيرة ، وقد استطاع نبينا الاكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم ، من ان يقوم بعملية التغيير والهداية لمجتمع الجزيرة المقفر حتى من الاخلاق الا ما ندر وقد قال عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام : ما اوذي نبي مثلما اوذيت ، وما صبر نبي مثلما صبرت.
اما الخصلة الثانية في سلوكه عليه وعلى اله افضل الصلاة واتم التسليم ، تلك القدرة على العفو والتسامح التي طالت حتى خصومه اللدودين والذين حاولوا قتله وحاربوه واخرجوه من بيته ومدينته و طاردوه وحاصروه هو وال بيته واصحابه وسائر المؤمنين ، فكان ان فتح مكة وجمعهم وقال مقولته الشهيرة فداه ابائي : ما ترون اني صانع بكم ، قالوا: اخ كريم وابن اخ كريم ، فقال: اذهبوا فانتم الطلقاء.
وما احوجنا ايها المسلمون ، ايها العراقيون ، لان نغترف من بحر رسول الله الكريم غرفة بل قطرة ونكون متسامحين ، لن اقول جديداً والكل يعرف ان حرمة دم المسلم عظيمة ، وهي اكبر من حرمة الكعبة ومكة وشهور الله الحرم ، فيا ايها الاخوة يا من تعدون انفسكم من امة احمد صلى الله عليه واله وسلم ، هلا تسامحتم ، وغفرتم لاخوانكم ليغفر الله لكم ، ايها المسلمون في عراق الانبياء ، هلا اتخذتم من نبيكم اسوة حسنة.