خاص : ترجمة – محمد بناية :
سوف تبني “الولايات المتحدة الأميركية” سريعًا أكبر قنصلياتها بالعالم بمدينة “أربيل”، عاصمة “إقليم كردستان العراق”.
قنصلية في العاصمة الكُردية تثير الريبة..
ومعروف أن أكبر سفارة أميركية بالعالم، وتبلغ مساحتها 42 هكتار، موجودة بالعاصمة العراقية، “بغداد”. وستُشيد القنصلية على مساحة 200 ألف متر مربع؛ على الطريق الرئيس الرابط بين مدينة “أربيل” وبلدة “بيرمام”، وستبلغ كلفتها 600 مليون دولار. وستتولى شركات أميركية عملية بناء القنصلية، لتكون بديلًا عن مقرها الحالي، الذي يقع في منطقة “عينكاوة” المكتظة.
وشارك في مراسم وضع حجر الأساس؛ رئيس حكومة الإقليم الكُردي، “نيجيرفان البارزاني”، والسفير الأميركي في العراق، “دوغلاس سيليمان”، والقنصل الأميركي في “أربيل”.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو، كما يقول الخبير السياسي، “صلاح الدین خدیو”؛ عبر موقع (الدبلوماسية الإيرانية): “مع وجود هذه المقر الدبلوماسي الكبير على مسافة مئات الكيلومترات من “أربيل”، ما الداعي لبناء تمثيلية دبلوماسية كبيرة أخرى ؟”..
ويمكن طرح هذا السؤال بشكل أكثر شمولية، “أميركا” لا تعتبر “العراق” حليفًا إستراتيجيًا مثل “اليابان” في شرق آسيا، و”بريطانيا” في غرب أوروبا، لماذا تتبنى واشنطن مثل هذه الرؤية ؟..
السيادة الصامتة والتوازن الإستراتيجي..
الرسالة الأساسية أن الولايات المتحدة لا تفكر فقط بالوجود الدائم والقوي في المناطق التي تفرض نفوذها فيها، وإنما تتبنى نوعًا من القيومية والسيادة الصامتة.
وقد كان مقررًا، قبل سنوات، أن تبني الولايات المتحدة الأميركية أكبر سفاراتها في “كابل”، لكن تم تأجيل هذا المشروع لمدة غير معلومة بسبب استمرار واحتدام الاضطرابات في “أفغانستان”.
إن السفارة الأميركية بـ”بغداد” والقنصلية في “أربيل”، بمساحة 20 هكتارًا، تنطوي بالتأكيد على رسالة أخرى طريفة. إن أميركا في نظرتها إلى “العراق” و”إقليم كردستان” تتبنى سياسة المحافظة على التوزان الإستراتيجي بين الطرفين، (كردستان قوية في ظل عراق متحد)، وهذه الصيغة محل قبول الأميركيين، والطبيعي أن تختلف رؤية بعض الأكراد، الذي يميلون إلى استقلال “كردستان”، وبعض التيارات العراقية التي تنظر إلى الإقليم باعتباره “محافظة”، وهو ما يشبه إلتزام أميركا بسياسية “الصين” الموحدة مع المحافظة في الوقت نفسه على الاتحاد السياسي والعسكري الأخير مع “تايوان”.
وبهذا الوصف تدخل “أربيل”، كما “تايوان”، في عداد العواصم التي لا تتمتع بالهوية الدبلوماسية، لكنها تحظى بالأهمية الإستراتيجية.
إن بناء أكبر قنصلية بالعالم في “إقليم كردستان”، بالنسبة لـ”أكراد سوريا”، بما لهم من علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية، قد يكون ذا رسالة مشجعة، كما يرى موقع (الدبلوماسية الإيرانية) المقرب من وزارة الخارجية.. وحين تفكر الإدارة الأميركية في الوجود والنشاط السياسي، والعسكري، والاقتصادي والثقافي طويل الأمد في “كردستان العراق”، فلماذا لا تتبنى نفس الفكرة بالنسبة للأكراد السوريين؟..
لا شك أن أميركا سوف تواجه صعوبة بشأن إرضاء “تركيا”، حال التفكير في طي طريق “أربيل” داخل مدينة “القامشلي” بالجمهورية السورية.. لكن، ومنذ سنوات من الحيرة بين الحاجة إلى التعاون مع الأكراد وإستثارة غضب الأتراك، وسعت الإستراتيجيات الأميركية إلى تحفيز “أكراد سوريا” للإبقاء على مسافة مع “حزب العمال الكردستاني”، لأنه لا خيار آخر في “سوريا” سوى التعاون مع الأكراد؛ ولا يمكنهم في الوقت نفسه تجاهل مخاوف أهم حليف أكيد هو “تركيا”.
بهذا الوصف لابد من انتظار اليوم الذي تتحول فيه مدينة “القامشلي” السورة، كما “أربيل”، إلى عاصمة قانوينة حليف لـ”الولايات المتحدة” في المنطقة.