17 نوفمبر، 2024 11:32 م
Search
Close this search box.

العراق..المحاصصة الطائفية والديمقراطية المزيفة

العراق..المحاصصة الطائفية والديمقراطية المزيفة

على مدى اسابيع,صدّعت وسائل الاعلام العراقية رؤوسنا بشان الانتخابات التي تقول بأنها اول انتخابات بعد الانتصار على تنظيم ألدولة,ترى هل الانتخابات البرلمانية في دورتها الحالية تختلف عن سابقاتها؟كأنما نتائجها ستفضي الى قيام دولة بكامل مؤسساتها,بالتأكيد نتأمّل ذلك ولكن ما يجري على الارض ينبئ باستمرار المسلسل,فالذين يخوضون غمار”لعبة الديمقراطية” هم انفسهم المتصدرون المشهد على مدى اعوام عجاف,انه مسلسل تركي بامتياز,كيف لا وقد احكم بني عثمان سيطرتهم علينا لأربعة قرون,فورثنا عنهم كل شيء ومسلسلاتهم المتعددة المتحضرة لا تكاد تفارق قنواتنا الفضائية.
بشان الانتخابات التي اجريت مؤخرا بمختلف المناطق,فقد أعلنت المفوضية العليا المستقلة،أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 45 في المائة من الناخبين,وتعد هذه النسبة الادنى منذ سقوط بغداد(الشرق الاوسط الجديد),ويرى مراقبون ان تدني نسبة المشاركة مردّه عزوف الناخبين بمختلف شرائحهم عن الاشتراك في عملية الاقتراع حيث يسود الاحباط بسبب الاداء المتردي في مختلف القطاعات خلال السنوات الماضية،الأوضاع المعيشية اصبحت من اولويات الناخب,كما ان الانتماء الاثني والمذهبي كان له حضوره الملفت للنظر رغم محاولة بعض الساسة الايحاء لجمهور الناخبين بأنهم عابرون للطوائف.
المتعارف عليه لدى كافة دول العالم,ان الكتل الحزبية(مجموعة احزاب وتيارات سياسية ذات رؤى ومصالح مشتركة) يتم تشكيلها قبل اجراء الانتخابات لتنال اكبر عدد من الاصوات والتي على ضوئها يتم اختيار التكتل الفائز بأكبر عدد من النواب لتشكيل الحكومة,إلا ان ساسة العراق قد شذّوا عن هذه القاعدة,فيتم تشكيل الائتلاف الحزبي عقب الاعلان عن نتائج الانتخابات,انها وبجدارة ديمقراطية الطوائف والمتشبثين بالسلطة,ولتستمر ازمة تأليف الحكومة الى امد ليس بالقصير ما يفاقم ازمات المواطن.
الشباب الذين يعتبرون رجال المستقبل وصانعي ازدهاره,فقد كانوا وعلى مدى خمس عشرة سنة الوقود الاساسي لطاحونة الحرب التي لم تتوقف بعد,ان من تبقّى منهم على قيد الحياة بالعراق دون اعاقة يمثلون نسبة تفوق الستون في المائة من السكان.اما عن البطالة فإنها تشكل خمس القوة العاملة ما يدل على ان عجلة الانتاج التي يتحدث عنها الساسة لم تنطلق بعد.
جميعنا يدرك بان العراق كان مستهدفا طيلة عقود من الزمن,ان من حيث ثرواته الطبيعية او البشرية واستخدامه للميكنة او من حيث موقعه الاستراتيجي,تتجاذبه القوى الدولية,فكان وللأسف ساحة للصراعات المتعددة كان لها كبير الاثر على امنه واستقراره.
رغم الاعلان عن رفع الوصاية عن العراق(الفصل السابع),إلا ان علامات الحماية والتدخل في شؤونه الداخلية لا تزال السمة السائدة,ايران وأمريكا وآخرون لهم حضور قوي,سمّهم اتباع ام بيادق ام غير ذلك,لا تهم التسمية بقدر ما تهم النتائج الواضحة للعيان,اين ذهبت مليارات الدولارات,عوائد بيع النفط التي لم تتوقف يوما؟ هل تمت محاسبة أي من المسئولين عن الفساد المستشري في كافة القطاعات؟هل تم بناء ما تهدّم من مرافق عامة حيوية؟هل تم بناء او اعادة هيكلة الجيش والقوى الامنية ليكون ولاءها للوطن؟ وما الداعي لان تكون هناك اجسام رديفة طائفية او مذهبية او اثنية طالما ان هناك حكومة مركزية واحدة؟ اسئلة عديدة يطرحها الشارع العراقي تنتظر اجابات شافية بعد طول معاناة,الانتخابات اعادت غالبية الوجوه وبالتالي فان السلطات الثلاث ستعيد نفسها مع تغيير طفيف لئلا تصاب بالحسد.
هل سيقدم البرلمان المنتخب على اعادة صياغة العديد من مواد الدستور بما يساهم في خلق جو من الوئام بين مكونات المجتمع ليكون عراقا موحدا يشعر فيه الجميع بالمساواة في الحقوق والواجبات؟ وبالاخص الرئاسات الثلاث التي اصبحت حكرا على البعض ومحرمة على البعض الاخر وتجريم كل من ينالها بنقد وان كان بناء.ان المحاصصة الطائفية والاثنية لن تقود الى بناء دولة عصرية مدنية,فالفاسدون والعملاء وقطاع الطرق يستظلون بعباءات المرجعيات الدينية والاثنية ولن يطالهم القانون(ان وجد) وفي احسن الاحوال يتم تهريبهم خارج البلد.

أحدث المقالات