18 ديسمبر، 2024 6:37 م

هل كانت الحرب على العراق تستحق كل هذا العناء؟ – مقال مترجم

هل كانت الحرب على العراق تستحق كل هذا العناء؟ – مقال مترجم

سؤال يطرحه  الغرب لا يستحق النقاش هذا الايام في اطار التورط في صراع جديد يعني “عراق آخر”. لقد تغير العالم منذ عام 2003.
بقلم / ايمن جواد التميمي:
صحيفة الانديبندنت البريطانية 11 شباط 2013
ترجمة:
سداد جواد التميمي

مع اقتراب الذكرى العاشرة لغزو العراق هناك تيار يمكن التنبؤ به و هو المناقشات و طرح السؤال التالي: هل كانت الحرب “تستحق كل هذا العناء”. هذا النقاش بدأ في معهد كولد سمث في جامعة لندن و استضاف أبرز المعلقين من  المؤيدين والمناهضين  للحرب منهم حسن مهدي و   داود آرونفيتش. اقامت هذا المؤتمر مجموعة من الناشطين المناهضين للحرب  تحت اسم “تحالف أوقفوا الحرب “، و كذلك ظهرت عدد مقالات في صحف منها هافينغتون بوست و الصنداي صن.
المبرر الرئيسي للمناقشة هو طرح سؤال ما إذا كانت الحرب “تستحق كل هذا العناء” وحتى يتسنى لنا تعلم “دروس” للمستقبل من دراسة الحرب على العراق. ومع ذلك تطور النقاش و تم  اعادة الحوار القديم و طرح الاسئلة و الأجوبة مثل:
“صدام كان دكتاتور وحشي”
” انظروا كيف تحسنت احوال الاكراد”
” العراق دولة ديمقراطية اليوم ! “
” الحرب أسفرت عن مقتل ما يصل الى مليون شخص! “
” الحرب ادت الى المزيد من الإرهاب! “
” لم تكن هناك أسلحة دمار شامل! “
” وكان الحرب بسبب النفط “
السؤال اذاً هل هذه المناقشات ذات  قيمة في ظروف اليوم؟ بصراحة الجواب كلا.

أولا، قامت الحرب في ظروف فريدة جدا  و في أعقاب 9/11، مع فكرة  سادت ايامها أن العمل العسكري الوقائي – يمكن تبريره ضد الأنظمة المارقة لمنع الإرهابيين من الحصول على اسلحة دمار شامل. جنبا إلى جنب مع هذا المذهب كانت هناك   فكرة بأن الحرب ضد صدام ستكون سريعة وسهلة و تكمل ما لم يتم  تحقيقه في حرب الخليج الأولى. علاوة على ذلك، كان يعتقد أن من الإطاحة بالدكتاتورية ستؤدي الى ديمقراطية على النمط الغربي التي من شأنها أن تكون خير مثال للبلاد العربية الاخرى.
ومع ذلك فقد تغيرت منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير منذ غزو العراق، وأنه من الواضح تماما أن المفاهيم أعلاه لا يمكن تطبيقها لدراسة السياسة الغربية تجاه المنطقة اليوم. لا توجد في الوقت الحاضر و لا في المستقبل القريب حالات مماثلة للعراق و لا   يمكن استعمال الشأن العراقي كقاعدة في حوار اليوم. ان مقولة ان  التورط في صراع سيكون “عراق آخر” هو مجرد كليشيهات و خير مثال على ذلك  هو احداث  الحرب الأهلية الليبية.
علاوة على ذلك، ليس هناك ما يمكن لاحد ان يتعلمه من نقاط الحوار المذكورة  أعلاه  و التي تكررت حتى الغثيان، و السرد فيها يمكن تشبيهه بعملية  قطف الكرز. ترى  المدافعين المؤيدين للحرب  يتجاهلون  القاء  الضوء من مؤسسة فريدم هاوس Freedom House على الوضع في العراق أنه اعتبارا من هذا العام، تم تصنيفه  بلد “غير حر”، مع  انتهاك عشرات الحقوق المدنية والسياسية مقارنة بالعام الماضي وعلى قدم المساواة الآن مع ايران. و لكن ازدواجية هذه المؤسسة لا يمكن التغافل عنه حيث تراها تميل الى اعتبار الانتخابات الحرة معيار لا جدال فيه لقياس الديمقراطية  في بقية انحاء العالم و لكنها لا تطبقه على العراق.
و على نفس المنوال ترى المؤسسة تكثر من  تمجيد الوضع في كردستان، و تتجاهل النزعات الاستبدادية للأحزاب الحاكمة التي اتخذت اجراءات صارمة ضد المحتجين في عام 2011 و وضعت وضع قيوداً على التظاهرات المخطط لها، و لا تبالي بالاستماع الى الشكوى من الفساد  الاداري و السياسي.
من ناحية أخرى، ترى الجبهة المناهضة للحرب من المعلقين تميل إلى التركيز على  عدد القتلى المبالغ فيه إلى حد كبير مثل 650000 على حد قول مجلة اللانسيت Lancet الطبية، و يزيد البعض و يقول تجاوز المليون (استطلاع اراء  رجال الأعمال للبحوث). كذلك تزعم  هذه الجبهة  أن الحرب لم تكن أكثر من مشروع لتأمين امدادات النفط العراقي وفرض النموذج الليبرالي الاقتصادي الجديد لكنها  تتجاهل حقيقة  واضحة، و هي  أن الغرب كان يشتري بالفعل النفط من العراق قبل عام 2003 . اما النموذج الليبرالي فلا وجود له اقتصادياً في صناعة النفط كما يزعمون و حاله حال الاقتصاد العرافي  لا يزال تحت رحمة الحكومة المركزية.
الحقيقة إن مسألة ما إذا كانت الحرب “تستحق هذا العناء” من الافضل تركه  للعراقيين (وأنا من بينهم) ليقرون فيه. أما بالنسبة للمراقبين الغربيين، فان  الدروس الحقيقية من العراق لا يمكن الاستفادة منها مع طرح مفاهيم و اراء قديمة لا توجد  اجابة واضحة عليها. بدلا من ذلك، المطلوب من  هؤلاء الباحثين والمحللين والمؤرخين الكتابة عن تاريخ صنع القرار في قيام الحرب، الغزو بحد ذاته، وما تلاه من أحداث في بيئة ما بعد صدام، دون استعمال التحيز الأيديولوجي. أن في  كتابة  اي مقال حول غزو  العراق يجب على الكاتب الغربي  الحرص على عدم اظهار تحيز باي  شكل من الأشكال إذا كان مع أو ضد الغزو. هذا لا يعني أن الكاتب لا يمكن أن يكون  له رأيا شخصيا في هذا الشأن، ولكن هذا الراي يجب ان يبتعد  عن التحليل الاكاديمي لهذا الحدث التاريخي.
و في هذا السياق أوصي الاطلاع على  عمل جويل وينغ في  التأملات حول العراق، مصادر  المفتش الامريكي العام لإعادة اعمار العراق، و التأمل في إحصائيات ضحايا العنف في العراق. هناك ابعاد اخرى ذات اهمية تاريخية عن الفترة التي سبقت  الحرب و بعدها. هناك ايضاً مناقشات قيمة يمكن التطرق اليها  مثل ما هو اسباب و دور التصاعد العسكري الحقيقي في العراق ايامها؟ دراسة الدور العسكري الامريكي و فشل خطة القوات الامريكية التي تم استعمالها في العراف  عند تطبيقها  في أفغانستان؟ لماذا فشلت كل  جهود إعادة الإعمار عموما ؟ ماذا  عن  إعادة بناء قوات الأمن في بلد بعد حلها من قبل المحتل؟ و غير ذلك.

هذه كلها أسئلة تستحق المناقشة، و اما تكرار  سؤال  إذا كانت الحرب “تستحق كل هذا العناء” فيبدوا  انه اصبح مصدراً  للجدال بين طرفين لا يجيبون على سؤال و يطرحون اجوبة ضجر الناس من سماعها .

ايمن جواد التميمي:
جامعة اوكسفورد

ألمصدر
AYMENN JAWAD
The Independent
Monday 11 February 2013
‘Was the Iraq war worth it?’ is a question unworthy of debate – so why are we still asking it?
Fretting that any involvement in a conflict is going to be ‘another Iraq’ is simply a cliché. The world has changed since 2003