تتشابك الملفات في المشهد العراقي بين السياسي والشعبي الى الحد الذي لايستطيع فيه احد التفريق بينهما ,كما تتشابك المصالح الاقليمية والمحلية بشكل يمكن للمرء التعرف على مايدور في كوليسها من خلال ماتفضي اليه من نتائج تنعكس في الغالب سلبا على الموطن.
ومثل كل عام يسخن المشهد مع سخونة الطقس بارتفاع درجات الحرارة التي غالبا ماتكشف ضلوع اجندات اجنبية تحركها على الساحة المحلية لتحقيق مصالح وغايات اقليمية ودولية في العراق.
فمشهد التظاهرات ضد الكهرباء في محافظات الجنوب والتي اتسعت لتصل الى محافظات الفرات الاوسط ,يبدو في ظاهره مطالب شعبية حقيقية بسبب انعدام امدادات الطاقة الكهربائية والتي تبلغ حاليا نحو 12 الف ميكا واط والمطلوب فعليا19 الف ميكا واط ومع مانستورده يكون لدينا نحو 16 الفا .
فالمنظومة الوطنية فقدت ما يقارب 1300 ميغاواط من الكهرباء كانت تزود بها عبر ثلاثة خطوط ضغط فائق آتية من إيران، وهي «ميرساد – ديالى»، و«كرخة – عمارة»، و«خرمشهر – بصرة»، وخطين ضغط عالٍ «سربيل زهاب – خانقين».
لكن لماذا توقفت تلك الخطوط بصورة مفاجئة ومتكررة مع كل فصل صيف قائظ الحرارة ياترى.
المتتبع للسياسة الايرانية في المنطقة والعالم يؤكد انها تتسم عادة بالابتزاز لتحقيق اهدافها ,وهي تمتلك اوراق ضغط تحركها متى شاءت وهي اذرعها للوصول الى غاياتها حفاظا على امنها القومي,فسياسة طهران واحدة,ففي لبنان هنالك حزب الله المعطل للحكومة وان كانت ردا على هيمنة الرياض على الثلثين الباقيين منه عدا الشسعة,وفي اليمن استغلت علاقة الحوثي المتازمة مع الحكومة ,في فلسطين تستخدم ايران ورة فصائل المقاومة حماس وغيرها للرد على اسرائيل ,حتى في اوروبا الملف النووي الايراني ورقة الضغط على الاتحاد الاوربي.
وتيضح من ذلك ان ايران تضغط على اطرافا معينة في العملية السياسية تريد الخروج بالعراق من عباءة طهران باستخدام ورقة الكهرباء بقطعها في اوقات الذروة لاخظاع الحكومة ومن يريد استقلال القرار العراقي من النفوذ الايراني,كما اتضحت من تصريحات العبادي والصدر والتي اغضبت الايراني بشكل كبير كان من نتائجها تحركات سياسية للتدخل في تشكيل الحكومة من خلال الثلاثي المالكي وبارزاني والعامري.
ويبدو ان من مازال يؤمن بان ايران “الاب الحنون ” على العراق باتوا قلة هم الجماعات المسلحة التي تحصل على جزء من تمويلها واوامرها ,فالتظاهرات العفوية تدخلت فيها ايران اولا بقطع الخط الذي يؤمن الطاقة لمحافظات الجنوب وثاني باندساس مخربين بين التظاهرين لاشعال فتيل الصدام المسلح ومن نتائجه سقوط ضحايا.
يبدو ان ورقة الكهرباء هي المحببة لطهران في مثل هذه الايام لضرب ثلاث عصافير بحجر واحد التخلص ممن يريد الحفاظ على السيادة العراقية بتشكيل الحكومة من خلال الايحاء بانهم السبب بنقص الكهرباء وتحميل الحكومة وزرها ,وثانيا اشغال الناس عن تشكيل الحكومة التي تريدها هي وليس الشعب واخيرا استمرار عدم استقرار العراق باستغلال ازماتها ومنها الكهرباء التي هي سبب مباشر فيها لاستمرار هيمنتها على العراق والعراقيين!.