أحدهم طلب لقائي حتى يعاتبني على تعليقي لأحد المنشورات، التي تتحدث عن نشاط شبابي لمهندسين زراعيين تحت مظلة النقابة، ولأني أثق بالنوايا الصادقة للشباب أصحاب المبادرة كان تعليقي على النشاط “العزيز أتمنى لكم كل التوفيق والسداد، ولكن ما دام تحت مظلة النقابة، لا أرى فيها بشائر الخير، رغم ذلك الأمل بالمخلصين أمثالكم” على أساس ذلك دعاني رئيس فرع نقابة المهندسين الزراعيين في الديوانية.
عندها كان الأمل معقود في تغيير حال النقابة، لأني كنت أتوقع هناك من يستمع الرأي والرأي الآخر ويناقش ويوضح لعمل النقابة، ذهبت وأنا أحمل رؤية متكاملة لبناء النقابة بناءً مؤسساتياً، كنتُ أعي المشاكل ولدي الحلول لها، وكنت مستعدٌ للأستماع والنقاش والحوار، لكن بعد اللقاء صار كل ذلك سراباً، بسبب التزمت والحدة والتفرد في الرأي والقرار، بدى واضحاً يقربون من يتفق معهم ويُثني عليهم ويُبعدون من يخالفهم، فبدل أن يكون اللقاء فرصة لأستماع الرأي والمؤاخذات والأشكاليات الموجودة عندي على النقابة، وبدل أن يتعرفوا على الأسباب التي جعلتني لا أستبشر خيراً فيها، دعوني من أجل العتاب والتجريح والتنكيل، بسبب رأياً أبديناه ورؤيةً أوضحناها.
كان حريٌ بهم الذهاب والمطالبة بقوة برفع التخصيصات الهندسية للمهندس الزراعي، ويعملوا على التعريف بقيمة المهندس الزراعي ودوره الأساسي في الأنطلاق بالقطاع الزراعي، ويضعوا أسس التعاون بين الفلاحين ومالكي الآراضي الشاسعة وبين المهندسين وبذلك تتحدث الطرق الزراعية ويُستفاد من علمية المهندس بدل ركن شهاداتهم على الرفوف، وبأمكانهم دعوة أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة للأستثمار في القطاع الزراعي، وتعريفهم بمردوداته الأقتصادية والمادية، والضغط على الحكومة بعدم ذهاب فرص تعيين المهندسين الزراعيين الى تخصصات أخرى مثل التربية والعلوم، وتشفيف واردات النقابة من الكشوفات والرسومات.
مشكلة النقابة ليس في شخوصها المتصدية لقيادتها فحسب، بل حتىٰ في نظامها الداخلي وأدواتها، لذا يبدوا أن لا حل سوى هيكلتها وأعادة مأسستها وتجديد الوجوه المتصدية، فكيف لنقابةٍ تعاتب وتزعل وتهاجم وتتهم من يختلف معها، ونقابةٌ يقودها المسلكيون لا المجددون، أن تتجدد وتنهض من جديد؟ لا يمكن أن تتأقلم النقابة مع التطور والتقدم الزراعي العالمي، ولا يمكن لها أن تقدم خدمةٍ للمهندس الزراعي سوى المستفيدين منها، لأنها تقاد من شخوص أكل الدهر عليهم وشرب، شخوصٌ مستفيدة لا مفيدة عددهم على يد الأصابع يتحكمون بالنقابة، يتاجرون بالأعضاء الطامحين المجددين.