يعتبر إستبداد السلطة من اكثر الظواهر الاجتماعية بروزا على المسرح السياسي إلا ان للأستبداد اشكال ترسم شكل السلطة الحاكمة في مختلف البلدان .في هذا المجال يطرح الدكتور حسين الهنداوي في كتابه (استبداد شرقي أم استبداد في الشرق) ثلاث اشكال للحكم
الاستبدادي . أول اشكال الحكم هو( الحكم الاستبدادي التقليدي) اذ يتم الاستحواذ على السلطة معتمدا على القوة، بما يمتلكه من اتباع ، حيث يكون الحكم للمنتصر في الصراع ،كما في أنظمة الحكم القديمة التي كانت تعتمد القوة، كالبابليين والاباطرة الرومان وغيرهم .
اما الشكل الثاني هو(الحكم الشمولي) الذي قام في بدايات القرن العشرين متمثلا بالانظمة القمعية الكبرى، كما في المانيا وروسيا ،حيث يكون الوصول للسلطة اما بالانقلابات احيانا او الانتخابات ولا يكتفي نظام الحكم الشمولي بأدارة الشأن الخارجي والداخلي، بل
الخطورة تكمن بتدخله بكل مفاصل حياة الانسان لتسلب منه وجوده وانسانية، تحول الافراد مجرد ألالات في خدمة الحزب اوالزعيم الحاكم، كما في نازية هتلر ،فاشية موسيليني ، أو نموذج البعث مع صدام حسين . الشكل الاخر الذي يطرحة الدكتور الهنداوي هو (حكم
العبيد او الاستبداد التابع) الذي هو عبارة عن سلطة محليه من صنع وفي خدمة وبعلاقة تبعية مباشرة مع قوى كبرى خارجية تدعمه، ثم تغيره متى تشاء. قد يأخذ شكل الحكم هذا كما في السابق حكم المماليك وعلاقتهم بالباب العالي ، أو في حكم دول النفط الخليجية
وتبعيتها للدول الكبرى.اذ أن الحاكم في دولة الاستبداد العبودي لا يشعر بأنه حر أو حاكم حقيقي للسلطة حيث يواصل التصرف بأخلاق العبيد أو التابع الاجير، كأنه شرطي تابع لدولة كبرى. عكس ما يشعر به الحكام في دولة الاستبداد التقليدي او الشمولي من حرية
التصرف على انه حاكم مطلق اليد في بلده .ينعكس هذا الشعور بالدونيه لدى الحاكم بدولة العبيد الى شعور داخلي مبطن قائما بتهميش وتدمير كل ارادة حرة متمرده عليه ،خارجه عن مضمونه العبودي .حيث ان الحكم في دولة العبيد لا يأتي من ثورة أو انقلاب وانما
يأتي دائما من ضعف في مفاصل الدولة أو انهيارها فتقوم الدول أو الشخصيات النافذة بتعين شخص حاكم من طبقة العبيد أو الاتباع على ان يكون حاكما صوريا امام الناس وعبدا ذليلا للقوى التي اوصلته للحكم .كذلك ان دوله الاستبداد العبودي دائما تكون دوله هزيله
وهشه حيث تظهر دائما بعد سقوط نظام استبدادي قمعي، وما يتبعه من فوضى في مختلف مفاصل الدولة ،حيث تحتاج فترة طويلة جدا لبناء ذاتها واعادة هيبة الدولة للأول عهدها .يرافق قيام دولة العبيد انهيار كامل بالبنية الاقتصادية والزراعية والصناعية بالبلد ،كذلك
التدهور الاخلاقي والثقافي بسبب حالة التبعية وضعف الحس الوطني لدى الطبقة الحاكمة المتولدة من سلطة العبيد. حيث الرشوة بصورة كبيرة والفساد الاداري الذي بدورة يخلق طبقة من الاغنياء الجدد بسبب حالة الخراب الاقتصادي، حيث تقوم هذه الطبقة بدعم النظام
الحاكم ومحاربة اي عملية انقلاب او تغير من شأنها تغير النظام السياسي الذي تنتفع منه طبقة رجال المال الجدد اصحاب الصفقات المشبوه والسرقات الكبرى .ان الاستبداد العبودي هو الوبال المطلق الذي اذا استحوذ على السلطه يعقر ذلك المجتمع ويدمره عن بكرة
ابيه ولاتقوم له قائمه مطلقا ،حتى لو سقط النظام العبودي سوف يكون فريسه لنظام عبودي اخر تشكله القوى كبرى .كذلك هدف سلطة العبيد هو تدمير الارض والانسان وجعل البلد ارض بلا بشر. تستعين دولة العبيد باللصوص والمجرمين والمرتزقة في تثبيت دعائم
حكمهم والاعتماد الكلي على ضعاف النفوس الذين تشتريهم بالمال في مختلف المجالات من اجل تجميل وتبرير ودعم حكمهم .اذ لا يوجد مكان للانسان الحر والنبيل في هذه السلطة .سلطة العبيد لا تستطيع ان تبني دولة ولا تنهض بمجتمع لان شعورها بالدونية امام
من وضعها بالسلطة كذلك ضعف الحس الوطني لديها يجعلها تنظر للسلطة على انها غنيمة وان الشعب عبيد يخضعون لها ويتقبلون قراراتها بلا نقاش او جدال .دولة الاستبداد العبودي هي من اسؤء النماذج وابشعها لذلك التخلص من استبداد العبيد هو الاصعب والبقاء
تحت حكمهم هو الاسوء والابشع.
ومضة:أقسى وأمر أنواع العبودية الوقوع تحت سلطة العبيد