18 ديسمبر، 2024 7:35 م

حل أو نزع سلاح الميليشيات حقيقة أم خيال؟

حل أو نزع سلاح الميليشيات حقيقة أم خيال؟

مرة أخرى تتم إثارة قضية حل أو نزع سلاح الميليشيات العراقية الشيعية والدعوة إليها على أکثر من صعيد، مع ملاحظة إنها قد صدرت من طرفين مختلفين تماما عن بعضهما، لکن وللأهمية والحساسية المفرطة للموضوع وکونها تمس نقطة الارتکاز والقوة للنفوذ الايراني في العراق، فإن هذه القضية بالغة التعقيد وليس من الممکن أبدا إنجازها ولو في المستقبل المنظور مالم يحدث ثمة تطور يقلب الامور رأسا على عقب.
من جانب، فإن البرلمان الاوربي وکما أکدت مصادر سياسية عراقية مطلعة، ومن أجل تطبيع علاقاته مع العراق، إشترط حل الحشد الشعبي من أجل تحقيق ذلك الهدف، ومن جانب آخر، فقد دعا نائب الرئيس العراقي نوري المالكي يوم الاثنين الماضي إلى نزع سلاح الميليشيات، وحصر السلاح في يد الدولة لضمان فرض الاستقرار السياسي والأمني، في بادرة اعتبرها البعض مناورة سياسية يظهر فيها تناغما مع دعوة سابقة لرئيس الوزارء حيدر العبادي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لکن صدور مثل هکذا دعوة ومن جانب شخص مقرب بل ومحسوب على إيران، لايمکن لها أن تتم إطلاقا من دون مشاورة مسبقة مع طهران، وهذا مايدفع للإقتناع أکثر بأنها مناورة سياسية لکي يستطيع المالکي من خلالها کسب الشعبية والنفوذ في الشارع العراقي الذي رفضه بقوة بعد ولايتين کارثيتين له.
مطالبة البرلمان الاوربي بحل هذه الميليشيات، وجعل ذلك شرطا لتطبيع العلاقات مع العراق، إنما يأتي بعد ماقد شاع وإنتشر من معلومات بشأن الدور السلبي والمشبوه لها ضد المکونات والاطياف السياسية والفکرية والدينية والطائفية والعرقية الاخرى، إذ تنظر أوربا للحشد الشعبي کعامل يهدد ليس الامن والاستقرار فقط وانما حتى عموم العملية السياسية برمتها.
الدعوة لحل الميليشيات الشيعية التابعة لإيران أو نزع سلاحها والتي کانت المعارضة الايرانية النشيطة المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية أول من دعا إليها لأنها إعتبرت هذه الميليشيات بمثابة أذرع تابعة للنظام الايراني وتخدم مصالحه وتسعى من أجل تحقيق أهدافه، هي دعوة مخلصة لايمکن التشکيك أبدا في کونها إيجابية ومفيدة من حيث الفائدة التي سيترتب عنها للشعب العراقي وتنزع فتيل الخطر والتهديد وتقطع الوسيلة والسبيل أمام النظام الايراني لکي يعبث کيفما ومتى مايشاء بالامن و الاستقرار في العراق، ولاريب من إن سعي المالکي لدخول هکذا مسألة يضفي عليها الکثير من الضبابية، لأنه لايمکن أن يتصرف بمعزل التعليمات أو التوجيهات التي ترده من طهران، ومن هنا، فإن إبعاد المالکي عن هذه القضية خير لها من أن يتم إشراکها فيها.