قبل الاسلام كان هناك من ذوي الخبرة والحكمة حاليا يطلق عليهم في الجنوب (الفريضة) وهو مستشار شيخ العشيرة او القبيلة عصريا وهم من يستئنس برأيهم الشيخ في المنازاعات العشائرية والامور التي تخص برنامج ونهج القبيلة وعلاقتها بالمحيط التي تعيش به مع القبائل المتجاورة معها عشائر تكون حليفة بعضها وبعضها في عداء ومنازاعات مستمرة — وبعد ظهور رسالة الاسلام وبدء الدعوة حافظ الاسلام وعزز وثبت بعض القيم والمبادئ المتواترة عن الجاهلية والمجتمع القبلي ومنها الشوري واخذ الرأي وقد عمل به الرسول الكريم وجسده عمليا في مواقف كثيرة وخاصة مايتعلق بردع الاعداء من احلاف العشائر الذي ابغظتهم رسالة محمد صل الله عليه وسلم بنشر دعوته التي اطاحت بعنجهيتهم وتعاليهم وتفردهم بالقرارات ومن اهم الشواهد التاريخية استشارته وقبول مشورة ابسط اصحابه الصحابي الجليل سليمان الفارسي والاخذ برأيه في غزوة الخندق واستمرت المشورة من قبل الخلفاء الراشدين فيما يتعلق بحروب الردة وحروب واعداد الجيوش لنشر الاسلام خارج الجزيرة كما حصل في مشورة علي ابن ابي طالب رض الله عنه للخليفة عمر رض الله عنه ومنعه من الخروج مع جيش فتح العراق واستمرالمبداء سائدا في زمن الدولة الاموية والعباسية والعثمانية – ولكن اخذ منحى اخر مغاير ومنحرف حيث تحول من مبداء الكفاءة والحكمة والولاء للدين الي مبداء الولاء الشخصي للخليفة والدولة والحاكم وهكذا تعمق الظلم والجور وظهر الاستبداد بكل قوته واصبح المستشار وباء للمجتمع واحد الاسباب في صناعة الاستبداد والخروج علي المبادي والقيم الاصيلة للحكم واصبح يحمل فيروس كل ماهو سيئ من اجل الحفاظ علي استمراريته بهذا المنصب والتمتع بمزايه وبمرور الزمن اصبح هو صاحب القرار من خلف الستار – والتاريخ يعيد نفسه حيث نشاهد ونسمع اليوم عن ظاهرة المستشارين المنتشرة في جميع مفاصل الدولة السلطات الثلاث والوزراء والمدراء العامون والمحافظين ونوابهم ومجالس المحافظات والاقضية ووصل الي النواحي ومدراء الدوائر واصبح سنة موجبة ومن ضمن البروتوكلات والاتيكيت وانتهت كلمة السكرتير ويعني وجودها التخلف وعدم مواكبة التطور والحضارة وهي ظاهرة يتميز بها العراق بطبعته العراقية المتميزه ان معظمهم من الاقرباء او الاصدقاء المقربيين ومن الكتل التي ينتمي اليها صاحب القرار وعادة مايكونون من غير ذوي الاختصاص او الكفاءة مما ينعكس ذلك سلبا علي ايداء المسؤول ومؤسسسته التي هي بالاساس متخلفة عن تقديم الخدمات للمواطن وان الكثير منهم لم تعلن اسمائهم ولم يتم تعيينهم وفق ا لسياقات العامة المعروفة الاعلان والاختبار واختيار الاكفاء انما تجري بسرية تامة وبدائرة ضيقة !!!!
وكان مجلس النواب صوت العام الماضي بالأغلبية على قانون المستشارين – نصت المادة ـــــ 2 ــــــ يشترط فيمن يعين بوظيفة مستشار بالاضافة الى الشروط العامة للتوظيف مايأتي : اولا- ان يكون حاصلا على الشهادة الجامعية الاولية في مجال اختصاصه في الاقل ثانياــــ ان تكون لديه خدمة فعلية وخبرة في مجال تخصصه مدة لا تقل عـن (15) خمسة عشر سنة للحاصل على شهادة الدكتوراه و(18) ثمانية عشر سنة للحاصل على شهادة الماجستير و(20) عشرين سنة للحاصل على شهادة البكالوريوس وعلى ان تكون بضمن هذ
ه المدد خدمة وظيفية فعلية في مجال تخصصه لا تقل عن خمس سنوات ، ويعتير “قانون عمل المستشارين من القوانين المهمة جدا حيث حدد”عدد المستشارين في كل رئاسة من الرئاسات الثلاث اصبح ستة مستشارين بدلا من عشرة كما كان موجودا في القانون المرسل من قبل الحكومة”وسيقضي على حالة الترهل الوظيفي وجيوش المستشارين التي كانت موجودة في الرئاسات الثلاث والوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة.
من البديهي ان اول مايقوم به القيادي الاداري والسياسي هو اختيار المستشارين والمساعدين من ذوي الاختصاص والخبرة في مجال عمله،لاستشارتهم والتأنس لارائهم قبل اتخاذ القرار لهذا ينصح ان يكون المستشار اكثر الماما ويمتلك خيارات متعددة في مجال اختصاصه وله قدرة التعاطي مع الخيارات المفتوحة عند تقديم المشورة، ومن السليم ايضا ان تدرس تصرفات المرشحين وسيرهم المهنية والاخلاقية والنزاهة لا ان نعيد اختيار المرشحين وفق المحاصصة الحزبية والانتخابية، ولا ابالغ في قولي ان نصف نجاح المسؤول يتحمله المستشار الكفوء الامين ، والعكس صحيح،ايضا0 وندعو ايضا لتشكيل لجنة تخصصية دائمة لاختيار الوظائف القيادية في المحافظة من درجات رؤساء الاقسام صعودا للمدراء العامين للقضاء على الفساد والبيروقراطية المتفشية 0والاستعانة بالجامعة واصحاب الكفاءات والشهرة التخصصية لتولي المسؤوليةوفق مواصفات خاصة ويفضل من له باع طويل وسيرة حسنة والاتزان السلوكي والمهني، من هنا ينجح الغرب ويتقدم بخطوات وطفرات ، ونحن عراقيا المستشارين والمعاونين، إذ تتحكم في اختيارهم المجاملات والعواطف، أكثر من الجوانب التخصصية والمهنية والمكانة العلمية فقد امتلأت مؤسسات الدولة العراقية بالفوضى نتيجة المحاصصة والمجاملة والطائفية والعشائرية0
اننا بحاجة ماسة لاعادة النظر سريعا وفق تخطيط مؤسساتي ، فلا نريد متخلفا اوحلاقا يستلم منصبا رفيعا ، ولا خريج اعدادية يتبؤا رئاسة قسم حيوي ، ولا مديرا عاما يتبؤا منصبه منذ عشر سنوات، ولا اعلاميا مغمورا يتبؤا منصبا اداريا مهما – فماذا صحـحنا اذن؟ اين وعود الانتخابات بقيادات جديدة واعية —-الخ ؟!—ونحن معشر الصحفيين لا نملك سوى عيونا تراقب واقلاما تكتب بدم الوريد لتصحيح المسيرة -اللهم قد بلغت