إلتقيت بالسيد أحمد القبانجي لمرتين أو ثلاث، في مناسبات عابرة، وشاهدت بعض محاضراته التي يرفعها على اليوتوب. ولا أزعم أن لدي أطلاعاً وافياً على أفكاره وطروحاته، ولكني عرفت أن الرجل يذهب بجرأة غير مسبوقة الى أكثر القضايا حساسية في التاريخ الإسلامي ليناقشها بحرية، وخامر الشك بعض متابعيه بأنه لا بد وأن أخذ ضوءاً أخضرَ من جهة ما ليتحدث هكذا بكل حرية. ولكن الوقائع اللاحقة أثبتت أن الرجل لوحده مسؤول عما يقول، وأنه يعاني تضييقاً ويتلقى تهديدات، وتتعرض سمعته للإساءة.
لا تفاجؤني أفكار القبانجي، فقد تابعت ما يشبهها لدى مفكرين آخرين، معاصرين وقدامى، وربما ألومه على طرحها هكذا للعلن في فضاء اجتماعي وسياسي شائك لن يتلقى منه المفكرون والمثقفون إلا الريبة وسوء الظن في أحسن الاحوال.
بل أنني أرى في إطلاق هذه المراجعات الجذرية للتاريخ الإسلامي في ظرفنا الحالي نوعاً من الدعوة للآخرين لمباشرة الإساءة وسوء الظن. خصوصاً وأنه غير مسنود من كتلة اجتماعية تدافع عنه وتحميه، كما هو الحال مع أصحاب الهرطقات الذين لفوا عمائم سوداء وبيضاء بعد 2003 وواجهوا المرجعية الشيعية الرسمية علناً، ولم يحصل لهم شيئ حتى الساعة، بل بالعكس مازالوا يباشرون الترويج لأفكارهم بكل حرية، بل يقوم عدد من رجال الدين الشيعة بمناظرتهم ووضع هذه المناظرات على اليوتوب ايضاً.
لا أعرف شخصياً ملابسات اعتقال السيد القبانجي، ولكن إن ثبت أنها بسبب افكاره وطروحاته، فإن الحكومة العراقية مسؤولة عن تحريره من أيدي سجانيه، لأنه مواطن عراقي ودستور هذا المواطن العراقي يكفل له حرية التعبير عن رأيه.
وهذه القضية ليست في مدار المفاضلة مع قضايا أخرى. ليس موت انسان قضية أهم من اعتقال صاحب رأي أو بالعكس، كلها في مستوى واحد من الأهمية لكل ذي شعور وضمير.
* من الفيسبوك – صفحة الكاتب الشخصية