17 نوفمبر، 2024 4:45 م
Search
Close this search box.

كلماتك كلها حروف ونقط

كلماتك كلها حروف ونقط

إن ما يقلقني حقا حول هذا الموضوع هو عدم الوضوح الذي إن دل على شيء فسيكون بالأحرى انتهاء صلاحية أسلوب في الكتابة كان احد التأثيرات الأكثر فاعلية من جراء تجارب القراءة, وكأن هذا القول يوحي بكيفية الإدخال والإخراج للكلمات ليصل بمن يأخذ به إلى أن الكتابة ما هي الا نتيجة لقراءة الكتابة, وعلى الرغم من بعض صحة في هذا المضمون الذي يتجه اليه هذا المبدأ الا ان كل ما يتم قراءته ليس بالضرورة سينتج كلمات مكتوبة من قبل القارىء, بل ان كل ما يتم كتابته ليس مصدره ما تم قراءته من قبل الكاتب, والا كان الرصد ايسر بكثير من هذه التفسيرات التي احاول قدر مااستطيع ان اوجزها دون الخوض في التفاصيل, حيث الكتابة عملية انتاج المعنى اكثر منها انتاج الكلمات, ولكن هذه العملية قد تكون اعقد بكثير مما يتوقع الكاتب, للدرجة التي يمكن معها الوصول الى تكهن اولي وهو ان الكلمات والمعنى منفصلان عند انجاز الكاتب لعمله, لكن البحث في هذه النقطة سيصل بنا الى كون القارىء هو من يصوغ المعنى, وهذا معروف بدرجة كبيرة, اما غير ذلك فالقارىء لم يأتي بعد وان الكاتب ان تم اعتباره القارىء الاول فالأحرى به ان يقوم بترسيخ معانيه باعداد مناسب للكلمات بعد تلك القراءة المفترضة, الا ان الكاتب ليس هو المسبب الوحيد لاختلاف معنى الكلمات سواء اقصد ذلك ام لم يقصد, لأن تناول النص بغير مرحليته يكون احد اهم الاسباب, ناهيك عن وجود نص مترجم عن نص اصلي, وغيرها, بالتالي ليس للمعنى والكلمة أي علاقة تثبت وجود ذلك التماسك الذي ما بين كلمة واخرى في سياق النص, وهذا قد يغلب على مجمل عملية الكتابة ويعرفه اغلب الكتاب الا ان الجديد قد يكون اعتبار الكتابة انتاج كلمات لا معنى, وهكذا يكون فعلا الذهاب الى كون القارىء والمرحلة وغيرها مناط بهم كاسباب تحول المعنى المفترضة الى ان يكونوا جميعا السبب في كون الكلمة تعني كذا وليس كذا, بينما يمكن اعتبار عملية انتاج المعنى مستحيلة, لن يكون امام الكاتب صاحب مهنة الكتابة الا ان ينتج الكلمات, وهنا قد يقف عائق جديد في طريق فهم العملية بغية دراستها الا وهو الكيفية التي سينتج بها الكلمات طالما لا يوجد ثبات لديه في معنى كل كلمة وكل نص, على سبيل المثال لو اراد شاعر ان يأتي بقصيدة دون ان يتعب نفسه في قصة البحث عن معنى واهتم اكثر ما اهتم بسياق القافية فسيبحث عن كلمات تنتهي بذات الوزن او القافية دون ان يكون لديه ادنى فكرة عن كيفية ربطها معا جميعا ابتداء, لكن ايجاد الرابط الذي ان دل فسيكون دلالة عملية ما بعد الكتابة ولن يختلف بذلك الكاتب الشاعر عن القارىء الذي يستقبل النتاج في صياغة معنى للكلمات اخيرا, اذن هي دائرة ومغلقة منذ بدأ عمل الكاتب, ان ركز في كلماته دون الخوض في المعنى قد يذهب به صناعة القراء لمعان الى ابعد مما كان هو لو حاول مثلا ان يفكر قد وصل, بالتالي ليس من المجدي اضاعة الوقت في استجداء الثبات للمعنى بوجود فرضية القارىء, انما الكتابة مهنة صنع الكلمات, ودليل ذلك مبدئيا لو جربنا فحص نص لكاتب بناء على فرضيتنا انه انتج كلمات دون معنى لوجدنا ان من الصعوبة ان نتقبلها هكذا, ولولا محاولتنا لايجاد المعنى لما استطعنا قراءة غيرها فستقف عقبة فكرية امام انتاج الصورة المنطقية الاشمل لما نقرأ, وحتى ان اللامعنى الذي اكتشفناه هو بحد ذاته معنى, سنتقبله لا معنى لكي يكون لدينا ما نكمل به طريق انتاج المعنى, وسيكون اللامعنى متواصل في انتاج المعاني التي يتعلق بها بصفته اللامعنى, ولهذا لن يكون لدى القارىء ومن قبله الكاتب أي صعوبة في تلقي الكتابة بوصفها مهنة انتاج الكلمات لا المعاني.

أحدث المقالات