يقول المجاهد الأفريقي نيلسون مانديلا، لو قبضت ثمن نضالي لأصبحت مرتزقاً! وهو الذي نال لقب سجين العصر، والذي جعل النظام القمعي آنذاك يعجز عن إرضاخه وإركاعهِ، وكان صموده نحو الهدف الأسمى، لنيل حرية شعب، وليس شخص كما هو حالنا في العراق، وبفضل من تسلم المقاليد أصبح أكثر من نصف الشعب العراقي مناضلين، وكأننا نحن المظلومين في كلا الحقبتين الجلادين! وإذا كان كذلك، فمن كانوا وكلاء الأمن والمخابرات وباقي الأجهزة القمعية؟ فهل من المعقول سارق (حرامي) محكوم بخمس وعشرون عام، بتهمة سرقة كابلات الكهرباء وبالجرم المشهود, فصار اليوم سجينا سياسيا.
دأبت الحكومات السابقة، والتي تولتها كل أجنحة حزب الدعوة، إبتدءاً من الجعفري إنتهاءاً بالسيد العبادي، وها هي إنتهت ولاية الأخير دون إيفاء بالوعود بعيش رغيد! ونتيجة لبحث من تسلم المقاليد عن مكان دائمي حتى الممات، بمنصب يصعب إقتلاعهِ غزت العراق التنظيمات، التي دربتها أمريكا مع أعراب الخليج ثأراً من الشعب العراقي المغلوب على أمرهِ، وتنظيم القاعدة وملحقاته كان البداية، وما أن يتم القضاء على العناصر المؤثرة حتى يبرز تنظيم جديد للسطح! وآخرها تنظيم داعش الإرهابي الذي فاق كل التصورات، بإجرامهِ وأيديولوجيته ومنهاجه التكفيري المستمد من الفكر الوهابي المنحرف .
القسم الأكبر من السياسيين إستلم المنصب وأهمله! وإنشغل بالمشاريع التي يوزعها الحزب الحاكم، وهو عبارة عن حصص، بشرط عدم النظر صوب السرقات الكبيرة، التي أفرغت الميزانية التي لو تم إستثمارها بالشكل الصحيح، لكان للعراق شأن آخر، يفوق حتى أمريكا من حيث العمران، وخصوصاً العراقي بإستطاعته التأقلم مع أيّ وضعٍ، ويبدع كما نلاحظهُ في بقية بلدان العالم، والنتيجة كانت إنهيار كل المؤسسات الرسمية! وأولها وزارة الصحة، والتي يقع على عاتقها حماية المواطن وصحته فوق كل الإعتبارات، يليها التعليم وهذا هو أهم مفصل، وعلى عاتقه الثقل الأكبر، لتخريج الكفاءآت التي ستقود البلد مستقبلاً .
الهبات التي كانت توزع على الشعراء والمطربين، أليس الشعب أحوج لها من هؤلاء! والإعفاء عن المجرمين الذين تلطخت أيديهم بدماء المضحين أمثال فدائيي صدام، كان الخنجر المسموم بظهر الذين ذاقوا الويلات أيام حكم البعث، أليس الأجدر الإلتفات للعوائل المعدمة؟، التي تتخذ من نهايات المدن سكن لها، كونها لا تملك قوت يومها وهم أحق بهذه الهبات التي تكررت حالاتها، ومن يعاكس الرأي عليه أن يقف ويستذكر جيداً، بمن لبى نداء مرجعية النجف، ليرى من هم الملبين للفتوى؟ والبحث جيداً عن اؤلئك الذين تم منحهم الرواتب العالية بأثر رجعي، هل ستجد لهم أثر ؟.
من المعيب أن نرى الصحف العالمية، تنشر أرصدة السياسيين في العراق، وحجم الأموال التي تم تهريبها، والجهات الرقابية صامتة! وكأنها أُصيبتْ بالخرس وضاع صوتها! فهل من بيده أمر إرجاع تلك الأموال هو بالأصل مشترك بالسرقة أم ماذا؟ الم يشرح الراحل احمد الجلبي آلية إسترجاع هذه الأموال؟! وعلى الحكومة القادمة العمل بكل حيادية وشفافية، وبيان حجم كل الأموال التي تم ترحيلها بكل الطرق والممكنات، فليس من المعقول أن هؤلاء السياسيين أغنياء، وتاريخهم معروف أن معظمهم كانوا يعيشون على الهبات والمساعدات الإنسانية، وما ان دخلوا الحكومة حتى صاروا من أصحاب الأموال, إلا قلة نادرة معروفة !.