في وقت سابق للانتخابات صدع راسنا بعض السياسيين بحكومة الاغلبية والتي تتطلب بالمقابل وجود اقلية معارضة . ولما فشلوا في الحصول على اصوات كافية في الانتخابات الحالية . اخذوا يتحالفون مع رئاسة البرلمان لاصدار قوانين تهدف اعادة تدوير اعضاء البرلمان السابقين من خلال الجلسات المفتوحة للبرلمان او من خلال عقد جلسات مستعجلة في مطاولة مع الزمن قبل انتهاء عمل البرلمان في نهاية شهر حزيران الفائت . ودخلوا في سباق محموم مع الايام القليلة المتبقية لاصدار قانون يلغي الانتخابات ويمدد عمل البرلمان في محاولة يائسة مخالفة للدستور . لكنهم لم ينجحوا لعدم اكتمال النصاب . ومع ذلك فهم مازالوا يسعون من خلال الفرز اليدوي للجلوس مجددا في البرلمان القادم .
ان محاولة الفاشلين في اعادة تدويرهم للبرلمان القادم يعد سابقة لامثيل لها في رفض التداول السلمي للسلطة وتعبر بشكل لالبس فيه بانهم لايؤمنون بالعملية الديموقراطية الا اذا كانت تخدمهم . وهم يلفظونها متى ما اصبحت تتعارض مع بقائهم في السلطة واستمرار فسادهم والسطو على اموال وممتلكت الدولة على حساب ابناء الشعب المساكين . ان هذه الاعمال والتحشيد المهووس لاكمال نصاب البرلمان واصدار قوانين مستعجلة ، مدفوعة بدرجة اساسية من نفس الكتل التي كانت تنادي بحكم الاغلبية البرلمانية حتى يتجنبوا الجلوس في مقاعد المعارضة التي تحرمهم من مكاسب السلطة واموالها .
اننا لانهتم بعملية سياسية فاشلة منذ قيامها على ايدي الامريكان الى يومنا الحاضر . ولكننا نؤكد هنا على زيف ادعاء من يدعون الديموقراطية وحرصهم على العملية السياسية المستندة على صناديق الاقتراع فقط . . فقد لفظهم الشعب رغم تجهيله بدعوات دينية متهافته لاتقدم لهم سوى الهراء بدل الخدمات الصحية والتربوية اوالاساسية من ماء وكهرباء ومجالات عمل متنوعة للقطاع العام والخاص او في الحقول الزراعية المختلفة . هذه العمليات الخدمية والاقتصادية التي نحروها خلال فترة حكمهم المشؤومة التي استمرت لسنوات عجاف . يضاف اليها الفساد الاداري والسياسي ومعهم رهط من المنتفعين على حساب مصالح الشعب .هؤلاء هم المتباكون الان على نزاهة العملية الانتخابية لتبرير فشلهم ولفظ الشعب لهم . ويحاولون العودة الى السلطة بكل الطرق والوسائل المشروعة او غير المشروعة .
ان هذه الفوضى السائدة الان بعد مقاطعة الانتخابات وتزويرها ،ثم التخبط في اعادة الانتخابات او اعادة الفرز اليدوي وما رافق ذلك من تفجيرات في مدينة الصدر وكركوك وحرق صناديق الاقتراع ثم تحطيمها . والسعي الحثيث لعقد جلسات برلمانية لانقاذ الفاشلين . . تمثل قمة المهزلة في نقض كل ما سبق وان اقروه بانفسهم من مفوضية انتخابات غير مستقلة وقانون انتخابي مفصل على قياساتهم . وتثبت بما لايقبل الشك انهم غير قادرين على الادارة الحكومية او البرلمانية . وهم باعمالهم هذه يعرضون البلد لمخاطر جمة اقلها الصراع المسلح بين الاحزاب وميليشياتها . وخصوصا اذا ما شعر الفائزون بالانتخابات ان البساط سيسحب من تحت اقدامهم
وحتى اذا ماستطاعوا تشكيل حكومة في مثل هذه الاوضاع فستكون حكومة ضعيفة فاقدة للشرعية . . لان مابني على باطل باطل . وسوف لن تصمد امام هذا الكم من المؤامرات والصراع المحموم على السلطة والثروة . اضافة الى التدخل الخارجي السافر .
بعد كل هذا الهرج والمرج والفضائح التي تزكم الانوف لم يبق امام عرابي مايسمى العملية السياسية سوى التسليم بالفشل الذريع . وعلى قادة الرأي السديد من مختلف قطاعات الشعب وطوائفه اخذ زمام المبادرة واصدار بيان سياسي (مانيفست ) لادانة كل هذه الممارسات غير المشروعة وغير الانسانية وتقديم مشروع ديموقراطي بديل يستند على دستور وعقد اجتماعي جديد يحفظ حقوق الشعب بكل مكوناته وطوائفه وقومياته واقلياته . ويرفض لغة التهديد والسلاح والحروب الاهلية الظاهرية منها والباطنية . . والقضاء على الدولة العميقة ودهاقنتها من شلة المافيات والعصابات المسلحة والميليشيات التي تمارس جرائمها تحت لافتات مظللة عديدة لم تعد تنطلي على جماهير الشعب الواعية
ان تغيير السلطة في العراق بات من الضرورات التي تحافظ على ماتبقى من كيان الدولة وتعيد الثقة بالشعب ، وتعزز هيبة الدولة ومكانتها اللائقة في المنطقة والعالم بعيدا عن التدخلات الاقليمية والدولية .