لا يخفى على أحد من عامة الناس، المخطط الأنكلو أميركي الصهيوني المرسوم منذ بداية تقسيم المنطقة، وفق أتفاقية دولية ما بعد الحرب العالمية الأولى(سايكس بيكو)، المنفذة بالتقاسم بين الدول الأوروبية المتعددة، منها أنكلترا وفرنسا وأيطاليا، تنفيذاً لدورهم المشؤوم في السيطرة المباشرة وغير المباشرة على شعوب المنطقة ودولهم المقسمة، بخضوعهم خارج أدارتهم للحكومات الدكتاتورية المتعاقبة التي تم تنصيبها من قبل المحتلين، التي نفذت وتنفذ السياسة الغربية بالمسمومة على حساب شعوب المنطقة برمتها، مقابل حفاضها على السلطات بأمتيازاتها الكاملة مستحوذة على الكراسي الفاهرة الفاخرة، وفق مبدأ تنفيذي متدرج عددياً ضمنياً دون نقاش ولا حوار، ببرنامج مدروس سلفاً ينفذه الحكام الأستبداديين في منطقة الشرق الأوسط، لتأمين الوجود الأسرائيلي ومصالحه الكاملة لخدمته الدائمة فعلياً عملياً ، وظاهرياً محاربته أعلامياً وأجتماعياً وأقتصادياً وحتى حربياً عسكرياً، برخص دماء الشعوب الفقيرة والمغلوبة على أمرها والممارسة بالضد منها.
العراق نموذجاً وليس حصراً:
قبل التغيير والأحتلال للعراق في 2003 وما بعده ولحد اللحظة، العراق وشعبه يعانيان من قهر وضيم ودموع ودماء وانتهاك حقوق الأنسان وحتى تربة الوطن وخيراتها تحت الارض وفوقها، سببه عمالة الحكام بجميع أنواعهم وأشكالهم، وخاصة أزدادت المآسي في ظل الطائفية والعنصرية القومية المقيتتين، وهما بعيدتان كل البعد عن روح الوطن والمواطنة العراقية والقوانين العادلة التي تحترم الحقوق وتلتزم بالواجبات، كل هذا وذاك ملغي بالنسبة للطائفية والعنصرية القومية حباً وتشبثاً بمصالحهما الذاتية مع مزيداً من الفساد المستشري في داخلهما.
ليتواصل السيناريو التدميري لسوريا في 2011 من قبل الغرب اللعين، بخلق حرب شبه اهلية تقليداً للوضع العراقي، بالرغم من أحتلاله المباشر من قبل الأنكلوأميركي، فأوجدوا الزرقاوي والخضراوي والداعشي والماعشي، وهكذا عزز ويعزز دور الأسلام السياسي السوري، مدعوماً ومسانداً من قبل أميركا وحليفتيها بريطانيا وفرنسا، لتصل النار الملتهبة تونس ومصر على أساس الربيع العربي، مصدرين الديمقراطية المشوهة والحرية الفاشلة، التزاماً مع أباحية الفكر المدمر للأنسان وصولاً للفوضى الخلاقة، محدثة صراع دموي قائم في ليبيا واليمن بشكل مستمر ولحد اللحظة على أساس طائفي مقيت، ناهيك عن تمزيق السودان الى دولتين شمالية وجنوبية من دون أستقراهما، يفترض منهما بناء حياة جديدة آمنة في البلدين المنقسمين، مع حراك وصراع متواصل في عموم المنطقة، خدمة لمآرب أسرائيل ونواياها في تحقيق الأمن والأمان والأستقرار تمييعاً لحق الشعب العربي الفلسطيني، في العيش المسالم بقيام دولته المستقلة بعيداً عن سيطرة الجانب الأسرائلي وبعدم أرتباطها الضمني بها.
وهنا ننثني الى دور الشعب المصري في كبح مخطط ومسار أمريكا وتدخلاتها الفجة في الشأن المصري، نتيجة الوعي الثقافي لهذا الشعب الحي الواعي لمهامه الوطنية والأنسانية، وخصوصاً شبيبته اليافعة المتطلعة نحو غدِ أفضل، بألغاء دور الأسلام السياسي المدعوم من قبل أمريكا وأجهزتها المخابراتية، في محاولتها بفرض قيادة التيار الأسلامي المتشدد على الشعب المصري المتطلع للحرية والحياة الجديدة المتطورة، ليختار البديل المدني الليبرالي العلماني الديمقراطي للسير قدماً بأتجاه تصحيح المسار السياسي لبلدهم مصر التقدم لحياة فضلى للشعب.
منطقة الخليج:
باتت الأمور واضحة تماماً بسيطرة الغرب الرأسمالي على دول الخليج، بعد أن كان يحلم بموطيء قدم في المنطقة مقابل أتفاقيات ثنائية، وكل شيء بحساباته وما يقابله منطقياً، لكن في حقيقة المتغيرات الأبتزازية للغرب التعسفي التسلطي، دفعت ولا زالت دول المنطقة تكاليف التواجد العسكري لقوى الغرب الممنهج، في أستعباد الشعوب والسيطرة على مقدرات وقدرات الدول الخليجية الغنية بالنفط والغاز، مع تأمين دور أسرائيل وفرضها على دول المنطقة، بقبولها وركوع حكوماتها العميلة للغرب أستسلاماً، كونها متوظفة في حكومة القطب الواحد الأمريكية بأعتبارها، قوة منفردة باتت سيطرتها الكاملة على المنطقة برمتها، لتلعب كما تشاء متفرجة للصراع الممنهج الدائر بين دول المنطقة، وخصوصاً بين ضاحيتي الخليج شرقاً وغرباً، (ايران والعراق لفترة طويلة في حربها الظروس التي دارت رحاها حرقة البشر والحجر على حد سواء).
أيران مع دول الخليج قاطبة، ليتأجج الصراع المستفحل بين أيران والسعودية ما بعد نهاية الدكتاتورية الفاشية الصدامية في العراق، ليتحول العراق بفعل الطائفية الفاشلة الفاسدة في أدارة السلطة العراقية المسيسة، وقفت وتقف الى جانب المصالح الأيرانية و بالضد من العراق وشعبه، مستغلة و مستفيدة من الميليشيات المسلحة خارج القانون الفاعلة بجانب ربيبتهم أيران، ناهيك عن التعنصر القومي المقيت (القوى القومية الكردية العراقية)، وولاءاتها الفاشلة لدول المنطقة، تارة لأيران وأخرى لتركيا على حساب الوطن والشعب في الأقليم والمركز على حد سواء.
من جراء تلك السياسة السلطوية الفاشلة على مدى خمسة عشر عاماً، من الأخفاق والذل والعوز والدماء والدمار والدموع الساكبة للأمهات الثكالى، لعموم المجتمع العراقي بكافة مكوناته القومية والأثنية، الذي دُمِرَ وتدمر بفعل الصراع الطائفي المقيت الفاسد من جهة، والقومي العنصري الهدام من جهة أخرى، بعيداً عن مراعاة أبسط قيم الحضارة التاريخية والأنسانية للشعب العراقي لأكثر من ثمانية آلاف عام، بلد سومر وأكد بابل وأور الكلدان ونينوى الآشور وآخرها نينوى الكلدان قبل الميلاد ب535 لتسقط آخر دولة وطنية كلدانية على أيدي الفرس المجوس، لتستمر بأحتلال وادي الرافدين حتى الغزو الأسلامي للعراق، الذي مهد لدخوله رجال الدين المسيحيين تخلصاً من الفرس وتعاملهم الفج مع الشعب، على أساس التقارب الديني وفكرهما الروحي الواحد في عبادة الخالق، متناسين بأن الثاني هو أشد قمعاً وقسوتاً لهم من الأول، حتى دواليك الى يومنا هذا وهم يعانون القهر والذل والتفرقة والقمع والقتل، دون مراعاة الأسلام المتشدد لأبسط قيم وحقوق الأنسان.