17 نوفمبر، 2024 8:30 م
Search
Close this search box.

كلماتٌ خفيفة في الإعدام .!

كلماتٌ خفيفة في الإعدام .!

ما اعقبَ حلّ الجيش العراقي من قِبَل ” بول بريمر ” وبمباركةٍ وتزكيةٍ حارّةٍ ومُفرحه من قبل قادة الأحزاب والعملية السياسية منذ كانوا يقطنون في دولٍ خارجية متفرقة ومتباينة .! , وما أن جلبهم المحتل بطائراته الحربية وسلّمهم السلطة والحكم من حيث كانوا لا يحلمون بذلك وحتى بأدنى من ذلك .! ,فبادروا وشرعوا بالخطوة الثانية المتعلقة بالجيش العراقي العريق , فقاموا بتوجيه الإهانة وسحق الكرامة للمؤسسة العسكرية برمّتها عبرَ الغاء قانون واعراف إعدام مَن يستحق الإعدام من منتسبس الجيش < إعداماً بالرصاص > وتغييره الى الإعدام شنقاً حتى الموت .! , ولا نتحدّثُ هنا عن شنق بعض رموز نظام الحكم السابق ممّن يحملون رتباً عسكرية , كما أنّ حديثنا التجريدي هذا يخلو من الأبعاد السياسية , انما نشير الى التقاليدٍ العسكريةٍ المتّبعة منذ تشكيل الدولة العراقية ومرورا بكافة الحكومات التي تعاقبت على السلطة , والى غاية مجيء السادة .!

     ثُمّ , استثناءً وبغضّ النظر عن الدواعش والأرهابيين الآخرين الذين يفجّرون ما يفجّرون .! والذين يستحقّون فعلاً الى ما هو اكثر من الشنق .. وإذ من المتعارف عليه منذ نحو منتصف القرن الماضي بأنّ الدول المتحضرة ” فكرياً وانسانياً قبل تطورها تقنياً ” قد غيّرت والغت عقوبة الإعدام بالشنق وبالرصاص < وبعضها الغت الإعدام اصلاً , ولا نستشهد بأسرائيل فقط ! > , واستبدلوه بطريقة الإعدام بالكرسي الكهربائي او بالحقن السامّة المركّزة , وحيث أنّ ايّةَ طريقةَ او وسيلةَ إعدامٍ  مهما كانت فهي لا تستغرق سوى بضعة ثوانٍ لإنهاء حياة المتهم وتحويله الى عدم , فلماذا لا يتحكّمون اصحاب المشانقِ والإعدام بالرشّاشات والبنادق  , بغرائزهم المتوحّشة التي لا تستغرق ” لأقلِّ من نصفِ دقيقةٍ ” ويعدمون المراد اعدامه بطريقةٍ متحضّرة وانسانية , طالما أنّ مَنْ سيعدموه هو منتهٍ وزائلٍ وسيغادر الحياة .! كما هل يتطلّب التنفيس عن أحقادٍ سيكولوجية او سياسية او انتقامية اكثر من عشرات الثواني واللحظات .!

ما يُلفت ويجتذب الأنظار بأكثرَ من منظار أنّ منظمات المجتمع المدني والإنتلجنسيا العراقية , ومعها ايضاً كلّ وسائل الإعلام المهنيةِ ونُخبها , بأنها لا تطرح ولا تتطرّق لهذا الأمر , فهل يراد من المجتمع العراقي التجرّد من انسانيته التي اغدقت على الإنسانيةِ بعهودٍ وعقودٍ وازمنةٍ , وهم مَنْ يُمثّلون الناطقين بأسمِ هذا المجتمع!

    وبقيَ ممّا تبقّى فأنّ معظم هذا الجيل الجديد والذي سبقه , فالكثيرون منه قد لا يعرفون بأنّ اذا ما انقطع حبل المشنقةِ ” مصادفة ” على الذي كان يراد اعدامه شنقاً في < العهد الملكي > السابق , فقد كان يُعفى من عقوبة الإعدام .! ويعتبرون أنّ الله تعالى كتبَ له عمراً وحياةً جديدتين .! , وعلى الرغم من مرورِ اكثر من نصف قرنٍ من الزمن على إنهاء العهد الملكي فلا زال الكثير من العراقيين ” ولشدّة طيبتهم المفرطة ” يعتبرون أنّ ما يجري في العراق ” الآن ” هو انتقاماً لعملية القتل الدموية الفظيعة للعائلة الملكية السابقة وخصوصاً أنّ معظمها كانوا منَ النساء والفتيات .!

, وبالرغمِ من هذه الطيبة المتناهية فنقول ونستشهد بالآيةِ الكريمة :

< لا تزَرُ وازرةٌ وزر أخرى > .! , ولكنَّ ما يجري الآن لم يسبق أن حصلَ بكلّ البلدان وبكلّ الأزمان .! , وتعجزُ اقلامُ والسنةُ هذا الزمان ” قاريّاً ” عن توصيفِ ما يجري في العراق الآن .! , حتى بوسيلةِ كاريكاتير او بِبيتٍ مقتطعٍ من قصيدة .!

أحدث المقالات