مات كريّم آل عليوي، صرعه المرض والفقر والسجائر الرديئة، لم يتمكن أهله من نقله لمستشفيات ألمانيا، فلا هو رئيس جمهورية، ولا البرلمان يمنحه منافع إجتماعية تكفي لشراء المستشفى الالماني هو وأطبائه وماسيراته الجميلات !
ثم أن ألمانيا لا تمنح عراقيا بائسا من ناحية ” الفهود ” ڤيزا طبية للعلاج في مستشفياتها الراقية التي أمست ” تحيي العظام وهي رميم “، فالعراق لا زال تحت البند السابع، والحكومة الرشيدة العاجزة عن القاء القبض على ” واثق البطاط ” أو التفاهم مع علي حاتم السليمان ال ” گاظب الجير ” منذ أكثر من ستة أسابيع، أعجز من أن ترفع هذا البند الضاغط على قلوب الناس منذ أيام ” أبو الليثين ” و ” وليخسأ الخاسئون ” !
علي آل طلاّب والد كريّم كانت له هوسه عشائرية بليغة، قالها في حق زعيم قبائلي مهم مات فجأة، والعشيرة لا زالت في حرب مع عشيرة منافسة على حدود زراعية، قال أبو كريم مخاطبا جنازة المتوفي :
” شلون تغرّب يا أدور : والحد بي ميله “
يا لبلاغة العامية. ويا لحاجتنا لهذه الكلمات التي قد نضطر – فال الله ولا فالكم – لنخاطب فيها مام جلال الزعيم العراقي الكبير – بعد عمر طويل – وهو على الآلة الحدباء محمولُ، والموسيقى العسكرية تعزف مارشاً حزيناً يليق برجل قضى عمره كله وهو يناضل من أجل قضية آمن بها، والحداد معلن في البلاد التي هي أصلا في حداد دائم، وتلفزيون العراقية يبث عبد الباسط عبد الصمد وهو يقرأ سورة يوسف، ويخرج فجأة من بين المشيعيين شيخٌ من شيوخ الاسناد الشرفاء ليخاطب الرئيس بهذه الكلمات :
شلون تغرّب يا أدور .. والحكومة بلا وزير دفاع، ولا وزير داخلية، ولا وزير أمن وطني، ولا مدير مخابرات، ولا وزير للناطقية !
في أمان الله