خاص : ترجمة – محمد بناية :
صدرت عن “المؤسسة الثقافية للدراسات والأبحاث الدولية”، (ابرار معاصر طهران)، ترجمة “ناصر پور إبراهیم” لكتاب: (الشرق الأوسط بعد الانتفاضات العربية)؛ من تحرير السيدة، “لويس فاوست”.
وبالنظر إلى تسارع وتيرة التطورات في الشرق الأوسط وطباعة الأعمال المختلفة حول هذا الموضوع، فلن تجد عملاً ذا قدرة على الخلود ولفت إنتباه المخاطب، لا سيما على الصعيد الجماعي لمدة عقد. بحسب موقع (الدبلوماسية الإيرانية) المقرب من وزارة الخارجية الإيرانية.
أهمية الدراسة..
لكن الكتاب الذي بين أيدينا نجح في تحقيق انتشار واسع بين الدارسين في حقل الشرق الأوسط؛ بسبب مشاركة نخبة من أفضل الكُتاب في حوزة الشرق الأوسط، فضلاً عن الاستفادة من نظريات علم الاجتماع النقدي، حتى أن بعض الجامعيين المتعمقين في دراسات الشرق الأوسط حول العالم، سجل رؤوس الفصول في دروسه على أساس موضوعات هذا الكتاب.
كذلك يمتاز الكتاب بالتحليل لشكل، وتكامل وفشل الثورات العربية من مختلف الجوانب. ويقدم الكتاب دراسة عن تأثير الشرق الأوسط على هيكل السلطة العالمي، وعلاقات بعض الدول الإقليمية، والنظم التي تحكم علاقات دول المنطقة، وأسباب الحروب والتعاون بين هذه الدول، وتأثير العوامل الداخلية على السياسية الخارجية في دول الشرق الأوسط، ودور التيارات فوق المحلية وغير الحكومية في علاقات الشرق الأوسط الدولية، ومكانة الإيديولوجية والعقيدة في علاقات دول الشرق الأوسط الدولية.
وقد تطرقت “لويس فاوست”؛ في مقدمتها للكتاب، وكذلك فعل المترجم “ناصر پور إبراهیم”، إلى مسألة أن معظم مؤلفي الكتاب تبنى نظرية علم الاجتماع التاريخي النقدي وهم يعتقدون في الرؤى غير الغربية، وانتقاد الغرب والتأكيد على مصطلح “العلاقات الدولية العالمية” في فهم علاقات الشرق الأوسط الدولية.
حسب نهج “علم الاجتماع التاريخي”..
ويتكون الكتاب من مقدمة وعدد 14 فصلاً؛ يتناول كل منها الشرق الأوسط من زواية ما، لا سيما بعد الانتفاضات العربية. هذا بالإضافة إلى مقدمة المترجم والتي تشرح بدقة الفضاء الفكري السائد في توجهات علم الاجتماع التاريخي لدراسات الشرق الأوسط.
وفي الفصل الأول؛ يقدم “فريد لاوسون” نبذة عن النظريات المختلفة ومدى الاستفادة منها في الشرق الأوسط، وهو يؤكد على أهمية الرؤى الكمية في تحليل تطورات الشرق الأوسط، رغم إهمال هذا النوع من الدراسات إلى حد ما في العقد الأخير.
ويبحث “يوغين روغان” في الفصل الثاني؛ في الجذور التاريخية لتشكيل الشرق الأوسط في النظام الدولي بعد الحرب العالمية الأولى، وهو يعتقد في اشتراك المعايير والقيم وأساليب تنمية الدول بحيث تتطور الحكومات داخل هذا النظام، ومن هذا المنظور تعاني عملية تطور دول الشرق الأوسط نقصاً شديداً.
ويناقش “بهجت قرني” في الفصل الثالث؛ ارتباط قضايا الشأن الداخلي بدول الشرق الأوسط على العلاقات الدولية في إطار مفهوم “المحلي-العالمي”، ويؤكد على تعدد وتداخل طبقات الأمن في الشرق الأوسط بعد إنتهاء الحرب الباردة.
ويرصد “لوتشاني”، أحد أبرز الباحثين في مجالات النفط بالشرق الأوسط، الأبعاد الجديدة لذلكم الموضوع، وهو يشدد على العلاقات المهمة بين النفط واستقرار نظام الحكم الحديث في الشرق الأسط، ويدخل في تحدي مع الرؤى النقدية والتاريخية لعدد من الصور النمطية المستخدمة في مجال النفط بالشرق الأوسط.
ويتناول “ريتشارد نورتون” في الفصل الخامس؛ مسألة الإصلاحات السياسية بالشرق الأوسط في ضوء الانتفاضات العربية وعقبات تلكم الإصلاحات، ويرفض رؤية علم الشرق في دراسة الإصلاحات بالشرق الأوسط.
في الفصل السادس يؤكد “ريموند هينه بوش”؛ على مفهوم “العروبة” في قالب سياسة الهوية ويصف “الهوية” في الشرق الأوسط بـ”غير الملائمة” للهياكل المادية، ويرى أن إصطكاك “الهوية” وتشكيل الحكومات من عوامل اندلاع الحرب بالشرق الأوسط.
وفي الفصل السابع يعرض “بيتر ماندوايل”؛ لعلاقة “الإسلام” بالتطورات الإقليمية وكيف أن “العولمة” أداة تسهيل بالنسبة للإسلام.
وتناقش “لويس فاوست” في الفصل الثامن؛ مسألة الدينامية في ضوء التغيرات الإقليمية والتحالفات بالمنطقة، ولا ترى أن نموذج الاتحاد الأوروبي مناسباً للشرق الأوسط.. وتتوالى فصول الكتاب وصولاً إلى الفصل الرابع عشر، حيث تستعرض “روزماري هوليس”؛ مراحل التطور والتكامل في السياسات الأوروبية حيال الشرق الأوسط، وتتساءل عن أهمية أوروبا باعبتارها طرف مؤثر في نماذج التطوير بالشرق الأوسط.
وأخيراً؛ فأن أهم ما يميز كتاب (الشرق الأوسط بعد الانتفاضات العربية) هو الاهتمام المنهجي بدراسة علاقات الشرق الأوسط الدولية، وتشجيع الإلتقاء في دراسات الشرق الأوسط، ونظريات العلاقات الدولية. ورغم إنكباب نخبة من الباحثيين الغربيين على تأليف الكتاب المذكور، فقد كانت لهم انتقادات حقيقة للرؤية الغربية في دراسات الشرق الأوسط، والتي فشلت في تقديم حلول للأزمات الموجودة بالمنطقة.