يفرز الواقع حقائق سلبية أو إيجابية، ولا نتوقف والبحث عن ما لم يتحقق ومن هو أكثر سلبية أو إيجابية، وما هي الأسباب التي منعت من تحقيق ما أشد سوءً أو أحسن حالاً، وما يفضي الواقع السياسي والإداري العراقي، بحاجة لدراسة ممنهجة والبحث عن محتملات أسوأ مخطط لها، وإيجابيات منعت، والظاهر غلبة للسلبية ومنهج للتخريب هو المسيطر على المؤسسات، وبين شكوك بضعف القانون أو إنحدار طبقة حاكمة، نبحث عن قيم مفقودة فهل هي مفقودة لأشخاص فرضوا أنفسهم، أم هي منهج لإضعاف القيم والقانون والإدارة؟
الإنسان كائن متعلم يخضع للبيئة والتربية والوراثة في تكوين شخصيته، وبعد السادس الإعدادي يتأهل بإكمال كل العلوم ومنها التربوية ومنها الاسلامية.
توصف البلادة والتخلف وسوء التعليم سبباً للاخطاء، حتى يُقال أن الجانب الثقافي يعكس الجانب الأخلاقي، ومن ضمن شروط تسنم الوظائف إكمال التعليم، وتمثيل الشعب في البرلمان على الأقل إكمال الإعدادية، والمناصب التنفيذية العليا حملة الشهادات العليا من التكنوقراط، وفي الواقع العراقي أحياناً يفشل من يملك أعلى الشهادات وينجح من أقل والعكس صحيح.
يستشهد المعلمون ويحفظ الطلبة على ظهر القلب الحديث النبوي الشريف “من غشنا ليس منا”، بإشارة للغش وخروج الغشاش من الأمة والإنتماء للوطن والقيم والأخلاق، ويحصل الطلبة على أعلى الدرجات في درس الإسلامية، التي تشمل قراءة القرآن من بداية الدراسة ونهايته في مرحلة الإعدادية، ومجموعة من الأحاديث والتفاسير التي تشير الى الأخلاق والمآثر الأخلاقية والصدق والأمانة، والآباء يحرصون على تعليم أبنائهم على ممارسة الطقوس الدينية وحضور الجوامع والتمسك بتعاليم الدين لما لها آثر في الحياة العامة.
إن تسريب أسئلة مادة التربية الإسلامية يشير الى خلل تربوي كبير، فلا أولئك الذين أؤتمنوا الأسئلة حافظوا عليها، ولا طالب تعلم قيم تمنعه من الغش وأخذ حق غيره، والمشكلة الآخرى هناك جيل وصل الى شهادات عليا لا يفرض بين الضاد والظاء ولا الألف المقصورة والمطلقة ولا التنوين، والأدهى جيل سياسي يرى المعروف منكراً والمنكر معروف، وهؤلاء عينة لمجتمع تعلموا بنفس المناهج الدراسية، التي تشير الى أنا وسوء أخلاق وخيانة وغايتهم بررت الوسيلة.
معظمنا ينتقد مخالفة القانون ومعظمنا يخالفه من مسؤول ومواطن، نتمسك بالعرف قانون، ولا نجعل من القانون عرفاً معيب المخالفة.
يشكل فعل المسؤول الحكومي إنطباع في صناعة الرأي العام، فما بالك في رأي خطأ عند مسؤول لا يملك وعي، وبذا فقد الوعي العام ناهيك عن تخالف وتقاطع الرأي العام، وهذه وتلك جاءت أما من منهاج خاطئة أو تخريب ممنهج، وإلاّ لو كانت المناهج تربوية تعلم القيم والأخلاق وحقوق الإنسان، لما تجاوز المسؤول وقصر بعمله، ولما خالف المواطن قانوناً يخدمه، ولما سعى طالب للحصول على درجته الإمتحانية بالغش، وكما هو التعلم في الصغر كالنقش على الحجر، فالغشاش يعرف أنه جاء بغير حق ولن يكون طبيباً أو مهندساً أو معلماً ناجحاً، لذا يشكو العراق من كل القطاعات، ويعمد المواطن لمخالفة القانون كونه وصل لقناعة بأنه سيف على رقاب الفقراء حسب، وكُثر من المسؤولين الحكوميين تجلبب الدين والأخلاق علناً، وتبطن الشيطان سراً، ولا كأنه درس منهجاً تربوياً، ولا أثرت به تعاليم الدين الإسلامي ومادة الإسلامية التي رافقته 12 عام وتفوق بها، وما موجود في المناهج الدراسية يختلف كثيراً عن التطبيقات الواقعية، بل أنها مجرد محفوظات للنجاح، لا نقش في الصغر ولا تطبيق في قلوب من حجر، وإلاّ كان على الطالب عدم الغش كون الإسلامية مادة تحمل نوع من القدسية الواجبة الإحترام.