18 ديسمبر، 2024 9:39 م

المخاطر بين الإدراك والتجاهل

المخاطر بين الإدراك والتجاهل

أوضاع المنطقة ليست سهلة على الإطلاق، لا بل هي مريرة وخطيرة وتزداد خطورة ومرارة يوماً بعد يوم، والعراق يمر بأخطر مراحله الملتهبة، وهو ما يفسر حالة التوتر القائمة بين السلطات والمكونات والأحزاب والشخصيات السياسية والتخوف من التطورات، خاصة وأن تحدي الإرهاب مازال يقرع الأبواب، والكتل السياسية العراقية تنتظر الانتهاء من إجراءات العد والفرد اليديوي لأصوات الناخبين وهي تضع أيديها على قلوبنا في إنتظار الكوارث المأساوية والأضرار المدمرة، نتيجة للمواقف الغامضة وردود الأفعال غير المتوقعة والمفاجآت والقرارات العنيفة التي تمزج بين الحقيقة والخيال. أما الأوضاع في إقليم كوردستان فهي حرجة ومعقدة ومن الصعب التكهن بتحولاتها وتحولات القوى السياسية فيها، وما زال البعض لايدرك تأثيرات تلك المخاطر، ويغير مواقعه وسياساته ومواقفه ووعوده وتعهداته، ويتلهى بتبادل الإتهامات، ويمارس سلوكيات تكرس الإنقسام، ومازال يتحدث عن أمور جانبية وعابرة أو مجرد نتائج وتداعيات وليست الأسباب الحقيقية للمشكلات، والتركيز عليها يخفي نية مبيتة تهدف إما لنشر حالة من الفوضى أو التواطؤ من أجل إخفاء الأسباب الحقيقية للمشكلات أو رغبة في عدم التخلص من الورطة التي أوقع نفسه فيها. لذلك يشكك في كل شىء، ويطرح مبررات سياسية واهية، ويتخذ قراراته بشكل مرتجل دون وجود إستراتيجية أو رؤية واضحة للتداعيات المترتبة عن هذه القرارات والآراء المتباينة.

في المقابل، يشدد الرئيس مسعود بارزاني على ضرورة دخول كافة الأطراف السياسية، بروح بناءة في حوار عقلاني من أجل التوصل الى معالجة سلمية معقولة لكل المشكلات.

أما نيجيرفان بارزاني، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، فقد دعا جميع الأطراف إلى تنحية كافة الخلافات الداخلية جانباً، وإلى الاستعداد للجلوس معاً والحوار لوضع برنامج عمل مشترك من أجل التحاور مع الأطراف الفائزة في الانتخابات العراقية بشأن حقوقنا في الدستور العراقي والمشاركة في الحكومة العراقية القادمة.

هذا يعني أن هناك من يدرك المخاطر والتهديدات ويحرص على المصلحة العامة ويحاول تحمل المسؤولية الصعبة ويتحاشى إستفزازات الآخرين، ويعتبر كل المشكلات قضايا داخلية، ومواقف الآخرين غير نهائية وقابلة للتغيير والتغير، ويترك الأبواب مفتوحة لمزيد من التشاور والحوار، ويدعو الكتل والأحزاب والشخصيات السياسية الكوردستانية للرضوخ الى منطق العقل والدخول بشكل جدي في نقاش وإجتماعات موسعة حول توحيد الصف الكوردي وإعادة تشكيل التحالف الكوردستاني ليكون لاعباً مهماً في عملية الانضمام للتحالفات الساعية للفوز بتشكيل الحكومة القادمة، وفي المشاركة بالعملية السياسية، وليساعد على تحسين فرص اختياراتنا وفق الظروف المستجدة.

الجهود الإيجابية خرجت من الفضاء الإعلامي، وتشهد حالياً تدرجاً ملموساً لنقلها لأرض الواقع، والإتصالات باتت ليس سراً على المستويات كافة، ولكن من الضروري أن تقدم الكتل السياسية الكوردستانية التنازلات الجوهرية لبعضها وتخفض سقف مطالبها من أجل تفويت الفرصة على المتربصين بالكورد، والساعين الى تشتيت الكوردستانيين، وضمان مشاركتها بفعالية في التشكيل الحكومي الجديد.

وأخيراً نقول: طوال التاريخ لم نرفض الحوار مع الآخرين، لذلك لا يعقل أن نرفضه بيننا، خاصة وأن الخلافات بين الكتل الكوردستانية بشأن سلبيات الفترة الماضية لم تصل إلى نقطة اللاعودة، والإعتراضات على نتائج الانتخابات والاجراءات المتخذة، أقل بكثير من المشتركات التي تجمعهم.

لكل طرف كوردستاني أولويات وخيارات، وكل طرف حر ويعرف مصلحته فيما يختار، ولكن الأولوية الأبرز هي الاقتناع بأن مصلحة البلاد والدفاع عن المكتسبات والحقوق الكوردستانية والإلتزام بأحلام الشهداء، تستدعي التمسك بالحوار بشأن المسائل الخلافية والتحالف وعدم الانطواء والانعزال والتوقف كثيراً عند المناصب