22 نوفمبر، 2024 3:03 م
Search
Close this search box.

دين إسلامي واحد أم أديان مختلفة؟!

دين إسلامي واحد أم أديان مختلفة؟!

الإنسان واحد سواء كان في الغرب أو الشرق، التركيبة نفسها ولكن ابن الغرب يختلف عن ابن الشرق في أسلوب الحياة وطريقة العيش والنظرة إلى المستقبل، فلا توجد أوجه مقارنة بينهما في هذا المجال، وكأنهما كائنان مختلفان في كوكبين مختلفين، ولكن بملامح بشرية! هم متقدمون ونحن متأخرون، هم يعيشون في القرن الحادي العشرين ونحن نعيش في القرون الوسطى! هم ينهلون من الحضارة نهلا ونحن ننهل من معين الجهل والتخلف!

ربما جرت محاولة جادة في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي من قبل بعض الكتاب والمثقفين للحاق بالركب، نشطت حركة ترجمة واسعة لأكبر الأعمال الإنسانية والعلمية، وفتحت مراكز بحوث ودراسات واسعة في سورية ولبنان ومصر والعراق، ولكن سرعان ما أخمدتها الانقلابات العسكرية السائبة ودمرتها الأفكار السياسية الظلامية التي اجتاحت العالم الإسلامي سواء الدينية أو القومية العنصرية، وبعد أن رسخت الدكتاتورية العسكرية جذورها في المجتمعات العربية والإسلامية، ضعف الاهتمام بحركة الترجمة وخلت الساحة من مترجمين أكفاء بعد غياب المترجمين الكبار أمثال جورج طرابيشي وعبدالرحمن البدوي وغيرهم قادة الفكر في الشرق الأوسط، واتسعت الهوة بيننا وبين الغربيين أكثر وأكثر، ففي الوقت الذي وصلوا إلى قمة التطور والتحضر، بدأنا نغوص نحن في مستنقع الجهالة واللاجدوى، لم يعد بيننا وبينهم أي وسم مشترك لا علميا ولا إنسانيا ولا ثقافيا، هم فوق ونحن تحت، بينما هم يبتكرون كل يوم ألوانا جديدة للحياة والسعادة البشرية، نحن نبتكر صورا جديدة للموت والدمار، هم يفتخرون بالإنجازات العلمية والإنسانية التي حققها علماؤهم، ونحن نفتخر بالإنجازات التاريخية العظيمة التي حققها أبطالنا التراثيون الميامين، وننبهر بمهاراتهم الخارقة في تجميد العقول والقلوب! ونستمد من فكرهم الظلامي قوتنا وسطوتنا، أشباحهم تعيش معنا ولا تفارقنا ليل نهار، نأكل معها وننام معها، ونتابع أثرهم ونقلدهم في كل شيء، في حركاتهم وسكناتهم وطريقة أكلهم ونومهم وزواجهم!

اليابانيون بطبعهم متدينون جدا، ثمانون في المئة منهم يمارسون الطقوس الدينية بانتظام، ولديهم ثمانية ملايين آلهة، آلهة تنطح آلهة، للمطبخ آلهة وللسفر آلهة، ومن يريد أن ينجح ويتفوق في دراسته الجامعية ما عليه إلا أن يتوجه إلى معابد “تانمانغو” طلبا للنجاح، وهكذا، عندهم لكل شيء آلهة تعبد وتقدس، ورغم وجود كل هذا العدد الكبير من الآلهة فإنهم لا يختلفون عليها ولا يتقاتلون من أجلها أو بسببها، كما نفعل نحن مع إله واحد لا شريك له سبحانه. بهذه الصورة المشوهة عشنا في القرن العشرين وودعناه وما زلنا نعيش في القرن الحادي والعشرين ولم نتقدم قيد أنملة، ونمارس السياسة من خلال الأحداث التاريخية وأبطالها لا من خلال الوقائع التي نعيشها، وما إن أدخلنا هذه السياسة الميكافيلية التافهة في الدين الحنيف، حتى تحولت من دين الله الواحد الأحد إلى أديان مختلفة، دين “داعش” ودين “القاعدة” ودين “السلفيين” ودين “العوام” ودين “العلماء التقليديين” ودين “العلماء الجهاديين” ودين “الشيعة” وأديان أخرى حسب المناطق والاجتهادات السياسية لا تعد ولا تحصى!

أحدث المقالات