توطئة:
يقول الله… : والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم” ( يس ـ ٣٩ )
وكالعرجون القديم هو بمعنى:- كعود عِـذ ْق النّخلة العتيق. قاموس المعاني.
أي أن القمر في ختام منازله يتقوس كالعرجون ليعود يلد بذات الهيئة من التقوس هلالاً.
والهلال من قاموس المعاني هو :- أول القمر إلى سبع ليالٍ من الشَّهر وآخره من ليلة السّادس والعشرين.
ولمعرفة أول الشهر القمري يتطلب رؤية بصرية حسية لأول منازله، وهو الهلال. وهذا ماذكره الله بخطابه القرآني بقوله:-
فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ. البقرة ١٨٥.
إذاً طلب الله للتحق من رؤية الهلال بصرياً لاحساباً فلكيا مراعاةً لأمته الأمية على الأقل بالخصوص وهذا أمرٌ معقول.
أما اذا تعذر رؤيته فالعد الجاري للأشهر هو السبيل المتاح لهم آنذاك بما قدروا له كما أوصاهم الرسول بقوله ( إذا رأيتم الهلال فصوموا واذا رأيتموه فافطروا،فإن غم عليكم فاقدروا له).كنز العمال(ج٨ – ص ٤٩٢/ ٤٩٥)
الله يعلم خلقه الذين أنزل عليهم كتابه بما يعلمون ويفقهون وكيف يحسبون وإلا لما حدد لهم الأشهر الحرم ونهاهم عن النسيء في سورة التوبة آية ٣٧. على أنه زيادة في الكفر! فالأشهر وحسابها معلوم عندهم سابقاً على وقت النزول وممن لأيعلم علمه الرسول الأمي بكيف يحسب لأن من بين الأقوام الكتابية والحنفية كانت أمتهُ أمية وقد صرح الرسول بذلك:
فعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: ( إنا أمة أمية لانكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين).البخاري في صحيحه (ج٢ ص ٢٣٠)
والقرآن أكد ذلك: الذين يتبعون الرسول النبي الأمي ( الأعراف ـ 157 )
فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ( الأعراف ـ 158 ).
رسول أمي يهدي الناس من الظلمات إلى النور لهو إعجازٌ حقاً ولكن هل من دليل قرآني آخر على أمية الرسول؟
قال الله في كتابه:
وماكنت تتلوا من قبله من كتاب ولاتخطه بيمينك اذاً لارتاب المبطلون بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ومايجحد بآياتنا إلا الظالمون”( العنكبوت ـ 48 ـ 49 ).
الله يريد بالمؤمنين اليسر لا العسر، فإن توافقتم كمجتمع مسلم، على توكيل ثقات لرؤية الهلال، فلتكن بالعين المجردة كما تقتنعون قرآنياً، فمسألة التوكيل لرؤيته من ثقات هو توكيل حسي لاعلمي، وهو أمر معقول ولاعلاقة للناظر بالعلم الفلكي، أي شاهد حسي شهد الهلال كدخول للشهر، فيخبر به كمن يأذن بدخول وقت الصلاة فقط لا أكثر.
كل الأخبار التي وردت لتثبيت الرؤية الحسية لا العلمية الفلكية لمنازل القمر، وتتناسب مع حال أمة الرسول الأمية وقت النزول.
فمن يرغب بالإعتماد على الحال القديم من النظر الحسي فقط لاغبار عليه وفقهه محترم وصحيح ومطابق للقرآن، كما لاحرج في الجديد الحديث من النظر الحسي التلسكوبي، لأن كلاهما بنية ضبط الدخول والخروج للشهر، وهو الأهم وجوهر الموضوع.
لكن لايمكن أن يشهد النظر الحسي العادي الهلال مؤذناً بدخول الشهر ونخذله لحجة عالم فلكي أو فقيه محترم قال بغير ذلك! لأن النظر الحسي تلسكوبي أو بالعين المجردة، هو المعيار الأول والأخير، ولاعلاقة له بعلم الفلك من قريب.
أما تفاصيل منازل القمر الدقيقة فلم يطلبها الله بخطابه سوى رؤيته بصرياً ولازال الناس تعمل بهذا.
إذاً فلايعقل أن تشهد دخول الشهر وتخذله لأنك وقتذاك تكون قد خالفت العقل والقرآن والحق أحق أن يُتبّع.
المرجع يعتمد على ما أعتقد على شهود النظر بالعين والتلسكوب في الحاضر، والفارق بين الرؤيتان هو أن التلسكوب يتقدم بثلاثة عشرة ساعة على رؤية الهلال بالعين المجردة.
الحق نقول أن لا ذنب للسيستاني لأنه يُبَلّغ برؤيته ولايعتمد الحسابات الفلكية كما يُخال للبعض.
عن عبدالله بن سنان قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الاهلة ؟ فقال : هي أهلة الشهور ، فاذا رأيت الهلال فصم وإذا رأيته فأفطر ، قلت : إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما ، أقضي ذلك اليوم ؟ قال : لا ، إلاّ أن تشهد لك بينة عدول ، فان شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم . وسائل الشيعة ج١٠ ص ٢٦٧. ألكتروني.
وبالاسناد عن حماد بن عثمان ، عن قطر بن عبدالملك قال : قال ـ يعني : أبا عبدالله ( عليه السلام ) ـ : يصيب شهر رمضان ما يصيب الشهور من النقصان ، فاذا صمت من شهر رمضان تسعة وعشرين يوما ثم تغيمت فأتم العدة ثلاثين يوما. وسائل الشيعة ج ١٠ ص ٢٦٨.