كان من الممكن أن تكونَ لنا جميعاً وهذا أمرٌ مرهوناً خيارهُ بك وحدك، لكنكَ أخطأتْ،فذهبتَ بعيدا ًجدا ًعندما شئت أنْ تكون للحزب فقط دون شعبك، تماما ًكما فعل صدّام من قبلك،ولاأدري إنْ كنتَ مُكبّلا ًوخاضعاً بفعل انتمائك الحزبي أوالطائفي لمشيئة أخرين في هذاالاختيارأم أن هذا هوأختيارك عن وعي ٍوقصد ٍ وإصرار ٍ وتصميم ؟
يادولة رئيس الوزراء .. مالذي كنت ستخسرهُ فيما لو كان خِطابُك موجَّها ً لنا،لجميع الناس،وبِنيِّة ٍصادقةٍ،صوناً لكرامتهم الانسانية التي مرَّغَتْها الحروب والدكتاتورية وملاحقات الاجهزة الامنية عقودا ًطويلة ً؟ لكنك شِئتَ أن تكون مُختَصَراً بحزبِكَ،وهولايشكِّل شيئا ًفي حجمه ِوأهميته ِأمام عموم الناس البُسطاء، وبلاشك أنت تعلمُ ذلك جيدا ً.
لقد أضعتَ من بين يديكَ كما هي عادةُ الحكام العرب فرصة ًذهبية ًجاءتك في لحظة عابرة من مَسيرة التاريخ،أشكُّ في أنَّها كانت حاضرة ًولو حتى في خيالك.. لحظة كُنتَ أنت َفيها في أعلى هَرَم السلطة العراقية، وكنّا نحن فيها جميعاً غرقى في مستنقع ٍ من أليأس والاحباط تصطادُنا الشظايا والمفخخات ورصاصات الارهاب وكواتمه . . كان من الممكن أن تكون أنت السبيلٌ الى هذا الامل المُرتجى،وأن تكون عونا ً لنا في محنتنا لا أنْ تكونَ بلوة ًكُبرى تنزل علينا .
يادولة الرئيس . .الاحزابُ في منطقتنا العربية ليست سوى فئات ٍصغيرةٍ ظالّةٍ عن الصوابْ،لاتفكِّرُ إلاّ بنفسِها ومَصالِحِهاوأمتيازاتِها، فَلِم أرتضيتَ أن تكونَ لها ولم تكُنْ لنا ؟
كان عليكَ أن تُدركَ أنَّ :عرش السلطة لن يَبقَ دائما ًوأبدا ًلحزب الدعوة ومن معه في التحالف الوطني َ،حتى لو توهَّموا بذلك، ولاأظنك بحاجةٍ لأنْ أسوقَ لكَ أمثلة ًإثباتا ًوتأكيدا ًلهذا.
أنا أفترض أنَّ تاريخك السياسي الطويل قد أعطاك درسا ً بليغا ً “أنْ لاأحد باق ٍعلى الكرسي” وعاجلا ً أو آجلا ً سيأتي ذلك اليوم الذي سيرحَلُ عنهُ أو يُرحُّلُ عَنهُ عنوة ًمن يجلس مُسترخيا ًومُنتشيا ًعليه. . لكنني ومن وقائع ماشهدناه من أخطاء كارثية جاءت منكَ ومِن حزبك الحاكم،أجِدكَ لم تفكر ولو للحظة بالساعة التي سيأتي فيها أوان الرحيل،لانَّك وكما يبدو جليا ً مازلت تحيا نشوة َمُنتَصِر ٍوجَدَ نفسه فجأة يتقدمُ في ساحة ِالمعركةِ أمام جيش ٍمُثقلٍ بالجراحْ.
دولة الرئيس .. فقط العُقلاء هم من يملكونَ الحِكمةَ َساعة َالنصر ليجدوا لأنفسهم فسحة ًمن الوقت حتى يفكروا بساعة ٍ قادمةٍ يحينُ فيها موعدالرحيل عن العرش،ولاأظنك بعد كل الذي رأيناه مِنكَ طيلة الاعوام السبعة اثناء حُكمِك للبلاد قد فكرت بها مطلقا،ولو كنتَ فعلا قد فكَّرتَ بها لجنَّبت البلاد ماهي عليه الان َمن بؤس ٍوماهي مُقدِمَة ُعليه من إيامٍ قد تكون هي ألأشَدّ صعوبة مما مضى،ولن تكون شدَّتها وقسوتها واقعة على الناس وحدهم، بل ستكون أولا ًعلى مَن سيحكُمها من حزبكم بعد رحيلك.
المشهد المُهلِك الذي رسمتَهُ بنفسِك لنفسِك ولشعبِك ولبلدِك بلاشك ِّختامهُ لن يبعث فيكَ المَسَرَّة،ولن تكونَ بأحسَن ِحال عمَّنْ سبقوك الى كرسي الحكم ، وستكون أنتَ محشوراً في الزاوية الضيّقة التي كنتَ قابعاً فيها طيلة حكمك غاضبا ًومُتجهِّما ًومُشيحا ًبوجهِك عن عموم الناس،بينمااحتفظتَ سراً بأبتسامة عريضة لأفراد حزبك حصراً،لأنك ظننت مُتوهماً أنهم قارب النجاة لك في الدنياوالآخرة، وهم في الحقيقة ليسوا سوى حفنة ٍمانفكّت ماضية في إغراقك بوهم ٍزائف من الشعور بالقوة والسلطان،ولن يدعونَك أبدا ً تصحو منه إلا ّبعد أن تسقط من على العرش لتجِدَ نفسكَ على الارض مُحطّما ًولاأحد َ مِنهم حولك.
لك الآن ــ وانتَ في الايام ِِالاخيرة من عُمرالولاية الثانية ــ أنْ تقفَ أمام ذاتِك كاشفا ًومٌحاسبها لها على أخطاءها، ثم عليك أنْ تقِفَ بعدَها بكل وضوحٍ وشجاعةٍ لِِتُقِرَّ بها أمام شعبك،عندها ستحظى بالتصالح مع ذاتك، وبالطمأنينة التي طالما افتقدتَّها طيلة عمرك، ولتحظى بلاشك بمغفرة الشعب لأخطائك،وأنت هنا لن تخسر سوى حفنة من الكذابين كانوا دائما يدورون حولك.
فهل ستفعل أم ستبقى آسير سياساتٍ حزبية ٍمريضةٍ صاغها إنتهازيون ومنافقون . ؟