المتابع للمشهد والواقع العراقي الساخن المتفجر وما آل إليه وضع الشعب والمصير المجهول الذي ينتظره,يرى هذا المتابع وحتى المواطن العادي,
إن الأمر وصل الى مفترق طرق,بعد عشرة سنين من الدماء والخراب والتجاوز على المال العام وعلى ممتلكات الدولة وعدم التوافق بين سياسيين المفروض أن يكونوا ممثلين لشرائح المجتمع وأمينين على مصالح الشعب.
لم يعد هناك أمل أن تُحَل أي أزمة. والأمور تتفاقم ووصل بالبعض لحد التهديد بالسلاح. فلم يعد هناك وجود فعلي لحكومة مشاركة وطنية .لا بل لم تعد هناك عملية سياسية بمعنى السياسة والتشارك والتوافق . يرفض الأكراد وجود دولة المالكي على رأس السلطة ويرفضه السنة أيضاً.ولا أمل بإنعقاد مؤتمر أو إجتماع للكتل للتسوية, وخاصة بعد أن وصلت صحة الرئيس طالباني لعدم المقدرة على رعاية أي إجتماع ولم يعد متمكناً من القيام بمهام الرئاسة.كما إن ماحدث من تظاهرات وإعتصامات في مدن عدة من العراق أكدت إن الأمور وصلت الى مفترق الطرق.
بعد كل هذا وبعد ان لم يتقدم دولة رئيس الوزراء المالكي بأية حلول مقنعة لأزمات البلاد المتعاظمة.بل تعاظم الصراع, ولم ينجح في إقناع الأمة بأي أمر, وخاصة قضية صفقة الأسلحة الروسية التي قال عنها دولته إنه لم تكن هناك أية صفقة. ولم يتم التوقيع عليها. ولكنه لم يبرر إستلام مسؤولين عراقيين رشى تقدر بملايين الدولارات لقاء تمرير هذه الصفقة. ولم يوضح لنا من هم. ومن هدد وزارة الدفاع بالسكوت وتمرير الصفقة ؟ كما لم يقتنع الشعب بما ورد على لسان دولته من أن قضية البنك المركزي العراقي سارت بشكل قانوني صحيح. حيث لم نعلم لحد الآن من هم الذين سرقوا ملايين الدولارات بل المليارات. وما قصة إتهام أحد النواب في لجنة النزاهة بتقديم 5 ملايين دولار رشوة لغلق القضية. ومَن حاول ان يرشي الدكتور قصي السهيل ب 10 ملايين دولار التي رفضها الدكتور قصي؟ وما هي الأجراءات والعقوبات؟ وأين هي المحاكم التي باشرت في هذه القضية ؟والشعب يراقب بذهول الفضائح والفساد الذي نخر جسد البلاد.
بعد كل هذا الفشل لحكومة المحاصصة وذهاب فرقاء رئيسيون للتهديد بإستخدام السلاح أو الإنفصال. فلا مفر من خيارين الأول بقاء السيد المالكي رئيساً للوزراء. وهذا يعني إنقسام العراق وتشظيه. والثاني إستقالته من هذا المنصب. وهنا يضطر الفرقاء للجلوس الى طاولة الحوار والخروج من المأزق والكرة في ملعب دولته هل يختار المنصب أم العراق؟
ومن المُنصف ان نقول إن السيد المالكي ليس هو المسؤول وحده عن كل فشل حكومة المحاصصة, بل كافة الوزراء وكافة الكتل, سيّما إن هذه الكتل رشحت وزراء فاشلين عن قصد وتعمد, ليست لهم كفاءة, ولا يد نظيفة. ولكن السيد رئيس الوزراء هو من قبل بتشكيل مثل هكذا حكومة, رغم ترهلها وعدم لياقة غالبية وزرائها. و كان عليه ألا يرتضي هذا, أو يقدم إستقالة الحكومة بعد ن تأكد له فشلها .وإن ضرراً كبيراً سيلحق بالعراق وطناُ وشعباً إن إستمر وجود هذه الحكومة.لكنه آثر الإبقاء عليها ويلومه غالبية الشعب على ذلك ,لأنه يعني تفضيل دولته السلطة على المصلحة العامة.مع علمه علم اليقين إنها حكومة عاجزة مشلولة غير كفوءة.ومع كل ما ذكر, فإن دولة رئيس الوزراء مسؤول دستورياً عن أداء أي وزير. لأن من صلاحياته الطلب من مجلس النواب سحب الثقة من هذا الوزير أو الطلب من كتلته تبديله بوزير آخر. ولكنه لم يفعل هذا مع الأسف,ولم يطلب تبديل أي وزير أو يسحب الثقة منه.وهذا يعني رضاه عن أداء هذا الوزير.
ومن الأمور التي يؤاخذ السيد المالكي عليها هو إحاطته بمستشاريين لم يقدموا له النصح الكافي,بل العكس. وكان هذا ربما لعدم كفاءتهم أو إنهم يريدون إفشال الرجل طمعاً بالمنصب.كما إن قيادة حزبه لم تساهم المساهمة الكافية في أية حلول. وربما كان هذا لحداثة تجربتها في الحكم .فلو أشار المستشارون أو كادر حزب الدعوة او الوزراء المشاركون على السيد المالكي بأن يكون للمواطن الخيار بأن يتسلم الحصة التموينية أو تعويضاً مالياً, لم تكن هناك أزمة ؟علماً إن قيمة ما يوزع لا يزيد عن 12 ألف دينار. وإن مياه الأمطار الأخيرة التي كشفت عورة الدولة العراقية,الدولة التي يحتل فيها 5000 صاحب شهادة جامعية مزورة مناصب مرموقة بشهادة النائب جعفر الموسوي. دولة أغرقت مياه أمطار بغداد و معظم مخازن وزارة التجارة. وغرق معها معظم الخزين. فهل أشار هؤلاء المنتفعون على دولة رئيس الوزراء بتكليف لجنة من المهندسين الكفوئين البعيدين عن السياسة والأحزاب بتقديم دراسة لأصلاح حال بغداد المنكوبة, ووضع مخطط لأعادة بنيتها التحتية؟ إن ما حدث في بغداد جراء الأمطار لو حدث القليل منه في أية مدينة بالعالم لإستقالت الوزارة بكاملها ولَفُتحَ التحقيق مع جميع المسؤولين. لكن الأمر في العراق مختلف.فقد مرَّ مرور الكرام.دون أي إجراء.وكان أبسط إجراء ينتظره البغداديون عزل محافظ بغداد وحل حكومتها المحلية وإلحاقها بمجلس الوزراء أو إدارتها عسكرياً بإعتبارها مدينة منكوبة وكان الأجدر برئيس الوزراء إلقاء الكادر المتقدم في أمانة العاصمة ومحافظة بغداد في التوقيف تمهيداً لمحاكمتهم .وكان الأجراء الصحيح تقسيم بغداد الى أمانتين واحدة للرصافة وأخرى في الكرخ, تدار مؤقتاً من قبل الهندسة العسكرية.ولكن لم يتم شيء. فهل هذا إحتقار للبغداديين؟ لو إن السيد المالكي شكل حكومة أغلبية لا حكومة محاصصة ,وكانت هناك معارضة برلمانية فعالة إيجابية لا تتصيد الأخطاء أو مولعة بإختلاق الأزمات لكان حال العراق افضل. أيغيب عن ذهن دولة الرئيس إنه إن قال حاصل جمع 1+1=2, لخالفوه؟هل تيقن دولة الرئيس إن بغداد عاصمة العراق ومرآته تحولت الى خربة ومزبلةٍ بفضل أُميين إختارهم لمناصب هامة فيها, بعد أن تمت تزكيتهم من الحزب والكتل المشاركة والمتصارعة على الغنيمة. فلو تجول دولته مساءً بشكل خفي أوأرسل شخصاً أميناً الى إحدى المحلات السكنية البغدادية العريقة لرأى بأم العين ماذا جرى لبغداد وأهلها. ومَن المتسبب في إيذائهم بهذا الشكل وجعلها مكب نفايات تطفح بالمياه الثقيلة. وتسرح وتمرح فيها الكلاب والقطط السائبة. لَعرف إن مستشاريه ومن إختار عبثوا ببغداد وأساموا سكانها الويل والعذاب.هل تحقق دولة رئيس الوزراء مما وصلت إليه ثروة مسؤوليها وممتلكاتهم وممتلكات ذويهم ومن أين جاءت هذه الثروة وكيف؟ لقد تحدث القاصي والداني بالسر والعلن عن هؤلاء وفضائحهم وسوء ذمتهم. فهل يقبل دولته تحمل مسؤولية هذا ويرتضيه, ولماذا؟ أيكفي أن يكونوا من كوادر حزب الدعوة لتولي هذه المناصب وللسكوت عنهم رغم عدم مقدرتهم وإنعدام كفاءتهم. ولهذا وكتحصيل حاصل لقد فشل دولة السيد المالكي أو أُفشِل والحكمة و الوطنية وغيرة الإسلام تدعوه للتنحي, وإلقاء الكرة في ملعب الكتل السياسية . ليروا كيف يُخرجون البلاد من وحل الحاضر ومأزقه. وإنقاذها من المجهول .الذي سيكون تقسيم العراق أقلَّ مافيه.وهنا يكون إمتحاناً لهذه الكتل. وسينفضح أمر المساومين ومنفذي الأجندات الأقليمية والدولية, ومثيري الفتن الطائفية. إن من عجائب الأمورأنَّ كل الأحزاب والكتل السياسية تقول بعدالة مطالب المحتجين ودستوريتها. وتطالب السيد المالكي بتنفيذها. ولكنها متمسكة بالمناصب فهل المناصب أهم من العراق وشعبه؟
ولا نظن دولة السيد المالكي إلا الحصيف الحكيم الواعي الذي سيُقَدِر الموقف ويستمع للحكماء, بعد أن يدير ظهره لمن لم يُصْدِقه القول والنصح. وينقذ العراق من الأحتراب أو التقسيم.ويُقدم إستقالته.وسيكون التأريخ هو الحكم وهو من يكتب سِيَر الرجال.الله الله بالعراق والعراقيين فهم أولى من المناصب.
[email protected]