مر العراق في ستينيات القرن الماضي، وتحديدا قبل البدء بتصفية الأحزاب بعضها البعض، بفترة تكاد تكون مشابهة لهذه الفترة من ناحية التعددية الحزبية، فتجد في الشارع الشاب المتدين والشيوعي، والمحجبة والسافرة، وكل طرف يحاول ان يثبت نفسه، من خلال شعارات وتصرفات يبين فيها هويته، ونوع الحكم الذي الذي يريده للبلاد.
أكثر الشعارات شيوعا في حينها، تلك التي كان يروج لها الشيوعيين، لكونها كانت تخاطب غريزة الشباب وميولهم العاطفية، من هذه الشعارات (ماكو مهر بس هل شهر) و(الي ما يشرب عرگ ما عندة شخصية) وغيرها من الشعارات، التي كان لها اثر بالغ في الشارع، وخصوصا من قبل الشباب، مما اضطر المرجعية الدينية للتدخل، كما هو تكليفها، ان أدركت ان العراق والشباب العراقي يتعرض لمنحدر خطير، ربما يؤدي الى اللاعودة.
اليوم ونتيجة للتطور الحاصل في وسائل التواصل الاجتماعي، وما احدثته ثورة التقنية الالكترونية، أصبحت الشعارات المباشرة غير منتجة، بل وحتى مستهجنة من قبل الشارع العراقي.
فأصبح لزاما على أصحاب هذه المدارس ابتكار طرق جديدة للتواصل مع عقول الشباب، وبالخصوص ان اغلب البيوت العراقية، أصبحت خطوط الانترنيت لا تنقطع عنها، بل وصار معيبا عدم توفرها في البيت.
هذه الحقيقة أدركها أعداء الدين قبل المتدينين بفترة كبيرة، فأخذوا يعدون العدة، ويروجون لأفكارهم القديمة، لكن بطرق تتماشى مع التطور الحاصل في التقنية.
منها تبسيط العلاقات الغير مشروعة بين الرجل والمراءة من خلال وسائل الاتصال المتعددة، بحجة انه مجرد عالم افتراضي، تتكلمين مع شخص لا يعرفك، وانت لا تعرفينه أيضا، ليشتكي كلا منا للأخر همومه، وأقناع الشباب بأن هذا الأمر طبيعي، ولا يعد خيانة، حتى يتطور الامر شيء فشيئا ليصبح ادمانا، او يؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها.
ان ظاهرة العلاقات بين الرجال والنساء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، اخذت تزداد كثيرا، وكل الخشية ان تتحول من ظاهرة الى حالة مقبولة وغير مستهجنة في مجتمعنا، بالخصوص ان ردة فعل الشارع العراقي، لم تكن بالمستوى المطلوب وأن (الاسرة العراقية) متقبلة لهذا الأمر، وكأنه بات من المسلمات او امر واقع، تماما مثل الملابس الغريبة التي يرتديها شبابنا اليوم.
ربما التيارات العلمانية قد نجحت هذه المرة من خلال ممارسة دور الضحية، وعدم التمكين من ناحية، وتشويه سمعت الاسلاميين من خلال عكس صورة فشل إدارة الدولة من خلالهم من ناحية أخرى، ناهيك عن استغلال العنصر الأكثر تأثيرا، وهو غريزة الشباب
بالإضافة الى ضعف حجة الإسلاميين، وعدم إمكانية تغطية مساحتهم بالصورة الصحيحة، وعدم امتلاك الحجة بأقناع الشباب، بأن ما يحصل هو خارج ارادتهم، وان الفاسدين لا يمثلون الإسلام انما المتأسلمين.
جعل الشباب عجينة طرية بيد التيارات التي تؤمن بالتفسخ والانحلال المجتمعي، الذي لا تجد نفسها الا من خلاله، فأخذت توجهه وتصنع به ما تشاء وكيف تشاء
يجب ان تكون هناك وقفة جادة من قبل الدولة، والمؤسسات المعنية بالشأن العراقي
لإعادة بناء المجتمع العراقي، بناء ينسجم مع ما يحمله هذا الشعب من اعراف وقيم نبيلة، وما يمثله من مجتمع متدين، يرفض التصرفات الشاذة والدخيلة عليه.