خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تدخل العلاقات “التركية-اليونانية” فصل جديد من التوترات، حيث أعلن وزير الخارجية التركي، “مولود جاويش أوغلو”، الخميس 7 حزيران/يونيو 2018، وقف العمل باتفاقية إعادة قبول اللاجئين مع اليونان، بسبب إطلاق اليونان سراح 4 جنود أتراك كانوا قد فروا إليها بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016.
الجنود الأربعة خرجوا من السجن، يوم الإثنين الماضي، بعد إنتهاء أجل أمر بتمديد احتجازهم. ولم يصدر حتى الآن قرار بشأن طلباتهم للجوء.
ولم يتوقف الأمر عند وقف العمل بالاتفاقية فقط، وإنما قررت الحكومة التركية إرسال طائرات إلى المجال الجوي اليوناني، في إشارة واضحة للرد على قرار القضاء اليوناني بإطلاق سراح الضباط الانقلابين.
اتهامات بإيواء إرهابيين..
حلق سرب طائرات تركية، من طراز (F-16)، على ارتفاع منخفض فوق جزر بحر “إيجه” اليونانية لأكثر من 20 دقيقة، الثلاثاء، حيث اتهمت تركيا، اليونان، بـ”إيواء الإرهابيين”.
وقال الأدميرال المتقاعد، “فاسيليوس مارتزوكوس”: “ينبغي النظر في الإنتهاكات الجوية، والوقوف في وجه طموحات تركيا للهيمنة على المنطقة”.
أمر مرفوض..
ونقلت قناة (تي. آر. تي) التركية، عن “أوغلو”، قوله: “ما قامت به اليونان أمر مرفوض. إن اليونان عانت في السابق الكثير من الانقلابات. وثمة ضغوط كبيرة جدًا يمارسها الغرب على اليونان، ولا سيما على الجهاز القضائي اليوناني”.
وأضاف قائلاً: “وثمة إتفاقية سارية بيننا وبين الاتحاد الأوروبي بشأن المهاجرين. كما هناك إتفاقية ثنائية بين تركيا واليونان في مجال إعادة قبول اللاجئين. ولكننا قررنا تجميد تطبيق هذه الإتفاقية”.
وشدد “أوغلو” على أن هذا القرار لن يكون الأخير في حق اليونان، مضيفًا: “أعمالنا ستستمر إزاء اليونان”.
وتلتزم تركيا، وفق الإتفاقية، استقبال كل لاجيء وصل منذ 20 آذار/مارس 2016 إلى اليونان، وفي المقابل يلتزم الاتحاد الأوروبي باستقبال لاجيء سوري شرعي بدلًا عن كل لاجيء يتم إعادته إلى تركيا، وتمويل مساعدات للاجئين الذين يعيشون في تركيا.
ولم يتم إعادة إلا (1564) لاجئًا خلال العامين المنصرمين، في حين تم قبول (12489) لاجئًا سوريًا من تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي، كانت حصة “ألمانيا” منهم (4313) شخصًا.
السبب في انخفاض أعداد اللاجئين..
وقالت شبكة (دويتش فيله) الألمانية؛ إن هذه الإجراءات البطيئة، المعمول بها في اليونان لإعادة اللاجئين غير الشرعيين لتركيا، من أسباب انخفاض أعداد اللاجئين الذين تتم إعادتهم لتركيا.
“دميتريس أفرامبولوس”، المفوض الأوروبي المسؤول عن سياسة اللاجئين، قال معلقًا على ذلك؛ إن على السلطات اليونانية أن تعزز جهودها في ضوء البيان الأوروبي التركي وأن توفر الموارد الملائمة لضمان إعادة المهاجرين بشكل فعال لتركيا.
وتسببت الاتفاقية في تراجع كبير بحركة تدفق المهاجرين على الرغم من تسجيل وصول مئات المهاجرين في الشهر، وإلى خفض حصيلة حوادث الغرق بعدما قضى أكثر من ألف مهاجر، بينهم العديد من الأطفال، في بحر “إيجه” في 2015 و2016.
تهديدات مسبقة بإلغاء الاتفاقية..
لم تترك تركيا فرصة بين الحين والآخر إلا وتهدد بإلغاء الاتفاقية على خلفية عدم دفع المبلغ المتفق عليه وعدم إلغاء “الفيزا” المفروضة على المواطنين الأتراك الراغبين بالسفر إلى الاتحاد الأوروبي.
بموجب الاتفاقية وعد “الاتحاد الأوروبي” بدفع مبلغ 6 مليارات دولار لتركيا، على أن تذهب تلك الأموال لدعم مشاريع يستفيد منها اللاجئون السوريون في تركيا.
وتشير المفوضية الأوروبية إلى أن الثلاث مليارات يورو المدفوعة؛ تم بها تمويل تعليم نصف مليون طفل. هذا في حين تقول أنقرة إنها لم يُدفع لها حتى الآن إلا مليار و850 ألف يورو؛ وأن تلك الأموال لا تذهب إلى خزينة الدولة التركية.
اليونان رفضت تسليمهم..
يذكر أن العلاقات بين تركيا واليونان توترت منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرضت لها أنقرة، وما أعقبها من هروب عدد من الجنود الأتراك إلى “آثينا”، وكانت أنقرة قد طالبت اليونان بشكل متكرر تسليمهم بزعم أنه كان لهم دور فعال فى المحاولة الانقلابية واتهمتهم بأنهم خونة.
ورد العسكريون على الاتهام بأنهم فروا خوفًا على أرواحهم وأصروا على أنهم لن يحصلوا على محاكمة عادلة عند رجوعهم للوطن.
وكانت المحكمة العليا في اليونان قد قضت برفض تسليم الجنود الذين طلبوا اللجوء السياسي في اليونان قائلة إنهم يخشون على حياتهم في تركيا.
تهديد تركي بإختطاف العسكريين..
وتسببت تصريحات المتحدث باسم الحكومة التركية، بكير بوزداغ”، في موجة كبيرة من الانتقادات من الجانب اليوناني، حيث أشار إلى إمكانية تدخل تركيا لإختطاف العسكريين الفارين، في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز/يوليو 2016 إلى “آثينا”.
وقال “بكير بوزداغ”: “فليفعلوا ما يحلو لهم. إن مهمتنا هي العثور على هؤلاء العسكريين ونقلهم إلى تركيا. سنكون ورائهم أينما ذهبوا. سنقبض عليهم عاجلًا أو آجلًا”.
تلك التصريحات فسرها الجانب اليوناني على أنها تصريح واضح من مسؤول في الحكومة التركية أن هناك إستعدادًا لإختطاف العسكريين اللاجئين إلى اليونان، وترحيلهم إلى تركيا بشكل غير قانوني.
ومن جانبه علق وزير الخارجية اليوناني، “نيكوس كوسياس”، على التصريحات التركية؛ قائلًا: “إن تركيا تعرف جيدًا أن اليونان ليست دولة من الدول التي يمكنها اللعب معها. لن تقدر تركيا على القدوم وإختطاف أحد وترحيله، وليس لها الحق في ذلك؛ ولن نسمح لها بالقيام بذلك”.
يوفر ملاذًا آمنا للانقلابيين..
ثم انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، “حامي آقصوي”، الثلاثاء، اليونان، وقال أنها أثبتت بوضوح أنها بلدٌ يوفر ملاذًا آمنًا للانقلابيين.
وأضاف أن إطلاق بلد يدعي أنه مهد الديمقراطية، سراح شرذمة من الخونة حاولت الإطاحة بالنظام الديمقراطي في دولة مجاورة؛ لا يتفق مع القانون الدولي وحقوق الجوار.
وذكّر “آقصوي”، برفض “آثينا” إعادة الانقلابيين إلى تركيا رغم طلب “أنقرة” إعادتهم عدة مرات؛ مشيرًا إلى أن القضاء اليوناني يتسم بالإنحياز.
وتابع: “أطلقت السلطات اليونانية مؤخرًا سراح انقلابي من أصل 8 فرّوا إليها عقب الانقلاب. وقد علمنا إطلاق اليونان سراح بقية الانقلابيين السبعة خلال الأيام الماضية”.
وشدد المتحدث باسم الخارجية التركية، على أن بلاده مصرة على موقفها بضرورة إعادة الانقلابيين إلى تركيا لتقديمهم إلى العدالة.
كما منحت اليونان حق اللجوء السياسي لأحد العسكريين الأتراك.
توتر العلاقات بسبب التنقيب عن الغاز والنفط..
ليس هذا فقط؛ وإنما شهدت العلاقات توترًا كبيرًا في أعقاب عمليات التنقيب عن الغاز والنفط التي تقوم بها “اليونان” في البحر المتوسط، وما أعقبها من اتفاقيات مع “مصر وإسرائيل”، لإستمرار عمليات التنقيب.