لم أرشح للانتخابات.. ولاأنوي ذلك.. فلم أحب الخوض في السياسة يوما الا من خلال متابعة الاخبار.. الا انني قررت اليوم أن أرشح نفسي من أجلكم.
يجب أن يكون لي برنامج انتخابي بالطبع.. مالذي تريدونه؟
زيادة في الرواتب؟ لقد رفعوا رواتبكم من 3000 الاف دينار كانت لاتكفي لشراء كيلو لحم في زمن الطاغية الى مئات الالاف والملايين، وحتى لو ارتفعت اسعار كل الاشياء، فانتم بحاجة الى ممارسة (كي لاننسى) احد برامج النظام السابق، والترف المبالغ فيه قد يفسدكم.. وانتم شعب يركن الى مبدأ (القناعة كنز لايفنى).
نفط وغاز وبنزين؟.. لقد اختفت الطوابير منذ سنوات.. فما الضير لو تضاعف سعر اللتر عشرات المرات؟
مدارس ونظام تعليمي ومجانية.. و.. و؟ مشاريع طلاء المؤسسات التعليمية مستمرا، ولاأظنهم يرون حاجة الى بناء المزيد طالما ان لدينا صفوفا تكفي لسبعين او تسعين طالبا، فليس هنالك اكثر أصالة من أن يجلس الطالب في نفس المقعد الذي جلس عليه قبله والده وربما جده. كما ان لكل نظام انجازاته التي تميزه وهم ساعون بجدية الى بناء نظام الدروس الخصوصية لدعم المدرس الفقير واختراع قوانين تربوية لانجاح الطالب بالقوة ضمن دور ثاني وثالث وربما رابع.
مستشفيات وادوية.. و.. و.. و؟.. الم تسمعوا عن عشرات المشاريع عن مستشفيات المانية وايرانية وربما هندية، وادوية من مختلف المناشئ حتى أدمن نصف مرضانا المخدرات.
جوامع وحرية العبادة.. و ..؟ أظنكم لن تطلبوا شيئا أكثر، فأيام اللطم منحتكم عطلا رسمية تفوق أيام (الفاو) و (النصر العظيم ) و (توكلنا على الله ثانية و ثالثة) وعيد ميلاد الريس. ثم ان الحظر رفع عن ارتداء العمائم واطلاق اللحى والنقاب وال(بوشي) وكل المحظورات في الزمن الغابر حتى تزعم العديد من رجال الدين الحكومة والمعارضة.
حرية اعلام وفن؟ لاأظن انكم ستجرؤون على طلب الكثير.. لديكم اكثر من 100 صحيفة و50 قناة تلفزيونية واكثر من15 الف عضوا في نقابة الصحفيين التي لم يكن اعضاءها يتجاوزون الثلاثة آلاف. لكنكم مازلتم في فترة الرضاعة وتحتاجون الى تعلم المشي في أروقة حرية الاعلام، لذا يتمتع جمهوركم بانجازات العهد الجديد الذي اتاح له الاسترخاء مع حسناوات الفن التركي والسوري و(ختلات) الفيس بوك.
حرية وديمقراطية؟ انكم ترفلون بها منذ عشر سنوات.. لديكم برلمانا يحمل معظم افراده جناسي اجنبية.. الا يكفي انهم ضحوا بحياتهم العائلية فأودعوا عوائلهم في بلدان اوربا ليكرسوا وقتهم لخدمتكم بين اسوار المنطقة الخضراء؟
ثم ان لكل مواطن الحق في عبور الرصيف عندما يشتد الزحام حتى وان حطم مقرنصات أمانة العاصمة الوردية.. ومن حقكم ارتكاب أية مخالفة مرورية كتعويض عن غلق معظم الطرق الرئيسية والمنافذ والافرع وزرع الاف المفارز والكتل الكونكريتية.
مالذي تبقى لي اذن؟ انكم تنعمون بمنجزاتهم ولم يتركوا لي ماسأدعي انجازه فيما لو رشحت نفسي.
هي الاخيرة.. مايظنونه انجازا.. وماتمخض عن خطة فرض القانون الشهيرة التي وضعت نهاية لما أطلقوا علي حربا اهلية.. رغم انها كانت حربهم ولم يشترك الاهالي فيها سوى كونهم ضحايا.
المفارز.. سيكون برنامجي الانتخابي هو الدعوة لرفع المفارز والحواجز وكل اشكال الكتل الكونكريتية.. فلم يتبق في شوارع بغداد خمسين مترا دون مفرزة.. لاننكر انهم وفروا فرصة للمواطن المجهد ان يغفو لبعض الوقت، ولبعض الشباب بأن يجدوها فرصة لمغازلة الحبيبات في مكالمة خلوية. لاننكر ان المفارز كانت اعظم تمرين (يوغا) لتدريب العراقي على ضبط الاعصاب والتحمل والصبر. ولاننكر ايضا انها وفرت فرصة في اوقات كثيرة لعمليات الارهاب وقتل الجنود وافراد الشرطة. هم يعلمون والكل يعلم بأن مفارزهم ليس لها دور او اهمية في قمع الارهاب بل وجدت لقمع المواطن الذي تخللته دون أن يعلم، فغرست جذورها في عقله ومخيلته حتى بات مسكونا بهاجس الامان.
لن أعدكم بأني سانجح في تحقيق برنامجي الانتخابي.. ولن يكون جديدا عليكم.. فما أكثر وعود المرشحين، ولن اكون بأفضل منهم. لكني أحتاج دعمكم.. أحلم بأن أترجل يوما من سيارتي واحمل معولا لاحطم هيكل مفرزة.. فيتبعني كل الغافين في الطابور لنقضي على كل الهياكل ونسقطها كما أسقطوا الصنم في يومهم المشهود. ولا اخفي عليكم اني فكرت بفعل هذا.. فكلما اقتربت من مفرزة أشعر بدمي يغلي وبرغبتي في تنفيذ حلمي.. لكني أخشى من ان احمل معولي والتفت حولي فلا أسمع سوى صوت منبهات السيارات وأصواتهم (يمعودة مو وكتها.. عطلتينا).. تطالبني بالابتعاد عن الطريق، وربما سيطالبون حرس المفرزة بابعادي، وسيجد هؤلاء عذرا لاقتيادي بتهمة (4) أرهاب.